الخبراء منقسمون حول خطة بوش لإنعاش الاقتصاد.. هل هي "جنون مالي"؟
اختلف الخبراء الاقتصاديون حول الخطة التي عرضها الرئيس الأمريكي جورج بوش لإنعاش الاقتصاد بأكثر من 140 مليار دولار حيث اعتبرها بعضهم علاجا مناسبا بينما رأى آخرون أنها تندرج في إطار "جنون مالي" لأهداف انتخابية.
واعتبر جزء من المحللين أن تلك الخطة ستسمح لأول اقتصاد في العالم تجنب الانكماش أو على الأقل ستخفف من آثاره السلبية، وقال إيثان هاريس الخبير في مجموعة "ليمان براذر" إنه "إذا اقترب انكماش فعلينا التحرك بسرعة وخفض الضرائب هو على الأرجح الوسيلة المثلى لضخ أموال في الاقتصاد".
وأضاف أن "خطوة كهذه ستشكل حافزا معنويا"، ولم يكشف بوش حتى الآن الخطوط العريضة لخطته لكن التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام توحي بأنه سيعتمد على خفض كبير في الضرائب يمكن أن يصل إلى 800 دولار للفرد.
وبين بوش أن خطته "قد تبلغ نحو 1 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي". وأوضح وزير الخزانة هنري بولسون أن هذا يمكن أن يرفع المبلغ بمجمله إلى 140 أو 150 مليار دولار. وأكدت ناريمان بهرافش من مركز "غلوبال إينسايت" أن خطة كهذه يمكن أن تساعد في تجنب الانكماش أو التقليل من مخاطره بينما تواجه أسواق المال صعوبات في تحقيق استقرار ويغرق الاقتصاد يوما بعد يوم في أزمة قروض الرهن العقاري.
وأضافت أن "ذلك سيكون له تأثير على الاقتصاد شرط أن يظهر هذا التأثير في الفصل الثاني أو الثالث"، مؤكدة أن هذا الأمر "يمكن أن يمنع حدوث انكماش". وكشف استطلاع للرأي نشرت مجلة "فورتشن" نتائجه الجمعة أن 19 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة ركود أصلا بينما قال 57 في المائة أن هذا الانكماش سيحدث خلال السنة الحالية.
وأضاف جيمس ماربل الاقتصادي في مجموعة "تي دي بنك فايننشيال جروب" أن "التجربة تدل على أن خطة إنعاش يمكن أن تساعد في التخفيف من انكماش". وأضاف "في 2001 أرسلت شيكات لإعادة ضرائب بـ 300 دولار لكل فرد إلى الأمريكيين".
وتابع أن "دراسة كشفت أن الخطة أثمرت إذ إن تلك الشيكات ساعدت في زيادة الاستهلاك في الفصل الأخير من 2001 وهذا ما سمح بان يكون الانكماش الذي شهدته البلاد في تلك السنة واحدا من الأقصر والأكثر هدوءا في التاريخ".
وبدا محللون آخرون أكثر تشكيكا في خطة بوش، وقال افيري شينفيلد من مؤسسة "سي آي بي سي وورلد ماركيتس" إن دوافع سياسية أكثر منها اقتصادية تقف وراء خطة الإنعاش على ما يبدو، وأكد هذا الخبير "نظرا لضعف الاقتصاد القريب جدا من الانكماش، سيلجأ البيت الأبيض إلى كل الوسائل الممكنة للتأكد من أن الاقتصاد سيكون في طور النمو يوم الثلاثاء الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)" موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أما روبرت ماكينتوش كبير اقتصاديي مركز "ايتن فانس" فرأى أن مختلف الخيارات التي تدرس حاليا ستكون أقل فاعلية من إدخال تعديلات دائمة على نظام الضرائب.
وأوضح "توزيع شيكات على الناس لن يجدي وسيؤدي إلى زيادة العجز". وأخيرا، شككت مجموعة من الخبراء بينهم المستقل روبرت بروسكا في احتمال حدوث انكماش، معبرين عن خشيتهم من سيناريو أشبه "بفيلم رعب" تؤدي فيه خطة لإنعاش الاقتصاد إلى إحياء التضخم. وقال بروسكا إن "الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والحكومة يخضعان مريضا لم يمت للتنفس الصناعي. إلى أين سيقودنا هذا" إلى فيلم رعب مقبل على الأرجح يأتي فيه التضخم في المرتبة الأولى بدلا من النمو".
والمعلوم أنه بعد إعلان خطة بوش الجمعة الماضي هبط مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأمريكية الكبرى 70.07 نقطة أي ما يعادل 0.58 في المائة ليصل إلى 12089.14 نقطة، وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأوسع نطاقا 14.56 نقطة أو 1.09 في المائة مسجلا 1318.69 نقطة.
ونزل مؤشر "ناسداك" المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا
12.06 نقطة أو 0.51 في المائة إلى 2334.84 نقطة، وقال هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكي، إن هناك حاجة ملحة لبرنامج تحفيز مالي لإعطاء دفعة للاقتصاد المتباطئ, لكنه قال إن الاقتصاد لا يواجه خطر التوقف عن النمو. وتابع بولسون في حوار تلفزيوني يتحدث عن التحركات السريعة لوضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتضرر من أزمة الإسكان وأزمة الائتمان وارتفاع أسعار النفط "المسألة ليست طارئة لكن هناك حاجة ملحة".