من قرأ كتابي (لا تحزن) صار صديقاً لي
تجاوز كتاب (لا تحزن) بفضل الله مليوني نسخة، إن من قرأ كتابي (لا تحزن) صار صديقاً لي؛ لأنه منحني من وقته الثمين ليطالع ما كتبته له، فأنا أشكر كل من قرأ حرفاً واحداً من هذا الكتاب، وأنا أول السعداء بهذا الكتاب لأنه طالما أرشدني إلى السرور والبهجة وتوديع الحزن والهم، فكلما زارني طيف من قلق ناداني (لا تحزن)، وكلما طرقني خبر مكّدر دعاني (لا تحزن)، وكلما ضاق صدري من نكد الحياة هتف بي (لا تحزن)، وكلما عرض لي ما يكدّر الخاطر صاح بي أصدقائي: (لا تحزن) يا مؤلف (لا تحزن) فأستيقظ مبتسماً متذكراً صديقي (لا تحزن)، ثم إن (لا تحزن) متفضل عليّ فقد عرّف بي وأكسبني الألوف من الأصدقاء، ذهبتُ لأحاضر في الخليج واليمن ومصر والأردن والمغرب وإندونيسيا وأوروبا فتركوا السيرة الذاتية وقالوا: مؤلف (لا تحزن).
أشكر كل الأوفياء من الأصدقاء الذين منحوني كلمة جميلة، أو عبارة لطيفة، أو دعوة طيّبة، وقد أمرنا الله أن نتحدث بنعمة علينا فقال تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدِّث(، صحبتُ كتابي (لا تحزن) في المدن والقرى والأرياف والبوادي، وسافرتُ به في السيارة والطائرة، وكم أهديته لصديق محزون، ولمصاب مفجوم، ولمكدّر مهموم، لقد سجدتُ لله شكراً وأنا أنظر إلى بعض القنوات الفضائية تتحدث عن (لا تحزن) بتجرد دون إملاء مني، وحمدتُ الله وأنا أنظر إلى من بجواري في الطائرة وفي صالة الانتظار وهو يقرأ (لا تحزن)، ولقد بنيت عن طريق (لا تحزن) صداقات وتعارف مع علماء ومسؤولين ومفكرين ومثقفين وإعلاميين وقرّاء، منهم من راسلني أو هاتفني أو شافهني وأنا أحمد الله فله الفضل وحده، فما كنتُ أظن أن كتابي يُعرض على أرصفة الرياض، وصنعاء، والقاهرة، ودمشق، والرباط، والجزائر، وتونس، والخرطوم، ونواكشوط، وجاكرتا فضلاً عن المكتبات ودور النشر، إنني أعترف لقرائي الأعزاء بالفضل، وأنا مدين بالشكر لكل من نبّهني إلى خطأ أو أشار عليّ برشد فالبشر عرضة للنقص، ومن خُلق من طين جدير أن يعتريه الوهم والتقصير، وها هو كتاب (لا تحزن) في حلّته الجديدة وثوبه القشيب بعدما حصد المليونين، بفضل الملك الحق المبين.
إنني ألتمس من صديقي القارئ أن يمنحني دقائق من وقته كل يوم؛ ليعيش معي وأستأنس به، ويطالعني وأشاهده، ويحدثني وأناجيه عبر سطور (لا تحزن) فهو مع آية محكمة أو حديث صحيح، أو موعظة حسنة، أو حِكْمة بالغة، أو بيت شرود، أو مثل سائر، أو قصة موحية، أو وصفة طبيّة، أو نكتة هادفة، أو مسألة طريفة، فصديقي القارئ في بستان مالت أشجاره، وأينعت ثماره، وماست أزهاره، واطردت أنهاره، وغنّت أطياره، طل وندى، ورد وفلّ، مسك وعنبر، ماء وظلّ، نسيم وعبير، وسوف يجد إشراق القرآن، ونور السنة، وصدق التأريخ، وعبرة السيرة، وروعة الأدب، وسحر الشعر، مع رسائل العلماء، وفيوضات الحكماء، ووصايا الأولياء، وتوهج الشعراء، وفرائد الأدباء، ونصائح الأطباء، وقد كتبتُ من الرأس والقرطاس، والقديم والحديث، والشرق والغرب، ومن المجلد والمجلة، والمصحف والصحف، والنشرات والدوريات.
كنتُ قبل أن أكتب (لا تحزن) أبحث عن مشكلة الإنسان الأولى فوجدتُ أنها الحزن بعد البحث والاستقراء والدراسة، ولهذا قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار (لا تحزن إن الله معنا( وما تمَّ نعيم أهل الجنة حتى قالوا (الحمد لله الذي أذهب عنَّا الحَزَن( فبدأتُ الرحلة مع هذا الكتاب أجمعه جملة جملة، انطلاقاً من مكة، حيث الوحي المبارك، والرسالة الخالدة، ثم طفتُ في العالم افتشُ عن كل قول جميل يسعد الإنسان، فأخذتُ من أئمة الإسلام وأساطين الأدب، ورجال الفكر، ورموز الثقافة، ورُّواد الإبداع، وسوف تجد في الكتاب إشراقات الشافعي، وتجلّيات ابن تيمية، واستقراء ابن خلدون، وروائع المتنبئ، وسوف تجد غاندي يقص عليك تجربته، وشكسبير يلقي عليك قصيدته، وإبراهام لنكولن يعرض موقفه، ونلسون منديلا يتحدث عن معاناته، ففي الكتاب عرب وفرس وروم وهنود وصينيون وأوروبيون وأمريكان كلٌ يُطلق القول على سجيّته ويخبرنا بطريقته في طرد الحزن وكيف نجح في جلب السعادة، وقد مكثتُ أدبِّج هذا الكتاب زمناً طويلاً أسطِّره وأحبِّره وأعيد النظر فيه، ويكفيه أنه صديقي وسميري، فهو صاحبي بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى ولو لم أطالع منه في اليوم إلا سطرين أو أقرأ جملة فيعيد لي نشاطي ويذكّرني بالأمل والسرور واليسر والبهجة، وإذا نظرت إلى عنوانه وهو يقول لي (لا تحزن) أقول له: أبشر سوف لا أحزن بعد اليوم، أخبرني أحد الأصدقاء أنه غضب على أطفاله لأمر عارض فجاءته طفلته الصغيرة بكتاب (لا تحزن) وقالت: لا تحزن قال: فتبسمت وقبّلتها، خرج بعض السجناء وقالوا: شكراً فقد صحبنا (لا تحزن) في السجن، وذهبت أموال أناس في الأسهم ثم لقيتهم وقالوا: لقد خفّف علينا (لا تحزن) بل والله لقد زارني رجل فقد ابنه الشاب في حادث فقال لي: لقد عزّاني (لا تحزن) أنا وزوجتي في ابننا، وقام طبيب نفسي في قناة فضائية وكلامه محفوظ لديّ فأخبر أنه عالج الكثير بفضل الله ثم بكتاب (لا تحزن)، أنا أعلم أن (لا تحزن) كتاب بشر وليس وحياً مقدساً لكن الله بارك فيه فله الحمد حتى يرضى، وكنتُ أسامره في ليالي الشتاء ووقع الأمطار، كتغريد الأطيار، ولكن متعة الحديث مع (لا تحزن) أخذت بمجامع قلبي، ومؤلف الكتاب في الغالب قد عرف كتابه وثقل عليه تكراره، لكني مع (لا تحزن) لا أملُّ مناجاته، ولا أسأم مشاجاته، فهو عندي جديد أبداً.
أشكر كل من شاركني متعة قراءة (لا تحزن) والشكر لشركة (العبيكان) والتي أحسنت تقديم (لا تحزن) للناس وسائر كتبي، عذراً إن أطلت ولكن الحديث مع صديقي القارئ ممتع:
(لا تحزن) الخـلَّ الــوفي
وربّنُــا قـد كمّـلَكْ
ما أحْسَنَ الصَّـبرَ الجَميـ
ـلَ بِعاشقيكَ وأَجَمَلكْ
إِنْ تَحْـمِ طَرْفي أَنْ يــرا
كَ جعَلْتُ قَلْبي مَنْـزِلَكْ