التمويل الإسلامي ..هل هو ملاذ آمن أم وفرة غير عقلانية؟
تدور شكوك تتعلق في إمكانية بقاء سوق الصكوك في منأى عن الفوضى التي تعم أسواق الائتمان التقليدية لمدة طويلة أو هل تمضي العاصفه من دون أن تهتز أسواق السندات الإسلامية.
وتعيش أسواق المال العالمية أخيراً حالة من الفوضى، ولكن في عالم التمويل الإسلامي الذي يتسم بهدوء غريب، لا يبدو أن أحداً سوف يلقي بنفسه من النافذة في أي وقت قريب.
وبينما تسبب توقف أسواق الائتمان التقليدية عن العمل في إجبار البنوك العالمية الكبرى على شطب مليارات الدولارات وكذلك في دب الذعر في أسواق الأسهم، تستمر مؤسسات الإقراض الإسلامية ومتعهدو القروض بتأدية أعمالهم بنشاط.
ووفقاً للتقرير الذي أعده مارك بندايخ ونشرته رويترز فقد طرأ انخفاض على الإصدارات الجديدة من السندات الإسلامية ولكن النمو على هذا الصعيد ما زال قريباً من الرأسي: ففي الربع الثالث من هذا العام تم إصدار صكوك بقيمة 37.3 مليار دولار.
وفي العواصم المالية الإسلامية: دبي، البحرين، وكوالالمبو، ما زال لدى المصرفيين قدر كبير من الحماس.
"إنه ملاذ آمن للمستثمرين" هذا ما قاله سلمان يونس الذي يرأس قسم العمليات الآسيوية في بيت التمويل الكويتي لدى سؤاله عن حالة الهدوء الغريب الذي يسود أسواق الائتمان الإسلامية.
وأضاف يونس بعد التوقيع على صفقة لتمويل مشروع للسكن المشترك الفاخر في ماليزيا قائلاً" إننا نستثمر في أصول حقيقية، ولا نستثمر في أصول ورقية".
يشار إلى أن الإسلام يحرم الفائدة الربوية ويقضي بأن تشتمل الصفقات على أصل حقيقي محدد كالممتلكات أو السلع. وغالباً ما يكون حملة الصكوك، خلافاً لحملة السندات التقليدية، مالكين من الناحية الفنية لأحد الأصول وليسوا مقرضين.
وقال يونس:" حين تقوم بتوريق رهنيات ليس لها ملاءة بقيمة تريليون دولار، فإنك لا تعرف المدينة أو الحي الذي تستثمر فيه".
ورغم ذلك، هناك شكوك في إمكانية بقاء سوق الصكوك في منأى عن الفوضى التي تعم أسواق الائتمان التقليدية لمدة طويلة.
تتساءل أوساط بنك إسلامي كبير حول ما إذا كانت الوفرة المتعلقة بالتمويل الإسلامي غير عقلانية. وقال بادلسياه عبد الغني، رئيس الصيرفة الإسلامية في بنك CIMB الماليزي، الذي يعد أحد كبار صانعي صفقات الصكوك الإسلامية " أعتقد أن هنالك وضعاً غريباً، حيث هنالك كميات كبيرة من السيولة في السوق ناجمة عن الدولارات البترولية. وبقدر ما يتعلق الأمر بالسوق، فإن أثر أزمة الرهن العقاري هي ذاتها بالنسبة إلى كل من البنوك الإسلامية، والبنوك التقليدية. ولا يتعدى الأمر كون بعض تصرفات المشاركين في الأسواق غير عقلانية بعض الشيء في ظل الحاجة الملحة إلى توفر الموجودات الإسلامية".
ويشعر هذا المسؤول أن العاصفة في الأسواق التقليدية سوف تنتهي قبل أن تتمكن من هز أسواق الصكوك، ولكنه يضيف أن للصكوك روابط كثيرة للغاية بالأسواق الائتمانية العادية، ما يمكّنها من عزلها بصورة دائمة عن أزمة شحة ائتمانية عالمية.
إن كبار المستثمرين في الصكوك هم كذلك كبار مشتري الديون التقليدية. وفي ماليزيا، حيث هنالك المزيد من الأسواق الثانوية للأوراق المالية الإسلامية، فإن من بين المستثمرين صناديق التقاعد، أما في الشرق الأوسط، حيث التداول الثانوي نادر، فإن المستثمرين هم البنوك، بما في ذلك عمالقة التمويل.
ولا تقوم البنوك العالمية مثل سيتي جروب، وHSBC، وباركليز، ودوتشه بانك بشراء الصكوك فقط، ولكنها تقوم كذلك بإصدارات الصكوك.
وقال بادلسياه"إن هنالك ضربة قاضية من الجانب المنطقي، فالائتمان هو الائتمان في نهاية المطاف".
تم تأخير إصدار بعض الصكوك بالفعل، أو أنها تواجه أسعاراً أدنى، كما تقول مصادر البنوك الإسلامية، ولكن بيت التمويل الكويتي يشير إلى أنه لا يتوجب توجيه اللوم إلى أزمة الشحة الائتمانية بصورة كاملة، حيث إن الدولار الأمريكي المتراجع يمنح مصدري الصكوك وقفة للتفكير. وتصدر الشركات والدول الخليجية العربية، الصكوك بالدولار كتحوط مقابل ما يتراكم لديها من موجودات بالدولار، ولكن المستثمرين يطلبون العملات المحلية في الوقت الراهن.
ولكن للصكوك ثلاث ميزات مهيمنة تتفوق فيها على الأوراق المالية التقليدية هي: مراعاة العقيدة الدينية، وموجة مد من الأموال النفطية، وعجز مستمر في الصكوك ذات الجودة العالية. وهنالك ما يقدر بـ 1.3 تريليون دولار تبحث عن موجودات إسلامية عالية الجودة، حسب ما يصرح به بيت التمويل الكويتي. غير أنه لم يتم إصدار سوى ما قيمته 41.9 مليار دولار من الصكوك عالمياً خلال الفترة المنقضية من العام الحالي، حسب خدمات معلومات التمويل الإسلامي. ومما يفاقم عجز عرض الصكوك أنه لا توجد سوق ثانوية في الشرق الأوسط لمثل هذه الأوراق المالية، حسب قول بالجيت كاور جروال، رئيسة الأبحاث في المركز الآسيوي لبيت التمويل الكويتي في ماليزيا. وقالت: "إنها سوق حيازة في الشرق الأوسط، حيث إن الناس يشترون، ويتمسكون بما يشترونه".
وتوافق وكالة فيتش للتصنيف التي تقيم مخاطرة العجز عن السداد لإصدارات الصكوك، على أن ديناميكيات أسواق الأوراق المالية الإسلامية، تحميها بعض الشيء من العاصفة التي تضرب الأسواق الدولية، ولكنها تقول إن أسواق الصكوك لا تستطيع عزل نفسها بصورة كاملة، كما أن هذه الوكالة لا تعد الصكوك أكثر أماناً من السندات.
وقال أمبريش سيرفاستافا أحد كبار مديري هذه الوكالة في سنغافورة " إن من تفكير الأمنيات الاعتقاد بأن ذلك يمثل ملاذاً آمناً، أو أنه كامل العزل".