دروس من "سوسيتيه جنرال": فضيحة الاحتيال قد تهز أي بنك في أي وقت

دروس من "سوسيتيه جنرال": فضيحة الاحتيال قد تهز أي بنك في أي وقت

رغم كل برامج الكمبيوتر المعقدة والاختبارات النفسية بل والبواعث الأخلاقية يمكن للمتعاملين المحتالين الذي يبرمون صفقات دون علم رؤسائهم أن يهزوا مؤسساتهم في أي وقت وفي أي مكان.
وأوضح مارك راش المستشار لدى شركة إف. تي. آي الاستشارية الذي كان يدير وحدة جرائم الكمبيوتر في وزارة العدل الأمريكية في السابق كل العوامل التي تصنع متعاملا عظيما يمكن أن تصنع محتالا عظيما أيضا، بل إن راش الذي ساعد في تهدئة أسواق المال الأمريكية بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 يخشى من الفزع الذي قد يتسبب فيه متعامل منفرد بأكبر بنوك وشركات الأوراق المالية في العالم.
وأضاف هارفي بيت الذي كان يرأس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية عامي 2001 و 2002 ما من نظام معصوم من الخطأ، فالخوف من إمكانية وجود متعاملين محتالين يلازمك طول الوقت.
وأسباب القلق جلية فالمصرفيون، المنظمون والمستثمرون شعروا بالصدمة للكيفية التي تمكن بها موظف من المستوى المتوسط من إبرام تعاملات في الأسهم غير مأذون له بها أدت إلى خسارة بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي 7.2 مليار دولار وتسببت في هبوط الأسواق الأوروبية.
وبين مستشارون في إدارة المخاطر ومسؤولون سابقون أن من المستحيل استئصال كل المتعاملين الذي قد يتسببون في كوارث، لكن بوسع البنوك اتخاذ تدابير وقائية.
وتابع بيت أن هذه التدابير يجب أن تشمل مجموعة مختلفة من أدوات الرقابة
حتى إذا كان شخص قد اجتاز من قبل أي شكل من أشكال المراجعة، وتحتاج إلى الكثير من عمليات الاحتيال اهتماما مستمرا من جانب مرتكبيها حتى يمكنهم الاستمرار في الظهور بأن كل شيء على ما يرام.
ولهذا السبب تشترط البنوك التي يوجد لديها أفضل الضوابط أن يأخذ العاملون أسبوعا أو أسبوعين كاملين لقضاء إجازة تنقطع فيها صلتهم تماما بمكاتبهم، وهذه الفترة تمثل فرصة للمدققين للتعرف على ما إذا كانت هناك أي مخالفات طويلة الأجل في غياب مرتكبها.
والمتعامل جيروم كيرفيل الذي أوقع "سوسيتيه جنرال" في المشكلة لم يكن يأخذ عطلات من العمل، وتوجد أيضا تدابير لا تفلح في تحقيق الغرض منها. ويتفق العديد من الخبراء أن من بينها الاختبارات النفسية لأن المتعامل المحتال يملك في الغالب عبقرية حسابية كما أن الاختبارات قد يكون فيها قدر من التطفل المبالغ فيه على الموظفين ومحبطة لمعنوياتهم.
وبينت لويز بورك مديرة إدارة المخاطر السابقة في شركة ستيت ستريت كورب أن من المستحيل التعرف على أفضل المجرمين لأنهم غالبا ما يبرعون في إخفاء ما يفعلون.
وعلاوة على ذلك فإن تسعة من بين كل عشرة موظفين قد يرتكبون الاحتيال في ظل الظروف الملائمة خلال إحدى المراحل في حياتهم المهنية على حد قول بورك، ومن العوامل التي تعزز احتمالات حدوث الاحتيال الضغوط من أجل النجاح في العمل والمشكلات المالية وممارسة القمار وإدمان المخدرات.
وقالت بورك الشخص الواحد قد يكون عرضة لارتكاب الاحتيال في أجواء مختلفة وفي أوقات مختلفة من حياته.
وإذا أسفرت المراجعات العادية عن إطلاق صفارات الإنذار فيمكن للبنوك متابعتها بأي إجراء يبدو مناسبا سواء بتوسيع نطاق عمليات الإشراف أو بإجراء تحقيق كامل.
وتتجاوز تكلفة إجراء تحقيق كامل 100 ألف دولار, لذلك فإن اللجوء إليها يقتصر على الحالات التي يكون البنك شبه واثق فيها من وجود مخالفات. وهنا يتم استدعاء خبراء الكمبيوتر لفحص جهاز الكمبيوتر الخاص بالمتعامل موضع الشبهات وجهاز البلاكبيري الخاص به ويستخرجون منهما الأدلة.
وبينت بيت: إذا أردت البقاء فيجب أن تتأكد من أنك تحاول أن تسبق الأشرار دائما بخطوة على الأقل.
ومع اتضاح تفاصيل ما حدث في بنك سوسيتيه جنرال سيسعى العديد من البنوك إلى فحص نظمها لرصد نقاط الضعف، وعلى هذه البنوك أن تتحرك بسرعة لأن المحتالين يتعلمون من أخطاء الآخرين.
وقال سانديب فيشنو العضو المنتدب لشركة بيرينج بوين للاستشارات وإدارة المخاطر أن محاولات تقليد ما حدث تتزايد.
وعلى البنوك أيضا أن تجري مراجعة وافية لنظم الكمبيوتر المصممة للتعرف على التعاملات غير العادية. وربما تحتاج هذه النظم لإعادة ضبطها لزيادة درجة حساسيتها للسلوك غير المعتاد.
وربما يكون النظام أيضا عرضة لسوء الاستخدام من جانب آخرين مطلعين على أسلوب عمله، فالمتعامل الفرنسي كيرفيل على سبيل المثال كان يعمل في المكاتب الخلفية للبنك قبل أن يصبح متعاملا, مما أتاح له الاطلاع على نظم الكمبيوتر المستخدمة في مراجعة تعاملاته.
وقال متعامل في عقود الخيارات في بنك في نيويورك له خلفية تشبه خلفية كريفيل إنه يعلم عن حالات لم ينقطع فيها متعاملون عن استخدام أجهزة الكمبيوتر التي كانوا يعملون عليها للتدقيق في التعاملات حتى بعد أن انتقلوا من المكاتب الخلفية إلى صفوف المتعاملين.
وحتى عند سحب هذه الأدوات التي يتعرف بها نظام الكمبيوتر عليهم مثل كلمات السر يمكن لهم بسهولة اقتحام النظم التي يفترض فيها أنها مأمونة.
وأضاف ربما يكون بإمكاني أن أفعل ذلك.
وهذه هي الثغرات التي يبذل العديد من البنوك جهودا كبيرة لرصدها وسدها.
وتنفق البنوك ملايين الدولارات على نظم إدارة المخاطر ونظم الكمبيوتر الخاصة بتشغيلها للتعرف على عمليات الاحتيال المحتملة.
وتفعل البنوك ذلك في الغالب من تلقاء نفسها وبنصيحة من مجموعة مختارة من المستشارين لكي تزيد صعوبة معرفة عملياتها على الغرباء. وتعد البنوك إدارة المخاطر أيضا جزءا من الوصفة السرية التي تمنحها ميزة على منافسيها، وأضاف فيشنو سيوجد من يقولون لدينا الثقة بضوابطنا وهذا حدث هناك ولم يحدث لنا. وفي رأينا أنهم هم السذج.

الأكثر قراءة