وقفة مع الطرح الأولي لـ "حلواني إخوان"

[email protected]

على صعيد الاقتصاد العالمي، سيطر التخوف من التضخم العالمي المتنامي جراء ارتفاع الأسعار العالمية للوقود والغذاء على مباحثات وزراء مالية مجموعة الثماني في مدينة أوساكا اليابانية يوم السبت الماضي 14/6/2008، لدرجة أن إشارات للتخوف من تعرض الاقتصاد العالمي لحالة من التضخم الركودي أو الركود التضخمي Stagflation بدأت في الصدور، وإن على استحياء. فارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً بدأ في أخذ مكانة رئيسية في أبحاث الأدبيات الاقتصادية والمالية الصادرة حديثاً، في محاولة لفهم سمات وخصائص الارتفاع المتسارع لأسعار السلع وتأثيراتها السلبية في معدلات النمو الاقتصادية العالمية والوطنية الحقيقية.
أما الاقتصاد السعودي فقد أظهر أيضاً ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والمنتجات الغذائية ومستويات تضخم غير مسبوقة، في حين سيشهد قطاع الصناعات الغذائية ومبيعات التجزئة الغذائية في السوق السعودية طرح شركتين للاكتتاب العام هما العثيم وحلواني إخوان يجمعهما هدف يستنتج بسهولة وهو تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة من خلال تغيير هيكل الملكية، وتفرق بينهما تفاصيل الأنشطة وعوامل المخاطرة وفرص النجاح التي تعتمد على استراتيجيات الأعمال والتوجهات الإدارية بعيدة المدى، حيث إن أسعار مدخلات الإنتاج والتصنيع الغذائية في كلتا الشركتين تعتمد على الاستيراد الذي تشير إلى ارتفاع أسعاره عالمياً المؤشرات الحالية وإلى المستقبل القريب. ولكن، وعلى الرغم من توقع ارتفاع مدخلات العمليات الإنتاجية لكلتا الشركتين نتيجة لارتفاع أسعار السلع عموماً بما فيها مدخلات الصناعات الغذائية في الأسواق العالمية، إلا أن الحكم على تأثير ارتفاع أسعار المدخلات في أداء الشركتين مستقبلاً يعتمد بالدرجتين الأولى والأخيرة على عدة عوامل ترتبط بالعملية التصنيعية أو عمليات البيع وتسعير مخرجات العملية التصنيعية وسلع البيع للمستهلك النهائي.
وبتناول شركة حلواني إخوان، فإن نشرة الإصدار تشير إلى أن 85 في المائة من متحصلات الاكتتاب ستذهب إلى نشاطات رئيسية متعلقة بنشاط الشركة تتضمن شراء مصانع غذائية وإعادة تأهيلها، توسيع خطوط الإنتاج وتطوير الأنشطة الصناعية، والتعاقد على تصنيع وتوزيع منتجات الشركة في الأسواق الغربية والآسيوية، بينما من المخطط استخدام نسبة الـ 15 في المائة المتبقية من متحصلات الاكتتاب لتسديد ديون شركة حلواني مصر البنكية بواقع 10 في المائة واستثمار نسبة 5 في المائة من المتحصلات للاستثمار تبعاً لتعاليم الشريعة الإسلامية. لذا، فنشرة الإصدار تشير إلى أن أحد الأهداف الأساسية للطرح الأولي يتضمن التوسع في العمليات الإنتاجية والتسويقية بافتراض مبطن بأن سير العمليات لن يتأثر بارتفاع أسعار المدخلات أو أن مخرجات الإنتاج ستجاري أي تغيرات وتذبذبات تؤثر في الميزات التنافسية التي يتم التوسع بالاتكاء عليها مع افتراض استمرار هوامش التكلفة والربحية على ما هي عليه جراء اتخاذ قرارات إدارية تضمن تحقيق استراتيجية التوسع.
فبتناول إيجابيات الشركة التي أوردتها نشرة الإصدار، وعلى الرغم من الميزات التنافسية العديدة التي تم إيرادها بما فيها الخبرة، المواصفات العالية، الأبحاث التسويقية، وشبكة التوزيع المحكمة في السوقين المصرية والسعودية، إلا أن النشرة لم تتطرق من ناحية الميزات التنافسية إلى الجوانب المستقبلية للميزات التنافسية وعوامل الكفاءة والنشاطات التي يمكن أن تخفض تكاليفها، وهي التي تحدد في نهاية المطاف القيمة المستقبلية عند تقييم أسهم الشركة. فالميزات التنافسية التي تم إيرادها تميزت بالعموميات في الحرص على الجودة والتميز والخبرات بجانب السرد التاريخي للمصانع والمبيعات في السوقين السعودية والمصرية وأرقامها.
فمن نافلة القول، إن أي تقييم لأصل مالي كأسهم شركة حلواني إخوان يجب أن يبنى على التوقعات المستقبلية وتحضيرات وخطط الشركة للمنافسة. ولتحقيق ذلك، يجب أن تتضمن الميزات التنافسية القدرات المستقبلية وتقديرات معدلات الكفاءة بجانب ما يميز الشركة عن غيرها من المنافسين لتكون مغرية للاكتتاب والاستثمار بعيد المدى، فالاستثمار يبنى على المستقبل وتوقعات الأداء في السنة المالية المقبلة لا الماضية دون أن نبخس حق الإنجازات التاريخية التي دون شك تحتل جزءاً معتبراً من التقييم للأصل الاستثماري.
فمن إيجابيات شركة حلواني التي لم توردها نشرة الإصدار هو معرفة التفضيلات الغذائية وموسميتها، ارتفاع استهلاك منتجاتها، وعلى الخصوص الحلاوة الطحينية على المدى القصير، الذي قد يصل إلى المدى المتوسط ومدى وجود بدائل للمنتجات، انعدام وجود المنافس الدولي المتخصص الذي قد يستفيد من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية لينافس في تصنيع الطحينية أو حلاوة الطحينية، التي تعد من المنتجات الرئيسية للشركة، وربط أداء الشركة بالأسعار العالمية وتوجهاتها. فاستهلاك المنتجات الرئيسية للشركة يعتمد بالدرجة الأولى على التفضيلات الغذائية وموسميتها، نظراً لارتفاع استهلاك المواد الغذائية التي تنتجها في شهر رمضان المبارك في السوق السعودية، مما يخلق نوعاً من الموسمية في الدخل والأرباح كان من الواجب ذكرها في النشرة. أما من ناحية عدم وجود المنافس العالمي، فإن كبرى الشركات الغذائية الأمريكية والأوروبية العاملة في دول الخليج مثل "يونيليفر"، "بست فودز"، و"نستله" لم تدخل في ميدان عمل الطحينية وحلاوتها، وهو ما يضمن الإبقاء على ميزة تنافسية لم تتأثر بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وبالنسبة إلى ربط أداء الشركة بالأسواق العالمية، فالسؤال يبقى ما مكانة منتجات الشركة مع ارتفاع المستوى العام للأسعار الغذائية وماذا سيكون أداء منتجات الشركة حينها؟
وبالولوج إلى المخاطر، فإن المؤمل من الشركة بأن تدرج الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية كميزة أكثر من كونها مخاطرة، حيث إن المخاطرة الحقيقية التي لم تذكر هي في بروز منافسين جدد غير "المراعي"، "أبار وزيني"، و"أمريكانا" وقدرتهم التسويقية والترويجية، بل في وصول المنافسين إلى مناطق توفير مدخلات الإنتاج التي قد تخفض تكلفة المنافسين مقارنة بتكلفة الشركة بما ينعكس على الحصة السوقية، أخذاً في الاعتبار مرونة الطلب على المنتجات الرئيسية وطبيعة ضعف الولاء للعلامة التجارية لهذه المنتجات. فوصول أي من المنافسين إلى عقود توفير مدخلات إنتاج أقل تكلفة ومساوية في الجودة سيؤثر حتماً في توازن القوى التنافسية والحصص السوقية.
وختاماً، كان من المتوقع أن تقوم أبحاث السوق في نشرة الإصدار بتوفير معلومات إضافية تتعلق بالبدائل الاستهلاكية والمكملة في كلتا السوقين السعودية والمصرية. بل إن الأكثر أهمية هو أن يتم توفير سيناريوهات للتعامل مع ارتفاع مدخلات الإنتاج بتوفير هامش الكفاءة والخطوات التي يمكن اتخاذها مع ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وتغيرات الطلب الكلي تبعاً لذلك، بجانب إيراد حالة مرونة الطلب من السوق الاستهلاكية لتوفير صورة مستقبلية لأداء الشركة مع تغير الأسعار وتحركات هيكلة السوق ككل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي