رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نؤسس مشاركاتنا الإعلامية على مرجعية متماسكة؟

في خبر قرأته في إحدى الصحف ذكر أن مشتريات السعوديين من المنتجات التقنية تبلغ أربعة مليارات ونصف المليار ريال شهريا، وما من شك أن هذا الرقم كبير في مجال واحد من مجالات الحياة المعاصرة، التي تمثل جزءا من ميزانية الفرد الشهرية، ليس في ثمنها فحسب، بل في النفقات المترتبة عليها بعد الشراء، من فواتير استخدام، كما في الهاتف الجوال إلى الصيانة. المشتريات التقنية تعكس جانبا مهما في حياة الأمم إذا أحسن توظيفها في اكتساب المعارف، ومتابعة الجديد من الأخبار على الساحة الدولية، وفي التأثير في الآخرين بحسن استخدام التقنية التي تتوافر في اليد، خاصة أنها تمثل وسائل اتصال متقدمة، ووسائل إعلام تنافس وسائل الإعلام التقليدية، إن لم تتفوق عليها في بعض الجوانب لابتعادها عن الروتين، والبيروقراطية، والاستئذان فيما يعرض، وما لا يعرض.
التقنيات الحديثة كوسائط تأثير تعتمد على عدة أمور منها الحصيلة الثقافية للفرد المستخدم لها، والأهداف التي رسمها لنفسه عندما اقتنى هذه الأجهزة، هل للتسلية، أم بهدف التأثير، أو بهدف اكتساب المعارف والثقافة من خلال مجموعات التواصل، أو «تويتر»، أو «فيسبوك»، أو «سناب»، وغيرها من البرامج. اهتمام السعوديين بالتقنية اقتناء واستخداما، ليس غريبا، فالأسواق تعج بكل جديد من التقنية، كما أن برامج الابتعاث التي أوجدتها الحكومة أوجدت أجيالا شغفها بالمعرفة وجديد الثقافة لا حدود له.
الحديث عن التقنية ووسائط التواصل، ليس له حدود، خاصة في المخرجات التي تسعى لتحقيقها الحكومات، والشركات، ومجموعات التواصل، إذ المجال واسع لكل شيء، من جيد ورديء، ونافع وضار سواء في ما ينشر من أفكار، أو قيم، أو أنماط سلوكية تمثل قدوات لمن يشاهدها، خاصة عندما لا يكون الفرد مهيأ ذهنيا، ومعرفيا للتمييز بين الصحيح، والخطأ، لقد تحول عالم التواصل إلى ميدان كبير تتصارع فيه الرؤى والأفكار، من كل المشارب حتى إن المراقب يذهل من حدة الصراع بين أصحاب الأيديولوجيات المختلفة، إذ إن كل طرف يستشهد بما قاله المفكر الفلاني، أو بما ورد في الكتاب، أو المخطوطة الفلانية أو بما عرضته تلك القناة، أو الصحيفة.
الاستشهادات بتلك الأشياء هدفها محاولة الإقناع بصحة الفكرة التي يسوق لها الفرد، أو بهدف تخطئة فكرة الطرف الآخر، وكثيرا ما يكون الانتصار للذات هو السبب الرئيس حفاظا على المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها الفرد، أو المكاسب، ذلك أن الانتصار لفكرة معينة، حتى لو لم يكن الفرد مؤمنا بها فيه مكاسب مادية، وحفاظ على المنصب.
من يقرأ بعض المقالات، أو بعض التغريدات يجد التناقض الفلسفي داخل الفكرة المسوق لها، إضافة إلى تناقض المعلومات، وضعف المرجعيات التي يستند إليها صاحب المقال في طرحه.
عندما أقرأ مقالا في جريدة، أو في إحدى الوسائط أحس أني أمام شخص غامض، أو مرتبك، لعدم قناعته بما يدافع عنه، أو أنه لم يستوعب الموضوع، خاصة في شأن الأيديولوجيا، والفكر، والمذاهب الفلسفية التي يفترض أن يؤسس عليها فكر مجتمع من المجتمعات، فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر أمريكا مؤسسة بكامل نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي وإعلامها وجامعاتها وقوانينها كما ورد في دستور الآباء المؤسسين المنبثق عن مؤتمر فيلادلفيا عام 1787 على مفهوم الرأسمالية والفيدرالية والحرية، لكنها لم تنقطع عن جذورها المسيحية، حيث توجد كليات متخصصة في دراسة اللاهوت، كما توجد قنوات فضائية، هدفها الأساس الدعوة للمسيحية، والتبشير، وتوجد جمعيات خيرية مؤسسة، ومؤصلة على أسس دينية، وكل هذه تمثل مقومات الهوية الأمريكية، وكتب علم الاجتماع تمتلئ بما يؤكد دور هذه المنطلقات في بناء الشخصية الأمريكية، كما أن الرؤساء الأمريكيين كثيرا ما يستشهدون بمبادئ الآباء المؤسسين في خطاباتهم للأمة.
في السبعينيات، والثمانينيات من القرن الماضي كان المد الاشتراكي له تأثيره في بعض الأمريكيين، وأصبح يشكل جزءا من منظومة الثقافة لدى أوساط بعض الفئات المحرومة، ولدى الشباب، حتى إن بعض الفنانين أصبحت أغانيهم تروج لهذا الفكر، ما حدا بالجهات الأمنية خاصة FBI إلى القضاء عليهم بالتصفية الجسدية، كما لا ننسى المسلم الأمريكي مالكولم إكس، إذ تم التخلص منه عندما بدأ فكره ينتشر في أوساط الأمريكيين.
الإعلام الجديد يمثل فتحا، وفرصة يمكن من خلالها عرض بضاعتنا الفكرية، إلا أن التناقض الذي نجده بين الكتاب، أو عند كاتب بعينه يقلل من فرص تقبل البضاعة، والسبب في ذلك اختلاف المرجعيات لدى الكتاب، والمغردين، أو عدم وضوح وتماسك المرجعية عند البعض ما يوقع في تناقض شنيع يكشف عن لا هوية، أو هوية مشوشة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي