أرباح سابك قبل النشر .. توقعات أم تخرصات!!!
رسالة محبة: أخي المستثمر.. الإنترنت والمنتديات ليست مستشارك المالي!!!
بنظره عامة مقارنة ما بين عام 2003م وعام 2008م، أي خلال خمس سنوات ماضية نجد أن هناك حراكا إعلاميا اقتصاديا واضحا خلال تلك الفترة لم يسبق له مثيل في صحافتنا المحلية على وجه الخصوص وفي الإعلام عموماً. هذا الحراك كان نتيجة تزايد الاهتمام الشعبي بالشأن الاقتصادي وبالذات فيما يخص سوق الأسهم نتيجة الدخول الكثيف لأعداد فاقت ثلاثة ملايين مستثمر خلال ثلاث سنوات فقط خصوصا بعد طرح أسهم شركة الاتصالات السعودية للاكتتاب العام!
بطبيعة الحال فإن مثل تلك التوجهات يصاحبها عادة منحنى تعلم لا بد للجميع من المرور فيه سواء المتلقي للرسالة الإعلامية أو المرسل لها. وقد كان ثمن هذا المنحنى التعليمي الذي مررنا به مرتفعاً جدا بكل أسف على الجميع بما في ذلك الدولة نفسها! وهو ثمن لا يزال الجميع يدفعه إلى اليوم، وهناك فئة محددة كسبت من وراءه ولا تزال! ولا يزال أمام الإعلام المتخصص وبالذات الاقتصادي مشوار طويل حتى يصل إلى المهنية المطلوبة وحتى يمكن أن يكون الإعلام الاقتصادي الركيزة الرابعة للسوق المالية السعودية.
نحن الآن نمر بمرحلة مشابهة إلى حد ما ولكن هذه المرة ليس من الإعلام بشكل مباشر ولكن من جهات تمرر رسالتها عبر الإعلام، وبشكل كان في الأيام السابقة له تبعات واضحة كما حدث في نهاية عام 2007م من تراجع حاد للسوق وسهم سابك تحديداً بعد موجة صعود استمرت قرابة ثلاثة أشهر. وحدث أخيرا مع نشر أرباح الربع الأول من عام 2008م لشركة سابك وستحدث في منتصف العام وكل فترة تُنشر أرباح الشركات ما لم يتم تعديل الوضع وتخطي منحنى التعلم الذي يأتي على حساب هؤلاء المساكين!
تلك الجهات هي شركات الوساطة المالية التي يبدو أنها تبحث عن فرص ولم تجدها حتى الآن وتحاول بطرق شتى الوصول ولو لجزء بسيط من أهدافها التي يبدو أنها وضعت على عجل ودون إدراك لبيئة لا تزال غضة العود! فقد بدأت ظاهرة إصدار دراسات وبحوث حول السوق وحول الشركات المتداول أسهمها وبدأت بعض شركات الوساطة تلك بإصدار تقارير حول الأسعار العادلة لتلك الشركات! حتى أن بعض شركات الوساطة التي ليس لها وجود في السوق السعودي حتى الآن بدأت تصدر العديد من التقارير وكأن لسان حالها يقول أنا موجودة يا جماعة!
وقد لوحظ أن هناك تركيزا على إصدار تقارير لشركات معينة في السوق مثل شركة سابك أو بعض شركات الاتصالات أو حتى لبنوك معينة وبتوقيتات محددة. بطبيعة الحال لا نتوقع أن يصدر تقرير دون مقابل أو دون أهداف! وقد سبق أن حذرت في مقالات سابقة من أن السوق لم يصل بعد إلى مستويات الإفصاح والشفافية المطلوبة من قبل الشركات المتداولة أسهمها للتعامل مع مثل تلك المواضيع وبالذات أن هناك تداخل مصالح كبيرا قد لا يدركه الناس العاديون ولا الإعلام الناقل لتلك المعلومات وبالتالي قد يتم استغلاله في بعض الأحيان! وأنا أشكك تماماً في قدرة شركات الوساطة الحالية على إعطاء أسعار عادلة للشركات المساهمة المتداولة أسهمها في أسواق المال الخليجية عموماً والسعودي خصوصاً لعدد من الأسباب ولنأخذ سابك كمثال على عدم دقة تلك التقارير التي تتوقع أرباحها!
دون الإشارة إلى تقارير بعينها فقد كان واضحا أن الانحراف ما بين المتوقع من أرباح والحقيقي لشركة سابك كبير إلى درجة تجاوز 15 في المائة! وهي تدل على عدم دقة التقديرات وبالتالي فشلها في تحقيق الأهداف، إلا إن كانت الأهداف هي ما حدث بعد ذلك فهذا شيء أخر! بدليل أن إحدى شركات الوساطة تلك وبعد صدور الأرباح الحقيقية التي هي بعيدة عن التوقعات حاولت التأكيد على أن تقييمها لسعر السهم لا يزال في المستوى نفسه ولم يتغير، وأعتقد أن ذلك يتناقض مع أبجديات التقييم الحقيقي لأسعار الشركات بعد صدور البيانات الرسمية للأرباح، سواء استخدمت طريقة صافي الأصول أو مضاعف القيمة الدفترية أو طريقة خصم التدفقات النقدية، أو أي طريقة تقييم أخرى لأن عليها أخذ الأرباح الحقيقية في الاعتبار عند التقييم!
وفي تصوري أن مستويات الشفافية التي تعيشها الشركات بما فيها سابك لا تساعد شركات الوساطة ولا غيرها على إعطاء تقييمات في هذه المرحلة، فمن لديه تفاصيل مبيعات سابك؟ ومن لديه أسعار سابك التفصيلية؟ ومن لديه تفاصيل مخاطر التعرض للتغير في أسعار صرف العملات والتذبذب شبه اليومي؟ من لدية تفاصيل العروض الخاصة التي تقدمها سابك لعملائها الخاصين عالمياً؟ من لديه تفاصيل مواعيد صيانة خطوط الإنتاج لشركات سابك؟ من لديه تفاصيل التكاليف غير المباشرة للشركة التي تحمل على المنتجات؟ من لديه الطرق المحاسبية التي تستخدمها سابك في تحميل تلك التكاليف على المنتجات؟ والمزيد من التفاصيل التي تحتاج إليها شركات الوساطة لكل شركة متداولة أسهمها حتى يمكن القول إن تقديرات أرباح سابك أو غيرها قريبة ولو بنسبة انحراف مقبولة في حدود 5 في المائة ولن أقول 2 في المائة.
ويمكن قياس ذلك على باقي الشركات المساهمة التي لم تصل إلى مراحل مهنية كافية فيما يخص الكشف عن الكثير من الجوانب المالية التي هي حق للمستثمر .. بمعنى أنه لا توجد شفافية كافية! الكثير من المديرين الماليين في تلك الشركات غير مصرح لهم أصلاً بالتحدث لوسائل الإعلام من قبل إدارات الشركات على عكس المعمول به في كل الأسواق المالية العالمية، حيث نشاهد المديرين الماليين يخرجون من وسيلة إعلامية إلى أخرى لتوضيح مواقف الشركة ونتائجها والإجابة عن أسئلة المستثمرين. كذلك يعد حقا شرعيا للمحلل المالي المعتمد في أن يطلب الجلوس مع المسؤولين في الشركات المساهمة والحصول منهم على إجابات عن أسئلته كلها دون استثناء حتى يتمكن المحلل المالي من التحدث للسوق بناء على تلك المعلومات وليس تخرصات! عندما يتوافر ذلك يمكن لشركات الوساطة إصدار تقييمات لأسعار الأسهم لتلك الشركات. أما أن يكون هنا تخرصات تضر أكثر مما تنفع وترفع التوقعات بشكل غير عقلاني كما حدث لسابك في نهاية عام 2007م ومع الربع الأول دون أساس قوي ويتضرر المساهم في الشركة من التذبذب الحاد في أسعار الأسهم، فهذا أمر غير مقبول. وحسب معلوماتي فإن شركات الوساطة يمكن مقاضاتها من قبل المستثمرين المتضررين من تلك التوقعات بموجب لوائح هيئة سوق المال! وبالله التوفيق.