تهديد قطر لشعوب المنطقة
يحاول البعض تبسيط الأزمة الحالية مع قطر، ويسعى دوما إلى وصفها بالأزمة السياسية أو الدبلوماسية ويدعو الشعوب للنأي بالنفس عنها، وتذكيرهم في كل شاردة وواردة بصلة الرحم والأخوة وكثير من الأمور التي في ظاهرها تبدو جميلة، ولكن هل الأزمة الحالية فعلا سياسية ولا تمس الشعوب؟
بالطبع من يحاول تمرير تلك الأفكار فما هو إلا جاهل بالأمور والأحداث والوقائع التي دفعت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى إيقاع العقوبات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ضد الدوحة، أو أنه خبيث يحاول أن يحيد الشعوب عن الأزمة ويمنعها من الوقوف مع وطنها وقيادتها، فالخلاف لم يكن في يوم سياسيا -كما يحاول أن يقنعنا المنتمون ولو وجدانيا مع تنظيم الإخوان الإرهابي- فعندما يقول حمد بن جاسم وزير الخارجية الأسبق لدويلة قطر في حديثه المسرب من معمر القذافي الرئيس الليبي السابق إنه اتفق مع مخابرات أجنبية لتقسيم السعودية، هل هذا خلاف سياسي عليَّ أن أبتعد عنه كمواطن سعودي، أم هو خبث واستهداف مباشر للشعوب وتهديد لأرضها وخيراتها ومستقبل أبنائها وأحفادها؟ لا شك أن المخاطر التي سعى لها حمد بن جاسم ومن خلفه حمد بن خليفة أمير قطر وحاليا تميم يستهدفني أنا كمواطن، ومحاولة إبعادي ما هي إلا تمييع للقضية، وتبسيطها من خلال تفريغها من المخاطر الجمة التي يمكن أن تلحق بنا كشعوب خليجية وعربية لو لم تتدخل القيادات وتؤدب قطر على أفعالها الشنيعة التي ارتكبتها في الماضي وما زالت ترتكبها، ودفعت صحيفة "نيويورك تايمز" الشهيرة إلى وصف الدوحة بعاصمة المؤامرات في آخر تقاريرها المنشور الإثنين الماضي.
عندما نقف كشعوب مع قياداتنا وأوطاننا في هذه الأزمة فنحن في المقام الأول ندافع عن أنفسنا وعن أسرنا وأبنائنا، ناهيك عن الواجب الذي يحتم علينا أيضا أن ندافع عن وطننا الذي لا نعرف سواه، وأن نقف صفا واحدا خلف قيادتنا التي تدفع المخاطر عنا، وتسعى إلى استقرار بلدنا وحمايته من الفتن والقلاقل التي يسعى نظام قطر إلى زرعها في مجتمعاتنا.
هؤلاء الذين يطالبوننا بالنأي بالنفس عن الأزمة الحالية هم أشد خطرا ممن يساند قطر ويقف في صفها وهي تدعم الإرهاب وتموله وتستهدف به أمننا واستقرارنا. من يدعم الدويلة مفضوح وظاهر للعيان، أما من يبسط القضية ويطالب الشعوب بهجرها والكف عن الخوض فيها فخطابه ظاهره الخير وباطنه الشر وهو الأخطر على الإطلاق.