تعثر الإصلاحات في ماليزيا بسحب الاستثمارات الأجنبية إلى سنغافورة
بدأت مساعي ماليزيا لجذب الاستثمارات تفقد قوة دفعها مع تبدد جهود التخلص من البيروقراطية مما يهدد بتراجعها بدرجة أكبر عن سنغافورة المجاورة فبعد عام من تعهد الحكومة بتسريع إجراءات الموافقة على إقامة شركات مازال رجال الأعمال يعانون طول الإجراءات وجمود موظفي الحكومة.
وقال مهد نور الذي يقيم منتجعا للاستشفاء في ولاية بينانج في شمال ماليزيا حيث يأمل أن يجتذب زوارا للعلاج "العاملون في الحكومة أصبحوا أكثر لطفا في التعامل فهم يبتسمون أكثر من المعتاد لكن البيروقراطية كما هي". وقال نور إن المستثمرين المحتملين من الإمارات العربية تقلقهم البيروقراطية التي يواجهونها في الإدارات الحكومية. وأضاف عن البيروقراطية "مازالوا يرسلوننا من شخص لآخر. لا أحد يبدو أنه يعرف من المسؤول ومن الذي يتعين أن ينظر في الأمر.. بعض المستثمرين يقولون ..
حلوا مشكلاتكم أولا, ورغم أن سجل ماليزيا في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية قد يكون مما تحسدها عليه العديد من الدول النامية إلا أنه مازال من الأصعب فتح شركة هناك مقارنة بسنغافورة.
وتفيد بيانات مؤشر إقامة الأعمال للبنك الدولي عام 2008 أن إقامة شركة في ماليزيا تحتاج إلى تسع خطوات وأكثر من أسبوع مقارنة بخمس خطوات في خمسة أيام في سنغافورة.
وربما تحتاج ماليزيا الآن أكثر من أي وقت مضى إلى المستثمرين، إذ تسعى لجذب الأموال الخاصة للمساعدة على تمويل مشاريع زراعية وسياحية وفي قطاع الطاقة بمليارات الدولارات.
وقفز الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى ماليزيا إلى أعلى مستوياته في عشر سنوات في عام 2006 لكن الكثيرين في مجتمع الأعمال يقولون إن ذلك حدث على الرغم من البيروقراطية وليس بسبب جهود الحكومة للحد منها.
وقال بانكاج كومار كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كورنيا اينشورانس الماليزية للتأمين "آسيا بشكل عام كانت منطقة جذب للاستثمارات خاصة إيرادات النفط".
واستجابة للشكاوى أقامت الحكومة لجنة وزارية في أيلول (سبتمبر) عام 2006 لتسريع الموافقة على المشاريع المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة أو ذات رؤوس الأموال الكبيرة أو التي تتيح فرص عمل كثيرة.
وفي شباط (فبراير) شكلت السلطات قوة عمل من مسؤولين وقادة أعمال لتسهيل الإجراءات سرعت الموافقة على تصاريح عمل المغتربين وتسجيل الشركات وتجديد تراخيص العمل.
ومنذ بدء هذه المساعي أعلنت الشركات تحسن خدمات العاملين في الجمارك والجوازات. ولكن مازالت الشكاوى من البيروقراطية وسوء مستوى الخدمات الحكومية شائعة.
وجاءت ماليزيا في المرتبة 24 في مؤشر البنك الدولي عن سهولة إقامة الشركات لعام 2008 متراجعة ثلاثة مراكز عن عام 2007. وجاءت بعد هونج كونح وتايلاند لكن قبل كوريا الجنوبية والصين وفيتنام والهند. وتصدرت سنغافورة القائمة التي شملت 178 اقتصادا.
وساعد مستثمرون من الخارج على بناء برجين من معالم كوالالمبور والطريق السريع الرئيسي الذي يمتد بطول شبه الجزيرة في حين تطور شركات النفط الكبرى حقول نفط وغاز بملايين الدولارات في ماليزيا.
لكن الشركات الأجنبية تشكو من أن السلطات الرقابية تعطل طلبات فتح مكاتب ويقول رجال أعمال محليون إن مسؤولي الحكومة يطلبون أموالا مقابل منح عقود حكومية.
وتمنح الحكومة العقود من خلال عطاءات مفتوحة لكنها في بعض الحالات تسرع العملية عن طريق اختصار قائمة المتقدمين باختيار كبار المقاولين ثم منح العقد لأحدهم. وتريد ماليزيا جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع المالي الإسلامي لتدعيم نجاحها كأكبر سوق للصكوك الإسلامية في العالم.
وتؤسس السلطات كذلك مركزا بتكلفة 105 مليارات دولار للإلكترونيات والمواد الغذائية والصحة والتعليم في ولاية جوهور في الجنوب.
وتريد كذلك تحويل ولايات كيده وبينانج وترينجانو في شمال البلاد إلى مناطق زراعية وصناعية ومراكز لإنتاج الطاقة.
لكن خططها تواجه خطر الانهيار إذ تجاهد لتحفيز موظفيها الحكوميين البالغ عددهم نحو مليون على العمل.
وقال المحلل السياسي أوي كي بينج من معهد دراسات جنوب شرق آسيا في سنغافورة "الحكومة قد تريد شيئا لكن ثقافة العاملين في الحكومة قد لا تستجيب له". وأضاف "هذا هو الجزء الصعب تغييره. يمكن تغيير القواعد... لكن كيف تحمل الناس على العمل".
والحوافز ضعيفة في قطاع العمل الحكومي في ماليزيا والعقاب محدود والوظائف عادة ما تكون مضمونة مدى الحياة مما لا يوفر حافزا يذكر على تطوير العمل.
وعلى مؤشر البنك الدولي حصلت ماليزيا على درجات عالية فيما يتعلق بحماية المستثمر وعلى درجات أقل في ضمان تنفيذ العقود وتسجيل الأملاك وبدء الأعمال.