رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل تشكل أزمة الصحة وحقوق الإنسان بداية الرقابة المجتمعية؟

[email protected]

مقاول يطور أو يشغل مرفقا حكوميا ويستطيع أن يدفع للجهة المشرفة لينفذه دون الشروط المتفق عليها وبأقل التكاليف ليحقق أرباحا خيالية على حساب الوطن والمجتمع يسلم بفعلته على اعتبار غياب أي جهة رقابية أخرى خلاف الجهة المشرفة المتعاونة أو المتقاعسة، ولكنه لن يمر أبدا بهذه الفعلة كما لن يهنأ المشرف المتقاعس أو المرتشي الذي مرر هذه الفعلة بما سرقه من مال على حساب المصلحة العامة إذا كانت الرقابة المجتمعية موجودة وفاعلة، حيث يقوم أفراد المجتمع بنقل معاناتهم نتيجة التقصير الحاصل لأي سبب كان للجمعيات التي تمثلهم لنقلها للمسؤولين وللوسائل الإعلامية لمعالجتها، حيث يتم اكتشاف التقصير أو التلاعب ومحاسبته المتسببين.
لا أحد ينكر آلية إرسال البرقيات لولاة الأمر الذي طبق سياسة الباب المفتوح أيضا، حيث يستطيع المواطن إرسال برقية أو الاتصال مباشرة بولي الأمر وتقديم معروض بما يراه من نقص في الخدمات أو تقصير من الجهات الحكومية أو غير ذلك، والتي كانت تؤخذ على محمل الجد ويتم متابعتها لمعالجتها من خلال مكافأة المجتهد ومعاقبة المقصر، ولا شك أن النمو السكاني الكبير في بلادنا أدى إلى ضرورة وجود آليات حديثة تتناسب وهذا النمو والتطور الحضاري الذي تشهده بلادنا، وبكل تأكيد, إن الجمعيات والمؤسسات الأهلية تعتبر آلية متقدمة لتمكين وتعزيز مشاركة المواطن في إدارة المجتمع وتطويره من خلال تفعيل دوره التشجيعي والرقابي المهم والحيوي لتحفيز ومساءلة الجهات الخدمية الحكومية وغير الحكومية للقيام بدورها على أكمل وجه، حيث تعد تلك الجمعيات كشافات تسلط أضواءها على الجميع بما يفرح المجتهد ويغيظ المتقاعس والمتلاعب والغشاش والمرتشي.
ما قامت به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من زيارة لوزير الصحة حمد المانع لمناقشة الملاحظات التي وصلت للجمعية عن قصور في الخدمات الصحية، حيث تلقت الجمعية العديد من الشكاوى والتظلمات التي تؤثر على حقوق المواطن وتدخل ضمن مهام واختصاصات وزارة الصحة لخصت في 12 بندا يعانيها المواطنون رغم الميزانيات المهولة التي تصرف على وزارة الصحة والتي وصلت لنحو 25 مليار ريال، فضلا عما يصرف على الجهات العسكرية التي تقدم خدمات صحية هي الأخرى لمنسوبيها وللمواطنين متى ما اقتضت الحاجة، أقول ما قامت به الجمعية وما ترتب عليها من بيانات صحافية يشكل ظاهرة صحية أسعدتنا جميعا، حيث أصبح المواطن يجد جمعية لها صفة اعتبارية يستطيع أن ينقل لها الصورة السلبية الحقيقية على أرض الواقع وما يترتب عليها من معاناة رغم ما توفره حكومة خادم من موازنات كبيرة ورغم التوجيهات السامية لخدمة المواطن بما يرفع مستوى معيشته ليرى ولي الأمر حقيقة مناقضة الأجهزة الحكومية التنفيذية لهذه التوجيهات ولضعف أثر المليارات في أرض الواقع.
ما نص عليه النظام الأساسي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في مادته الثالثة الفقرة الثالثة والتي قضت بقيام الجمعية بتلقي الشكاوى ومتابعتها مع الجهات المختصة والتحقق من دعاوى المخالفات والتجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان وما قامت به الجمعية من دور فاعل في حماية حقوق الإنسان والحفاظ عليها بطرح معاناة المواطن من ضعف الخدمات الصحية في القطاع العام، حيث إن حق الرعاية الصحية من أهم هذه الحقوق الذي تحرص قيادة بلادنا، وفقها الله، على تحقيقه لجميع المواطنين والمقيمين، يعد حدثا جديرا بالاهتمام باعتباره تفعيلا للرقابة المجتمعية التي لا شك ستحد من التقاعس والتلاعب والغش والسرقات فضلا عن دورها في تحفيز المجتهد والمخلص للمزيد من الإنتاج والعطاء.
وأتوقع في المقبل من الأيام أن نرى الجمعية تتواصل مع وزير النقل لتنقل له شكاوى المواطنين في جميع أنحاء المملكة من الطرق التي تتهالك قبل الانتهاء من تخطيطها ومن الطرق التي تأخذ سنوات طويلة لتكتمل رغم الميزانيات الضخمة (7.9 مليار ريال عام 2008م) التي رصدتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أطلق كلمته المعروفة " لاعذر " عندما توافرت الميزانيات الضخمة للوزارات والمؤسسات الحكومية للقيام بواجبها تجاه الوطن والمواطن.
كما أتوقع أيضا أن نرى الجمعية والجمعيات الأخرى وخصوصا جمعية حماية المستهلك وهي تتواصل مع وزير التجارة لتنقل له شكاوى المواطنين الذين ألهبتهم أسعار المنتجات والخدمات عالية التكلفة منخفضة الجودة دون وجود آلية سريعة لاستقبال شكاواهم وحلها، حتى باتت الوكالات المحتكرة للسلع الأجنبية تتفنن في اصطياد الزبائن والتغرير بهم وشفط أموالهم، ولخدمات ما بعد البيع قصص وقصص تثبت إمكانية استغلال المواطن السعودي وغشه إلى أقصى الدرجات دون وجود جهة تنفيذية يستطيع أن يلجأ لها لأخذ حقه.
ختاما: إن السجال الإعلامي الذي سيفتح الأعين على ضعف إنجازات وزارة الصحة مقارنة مع الإمكانات المتوافرة من قبل المسؤولين والرأي العام ظاهرة صحية، نسأل الله أن تتكرر مع الوزارات الأخرى ليسعد كل موظف مخلص كبيرا كان أو صغيرا، ولترتعد فرائص كل متقاعس غشاش مرتش كبر منصبه أو صغر، فالمعيار الأثر ولا غير، نعم الأثر الإيجابي على حياة المواطن في جميع مناحي الحياة ولا غير ذلك، وكلي ثقة أن الرقابة المجتمعية متى ما أصبحت أكثر فاعلية سنقول جميعا وداعا للتصريحات الإعلامية النارية عن إنجازات لا أثر لها يلمسه المواطن والمقيم على أرض الواقع وأهلا بالإنجاز ذي الأثر الإيجابي الذي يتناقله الناس بينهم بعيدا عن آلة الإعلام الموجهة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي