رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


علامات الركود وصعوبة الصمود .. هل تدفعنا إلى تأجيل بعض المشاريع!

[email protected]

الأخبار عن ارتفاع تكاليف المشاريع في كل المجالات لم يعد مستغرباً. ومع ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت ومواد البناء والإنشاءات الأخرى، فإن المزيد من المشاريع ستنضم إلى قائمة التأجيل حتى موعد آخر. فشركة معادن ترجئ تشغيل مصهر الألمنيوم المشترك مع "ريو" البريطانية حتى عام 2012 مع ارتفاع تكلفة المشروع بمقدار 50 في المائة عن التكلفة الأصلية، حيث ستصل تكلفة المشروع إلى 10.5 مليار دولار مقابل التكلفة التقديرية الموضوعة سابقا بسبعة مليارات دولار. وارتفعت تكلفة مشروع "بترو رابغ" إلى 9.8 مليار دولار مقابل 4.3 مليار دولار، كما كان مخططا أصلا في عام 2004. كما ارتفعت تكاليف بناء مصفاتي ينبع والجبيل بنحو 60 في المائة، وهي ضمن المشاريع التي تعتزم "أرامكو" و"كونوكو فيليبس" الأمريكية و"توتال" إنشاءهما.
وإذا كانت الشركات العملاقة والضخمة مثل أرامكو ومعادن ستؤجلان بعض مشاريعهما رغم قدراتها على الاقتراض بأرخص الأسعار وبفائدة فعلية أقل من الصفر، فكيف بالمشروعات الأخرى التي تنفذها شركات المقاولات والإنشاءات المحلية التي تجد صعوبة كبيرة في التمويل مع ارتفاع أسعار المواد الإنشائية. بل كيف للمواطنين والمؤسسات الفردية التي ترغب في البناء الإقدام على بناء المشاريع، ومنها المساكن، والمنشآت التعليمية والصحية وغيرها من المشاريع. إن مثل ذلك يجعل هناك صعوبة كبيرة في التوقع بالنمو الاقتصادي للمملكة، والاقتصاد العالمي على حد سواء.
فالولايات المتحدة الأمريكية تشهد تراجعا واضحا في النمو، وأوروبا تشهد ارتفاعاً في معدلات التضخم، مما قد يؤدي بها إلى اللحاق بأمريكا ركوداً. وارتفعت معدلات البطالة في اليابان خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي إلى 4 في المائة لأول مرة منذ 29 شهرا في ظل تراجع عدد العاملين في قطاع التشييد. إن تراجع تلك الاقتصادات، وتراجع وتأجيل المشروعات في المملكة ودول الخليج هو بداية علامات انخفاض الطلب، وبداية العزوف عن التوسعات في المشاريع حتى تتضح الرؤية.
لقد اتخذت معظم الحكومات إجراءات ضرورية لمكافحة التضخم، لكنها ليست كافية في لجمه حتى الآن. ويبدو أن علينا أن ننتظر ستة أشهر أخرى حتى نرى تأثير تلك السياسات بوضوح في اقتصادات العالم، واقتصادات المنطقة. فتأجيل المشروع والعزوف عن تنفيذ مشاريع أخرى إشارة إلى أن الطلب بدأ في التراجع. وهو الأمر الذي قد يساعد في إعطاء وقت كاف لزيادة العرض من المواد الأولية والأساسية. فقد بدأت بعض الأنباء تتحدث عن التوقع بزيادة إنتاج القمح والأرز على مستويات العام الماضي. وهناك مشاريع عديدة لإنتاج المواد الأولية والأساسية بدأت في مرحلة الإنتاج والبيع التجاري. وهناك مشاريع لإنتاج المواد الأولية تحت التنفيذ، وستكون جاهزة لمقابلة الطلب في غضون سنة إلى سنتين مقبلتين. وهذه إشارات إلى أن عصر الركود قد حان اقترابه. لكنه ركود قد لا يستمر طويلاً (من سنة إلى سنتين)، وقد لا تشعر به بعض الدول كدول الخليج العربي.
فدول الخليج تمر بمرحلة نمو كبيرة، حيث إن تراجع النمو فيها وتباطؤه أمر مطلوب ومرغوب، وتعمل الحكومات على تحقيقه. فالنمو الكبير الذي تشهده المنطقة يحتاج إلى تهدئة. ولا يمكن تهدئته إلا بتأجيل تنفيذ بعض المشاريع الحكومية غير الحيوية في الوقت الحالي. حيث يمكن أن تبطئ من نمو المدن الاقتصادية، وتأجيل تنفيذ البعض منها، خصوصاً تلك المدن الطموحة جداً، مما جعل الكثير يشكك في نجاحها مثل مدينتي حائل وتبوك الاقتصاديتين. كما يمكن تأجيل بعض مشاريع البتروكيماويات مثل تلك التي تنوي "أرامكو" إنشاءها لأنها تنافس القطاع الخاص وتنافس "سابك"، فـ "أرامكو" يجب أن تركز على مشاريع النفط واستكشاف الغاز، وتترك قطاع البتروكيماويات للقطاع الخاص. كما يمكن تأجيل بعض مشاريع التعدين التي قد لا تساهم بشكل ملحوظ في زيادة الدخل الوطني مع ارتفاع التكاليف، مما يجعل تأجيل بعض منها متطلبا منطقيا لعدم جدواها اقتصادياً وتجارياً.
إننا بحاجة إلى وقت لالتقاط الأنفاس، ومراجعة الحسابات، والاستراتيجيات، وخطط العمل، والتأكد من وجود آلية لتنفيذها بأقل تكلفة ممكنة. فالفترة الحالية مرحلة تتسم بالضبابية وصعوبة التنبؤ حتى للأشهر الستة المقبلة، وبالتالي صعوبة أكبر للتنبؤ بالسنوات المقبلة. لذا أدعو أن نعدها مرحلة مراجعة الحسابات حتى إشعار آخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي