السياحة سياق حضاري
من الأمور المهمة التي لمستها “رؤية المملكة 2030” قضية الهوية والاعتزاز بالمكونات الدينية والعربية والحضارية التي تتكئ عليها المملكة. ولا يمكن لأحد أن يزايد على ذلك.
هذا الثراء الذي تكتنزه المملكة بحضاراتها التي تعود إلى آلاف السنين مثل الرسوم الصخرية في حائل التي تعد من أقدم الرسوم الصخرية على مستوى العالم، إضافة إلى مدائن صالح وسواها من المكونات التي تعزز التراث الحضاري والمشاركة في التفاعل الإنساني الحضاري لإنسان هذه الأرض منذ أقدم العصور.
ناهيك عن التنوع الطبيعي الذي تتميز به المملكة، وهذا التنوع يعطي مساحات كبيرة للثراء السياحي في مختلف فصول العام. وقد جاءت الهيئة العليا لتطوير الدرعية، والهيئة العليا لتطوير العلا، ومشروع البحر الأحمر، وسواها من مبادرات وبرامج عمل لتعمل على إظهار جانب من التراث الحضاري والسياحي في المملكة.
في فترة سابقة، كان الأمير سلطان بن سلمان قد أشار إلى أن المملكة ستكون رقما صعبا في السياحة العربية والعالمية. هذه “الرؤية” التي تستشرف المستقبل كانت تبدو في ذلك الحين متفائلة جدا، وربما كان البعض ينظر لها بنوع من الشك، ولكن جاءت القرارات الأخيرة لتؤكد هذا الأمر.
وهذا بالمناسبة يتواكب مع عمل دائب منذ أعوام عديدة على مبادرات سياحية وحضارية أخرى مثل برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري التي تأخذ مسارات متعددة تتضمن على سبيل المثال لا الحصر إنشاء متاحف تخص الغزوات الإسلامية مثل بدر وأحد، وأيضا العمل على تطوير غار حراء، وترميم المساجد التاريخية، ويندرج تحت هذه المبادرة مبادرات أخرى مثل تطوير مدينة عكاظ. الحقيقة أن هذه الأعمال الاستراتيجية تتكامل مع بعضها.
هيئة السياحة والتراث الوطني للعلم عمرها لا يتجاوز 16 عاما. في تلك البدايات كان البعض يتعامل مع مسألة السياحة في المملكة باعتبارها مجرد نكتة. الأيام أكدت أن السياحة كانت ولا تزال منجما لا ينضب وفكرة لها مستقبل أكبر مما نتخيل.