الصين تتجه للحد من الائتمان وجعل العملة أكثر مرونة لتهدئة النمو الاقتصادي وكبح التضخم
أغلقت الأسواق العالمية متباينة في أدائها هذا الأسبوع. وحتى مع علامات الركود التي أصبحت مؤكدة تقريبا وانخفاض عدد الوظائف بمستوى غير متوقع لأول مرة لأكثر من أربع سنوات، فقد حققت الأسواق الأمريكية والأوروبية أفضل أداء أسبوعي لها للعام الجديد. غير أن الأسواق الآسيوية سجلت انخفاضا بسبب الخوف من انخفاض الأرباح. وقد سجلت مؤشرات "داو جونز" و"إس آند بي 500" و"ناسداك" قفزة بنسبة 4.4، 4.9, 3.8 في المائة هذا الأسبوع. وانسجاما مع مجريات الأحداث في الاقتصاد الأمريكي فقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 2.7 في المائة. وقد سجل السوق الصيني أكبر انخفاض بنسبة بلغت 9.3 في المائة، تلاه سوق هونج كونج المجاور بنسبة 4.0 في المائة، بينما انخفض السوقان الياباني والهندي بنسبة ضئيلة بلغت 1.0 و0.7 في المائة على التوالي.
الولايات المتحدة
خفض عدد الوظائف في أمريكا بصورة غير متوقعة ولأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات بنحو 17 ألف وظيفة في كانون الثاني (يناير) بعد أن كان قد ارتفع بنحو 82 ألف وظيفة في كانون الأول (ديسمبر), مما يزيد من مستوى التوقعات بأن الاقتصاد سيبدأ في دخول نفق الركود ويزيد من احتمالات إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى الشهر المقبل. ويعد التوظيف، إلى جانب مستويات الأجور والإنتاج والمبيعات، أحد المؤشرات المهمة التي تساعد على تحديد بداية تراجع مستويات النمو الاقتصادي. ويفرض هذا الانخفاض في النشاط الاقتصادي، تهديداً إضافياً لإنفاق المستهلكين الذي يمثل نسبة 70 في المائة من اقتصاد البلاد بعد أن تضررت الأسر بالفعل من جراء هبوط معدلات مبيعات المساكن وقيمة الأسهم.
علاوة على ما تقدم، فقد أعلنت شركات فورد للسيارات وكرايسلر ومعظم شركات صناعة السيارات الآسيوية، أن مبيعات السيارات في السوق الأمريكي انخفضت في شهر كانون الثاني (يناير) مما يجعل هذه الصناعة تسير في اتجاه انخفاضي للسنة الثالثة على التوالي. إن انخفاض خمس من مجموع أكبر ست شركات سيارات على مستوى أمريكا أدى إلى انخفاض بنسبة 4.3 في المائة لهذه الصناعة, مما عزز من التنبؤات التي أشارت إلى أن مبيعات السيارات ستنخفض هذا العام إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1998. وعلى عكس ذلك، فقد أعلنت شركتا إكسون موبيل وشيفرون، أكبر شركتين للنفط في الولايات المتحدة، عن تحقيق ارتفاع في إيراداتهما بعد أن عوضت أسعار النفط الخام القياسية عن الانخفاض في كمية الإنتاج بل زادت عن ذلك.
ورغماً عن علامات الركود التي بدأت تلوح واضحة في الأفق، فقد سجلت مؤشرات "ستاندرد آند بورز 500" و"داو جونز" و"ناسداك" المركب أعلى ارتفاع أسبوعي لها خلال العام الجديد 2008 مدعومة بخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بمعدل 0.5 نقطة أساس هذا الأسبوع. وقد سجل مؤشر "إس آند بي 500" أعلى ارتفاع من بين المؤشرات الثلاث بنسبة بلغت 4.87 في المائة ليصل إلى 1.395.42 نقطة. وقفز مؤشر "داو جونز" بنسبة 4.39 في المائة ليصل إلى 12.743.19 نقطة بينما ارتفع مؤشر "ناسداك" المركب بنسبة 3.75 نقطة وبلغ 2.413.36 نقطة.
أسيا
هبطت معظم الأسهم الآسيوية للأسبوع الخامس على التوالي وبذلك أكملت أطول فترة خسائر لها منذ أكثر من ثلاث سنوات على أثر المخاوف من دخول الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في دوامة من الركود. وقد سجلت الأسواق الآسيوية أداء منخفضاً بدرجات تفاوتت بين 9.3 في المائة في الصين و0.6 في المائة في الهند.
انخفضت الأسهم اليابانية بعد أن أعلنت البنوك عن تحقيق أرباح منخفضة نظراً للخسائر التي تكبدتها في استثماراتها في الرهونات العقارية عالية المخاطر, كما أعلنت شركة سوني عن خفض توقعاتها للأرباح. وسجلت مجموعة ميتسوبيشي يو إف جي المالية، أكبر بنك في اليابان من حيث القيمة السوقية، خسائر بنسبة 3.7 في المائة، بينما انخفضت أرباح ميزوهو فاينانشال جروب، ثالث أكبر بنك، بنسبة 5 في المائة، بعد أن دفع تقرير "ميزوهو" عن أرباحهما مجموعة HSBC القابضة على خفض تصنيفها الائتماني لمجموعة ميزوهو. من جانب آخر، سجلت شركة سوني أكبر انخفاض في الأرباح منذ أكثر من خمس سنوات تقريباً. وكانت الخسائر محدودة نظراً لشراء المستثمرين أسهم الشركات التي كانت أقل تأثراً بالتباطؤ الاقتصادي في أمريكا إذ أدت الأرباح المرتفعة إلى تحسين المناخ العام في السوق والحالة النفسية للمستثمرين. وقد خسر مؤشر نيكاي بنسبة 0.97 في المائة هذا الأسبوع مسجلاً بذلك الأسبوع الخامس من الانخفاض في أطول سلسلة خسائر له بدأت منذ آب (أغسطس).
ربما تتخذ الصين مزيداً من الإجراءات للحد من نمو مستويات الائتمان هذا العام وتجعل عملتها أكثر مرونة في محاولتها الرامية لتهدئة معدلات النمو الاقتصادي ودرء أخطار التضخم، حيث أدى خفض الحكومة الأمريكية أسعار الفائدة إلى تقليص المجال أمام البنك المركزي لاستخدام أسعار الفائدة كأداة لتعديل مستويات الطلب المحلي. وقد رفعت الصين أسعار الفائدة ست مرات خلال العام الماضي, وذلك لتهدئة الاستثمارات في قطاع العقارات والمصانع التي تحرك النمو الاقتصادي بنسبة 11 في المائة على الأقل. وقد سجلت أسعار العملات ارتفاعاً بنسبة 1.6 في المائة هذا العام، أي بأكثر من ضعف معدلها خلال الفترة نفسها من عام 2007. هذا، وقد انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 9.26 في المائة مسجلاً أكبر هبوط على مستوى جميع المؤشرات الآسيوية.
تمشياً مع الاتجاه السائد في الصين المجاورة، فقد تراجع مؤشر هونج كونج القياسي بنسبة كبيرة بلغت 3.98 في المائة ليغلق الأسبوع عند مستوى 24.123.58 نقطة. وقد أظهر مؤشر هانج سنج مستوى عاليا من التذبذب خلال التعاملات الأسبوعية.
على غير المتوقع، تصاعد التضخم في الهند لأعلى مستوى له منذ خمسة أشهر, ما يبرر القرار الذي اتخذه البنك المركزي الهندي هذا الأسبوع بالابتعاد عن خفض أسعار الفائدة. وقد هبطت الأسواق الهندية بدرجة طفيفة هذا الأسبوع بنسبة بلغت 0.65 في المائة وأغلقت عند مستوى 18.242.58 نقطة.
أوروبا
حققت الأسهم الأوروبية أول ارتفاع لها هذا العام عقب شراء شركة الكوانكوربوريشن وشركة ألمنيوم الصين حصة في مجموعة ريو تنتو, مما زاد من التوقعات بأن الصناعة ربما تكون مرشحة للازدهار، هذا إضافة إلى العرض السخي الذي تقدمت به شركة مايكروسوفت لشراء شركة ياهو, ما زاد من التوقعات بحدوث مزيد من عمليات الدمج بين الشركات. وقد قفز مؤشر فاينانشيال تايمز 100 هذا الأسبوع بنسبة 2.73 في المائة ليغلق عند مستوى 6.029.20 نقطة.
أسعار العملات
باستثناء الجنيه الاسترليني الذي ارتفع مقابل الدولار بنسبة 0.91 في المائة فقد انخفض الدولار مقابل جميع العملات الرئيسية الأخرى هذا الأسبوع عقب إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض سعر الفائدة القياسي بمعدل نصف نقطة مئوية إلى 3 في المائة، وأشار إلى احتمال أن تكون هناك حاجة إلى مزيد من الخفض في تكاليف الإقراض. وقد سجل الدولار الأسترالي ارتفاعا أمام جميع العملات الرئيسية مع ازدياد مزايا العائدات على الدولار الأمريكي. ولهذا السبب نفسه ارتفع الدولار الكندي أمام جميع العملات التي غطاها هذا التقرير ما عدا الدولار الأسترالي. وقد انخفض اليورو مقابل الدولار الأسترالي والدولار الكندي فقط وارتفع بنسبة 0.81 في المائة وبنسبة 0.60 في المائة مقابل الدولار والين. هذا، وقد هبط الجنيه الاسترليني أمام جميع العملات الرئيسية على أثر توقع خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة هذا الشهر لحماية الاقتصاد.