رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عالم صناعة الغاز «3»

عود على بدء، تناولت في المقال السابق مراحل فصل الغاز الطبيعي بعد استخراجه من مكامنه سواء كان مصاحبا للنفط أو غير مصاحب. عرجت بعد ذلك بإيجاز على استخدامات الغاز الطبيعي وتطبيقاته المختلفة على الصعيد الصناعي والتجاري والسكني. في هذا المقال سأسلط الضوء على آلية تصدير الغاز من الدول ذات الوفرة إلى الدول المستهلكة. هناك طريقتان لنقل الغاز وتصديره. الطريقة الأولى تتم بواسطة الأنابيب الممتدة على اليابسة أو المغمورة بالمياه، وتعتبر هذه الطريقة مجدية اقتصاديا إذا كانت المسافة بين المصدر والمستورد قصيرة وسالكة. لكن من الممكن أن تكون المسافة بينهما مناسبة والظروف الجغرافية مواتية، لكن يتطلب ذلك المرور على أراضي دول أخرى أو في المياه الإقليمية التابعة لها. هنا يحكم الموقف الظروف الجيوسياسية بينهم وليس الجدوى الاقتصادية فقط. أعني هنا العلاقات السياسية والتوافق بين الأطراف الثلاثة وهي المصدر والمستورد والدولة أو الدول التي لا مناص من مرور أنابيب الغاز على أراضيها أو المياه الإقليمية التابعة لها. إذا كانت المسافات بعيدة، أو كان هناك بعض العقبات الجيوسياسية كما ذكرنا سابقا، عندها تلجأ بعض الدول لتصدير الغاز الطبيعي أو استيراده في سفن خاصة بعد تسييله ويسمى الغاز المسال LNG عملية تسييل الغاز الطبيعي هي صناعة ضخمة بحد ذاتها، تمر بمراحل معقدة ودقيقة لا يكفيها عشرات المقالات. سأحاول أن أقف على أهم مراحلها بإيجاز لتتضح الصورة للقارئ الكريم. يتم نقل الغاز الطبيعي من حقوله عبر أنابيب خاصة إلى منشأة متطورة تقوم بمعالجته وتنقيته وذلك بإزالة الشوائب عنه وفصله عن غاز ثاني أكسيد الكربون والزئبق والماء وغاز كبريتيد الهايدروجين إضافة إلى غازي البروبان والبيوتان اللذين تتم الاستفادة منهما. بعد ذلك يتم تبريد الغاز الذي يشكل غاز الميثان أغلبيته العظمي ومكونه الرئيس إلى درجة حرارة تصل إلى 162 درجة مئوية تحت الصفر. يتم ذلك باستخدام مبادلات حرارية عملاقة ومصممة خصيصا لهذا الغرض حيث يتحول الغاز إلى الحالة السائلة. الجدير بالذكر أن الغاز المسال لا يستخدم كوقود بصورته السائلة، وأن من فوائد تسييله تقليل حجمه حيث إن تسييل الغاز يقلل من حجمه 600 مرة مقارنة بحالته الغازية ما يسهل عملية تخزينه ونقله بواسطة السفن الخاصة المصممة لهذا الغرض. بعد تسييل الغاز الطبيعي وضخه في السفن الخاصة لتخزينه ونقله للدول المستهلكة، يتم تفريغ هذا الغاز المسال من سفنه عند وصولها لنقطة التسليم في منشآت خاصة تقوم بمعالجته حراريا لتحويله من الحالة السائلة إلى الغازية مرة أخرى وذلك للاستفادة منه بطرق مختلفة بحسب حاجة الدولة المستهلكة. سأتناول بإذن الله تعالى في المقال القادم الذي سأختم به هذه السلسلة من المقالات عن صناعة الغاز. سأتناول حاضر الغاز الطبيعي ومستقبله عالميا، وكذلك أهميته الآنية والاستراتيجية في المملكة وفقا لـ "رؤية السعودية 2030".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي