رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مؤتمرات تربوية للمرشدات ومديرات المدارس

[email protected]

يقال إن المرأة نصف المجتمع, ويقال إن الأم إذا ما أعدت فهي مَدرَسة تعد شعوبا طيبة وأصيلة, ويقال .. ويقال الكثير ما يجعل الفرد منا يتساءل هل فعلا نقوم كنصف المجتمع برعاية وخدمة نصفه الآخر؟, وهل أحسنا إلى هذه الأم؟. من المعروف أن البيت والمدرسة هما أكثر المواقع استئثارا بكل الجهود والأعمال التربوية والتأهيلية إلا أننا ما زلنا لم نحقق خطوات إيجابية مرضية وأكبر دليل زيادة المشكلات وتنوعها واستمرار اتساع الفجوة بين البيت والمدرسة. عن التعليم كتب الكثير كتبا ومقالات وتقارير وبالطبع هناك دراسات حول دور النظام التعليمي الشامل والمناهج الجيدة وأساليب التربية المختلفة في تطوير مخرجات التعليم وتحسينها ولكن هل وصلنا إلى درجة الرضا بالنتائج؟. شخصيا أرى بما أن المدرسة هي الموجه الحقيقي لعقول الغد فإن التوجيه أو الإرشاد الطلابي فيها هو ما يجب أن يهتم به أصحاب القرار في المرحلة المقبلة من استراتيجية وزارة التربية والتعليم. إن من واقع ما نرى ونسمع ونقرأ ونعاصر فمدارس البنات بالذات تتطلب تدخلا سريعا لما لهذا النصف من المجتمع الذي لا يمكن الاستغناء عنه أو الاستخفاف بشؤونه. لقد أصبحت الطالبات تتطلعن للتقليد لعدم توفير وسائل تبرز إبداعاتهن وابتكاراتهن وقد دل على ذلك بعض السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا وممارسة عادات غريبة وأحيانا غير سوية. هذا طبعا إضافة إلى الكسل والاتكالية مع انتشار السمنة وغيرها من العادات اليومية غير الحميدة مما ينذر بتبديد قدرات من نعدهن للمستقبل وننتظر منهن إسهامات كبيرة أهمها: تربية عقول رجال الغد ورعايتها. الموجهات أو المرشدات الطلابية هن هدف المشروع ولكنهن حرن في إيجاد آلية يحولن بها المدراس إلى خلايا نحل مفعمة بالعمل والنشاط. لأنهن كُبلْن بالتعامل مع الورق بدل البشر فالواحدة منهن أصبحت تقضي يومها الدراسي بين استمارات تعبئها وبيانات تفرغها وأوراق تصورها ولا سبيل لأداء مهام الوظيفة الأساسية خصوصا مع التردد في استخدام التقنية لتسهيل إجراءات العمل واستغلال الوقت فيما هو أهم.
أستطيع القول إن بيئة المدرسة الآن في حاجة ملحة جدا إلى دراسة ميدانية عامة على مستوى المملكة تأخذ في الاعتبار تفاوت الظروف بين مختلف المناطق وتحصر كل المشكلات مهما كان حجمها, ومن ثم تضمن توصيات قابلة للتفعيل والتطبيق لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها لتنفيذها حسب المراحل المتفق عليها, وإذا ما كان هناك دراسة ولم تنشر وتحتاج إلى مزيد من البيانات والتدقيق والتمحيص وهذا وارد فقد أميل إلى ضم بعض الأكاديميين والأكاديميات المختصين في الوزارة أو في جامعاتنا لتجتمع الخبرة العلمية بالعملية فنحظى برؤى متعددة تأخذ في الاعتبار مثلا: (1) الاهتمام بالمسؤولة الأولى في المدرسة ومعها الوكيلات والمشرفة أو المرشدة الطلابية. حيث يمكن إيجاد مجموعة من الموظفات متخصصات في الحوار مع فئات العمر المختلفة للبنات في النشاط غير المنهجي مثل التأهيل لبرامج التوعية الصحية أو التوعية الغذائية أو الإسعافات الأولية أو تطبيق الجودة في الأعمال المختلفة من حياتهن أو دفع المتميزات منهن في الإدارة إلى أن يكن قياديات المستقبل. (2) الاهتمام بوضع آلية بدء ممارسة الرياضة البدنية اليومية (وليست التنافسية) ابتداء من العام المقبل ـ بإذن الله. (3) الاهتمام بتوجيه الرسالة للطالبة فيما يخصها ويعنيها في كل مرحلة ويفيدها في حياتها بشكل مباشر. (4) الاهتمام ببيئة المدرسة وتجهيزها بالمستلزمات الرئيسة مثل مكائن الخياطة وأدوات التفصيل ومراسم التربية الفنية ومعامل العلوم ومشاغل الصناعات اليدوية, إضافة إلى تركيب دواليب للطالبات لحفظ العباءات والمحافظ اليدوية الخاصة ...إلخ, وذلك لتحويل فترة بقائهن في المدرسة من طاردة للهوايات إلى مبرزة للقدرات ومنمية للمهارات وملهمة للابتكارات والإبداعات.
جانب آخر يركز عليه العالم من حولنا وانشغلنا عنه وهو إقامة المؤتمرات لمداولة ومناقشة خبرات المدرسات أو الموجهات أو المديرات في التعامل مع طالبات مراحل التعليم العام. ففي أستراليا يقام مؤتمر SLC 2008 ليحاكي تنشئة الطلاب القياديين والطالبات سيدات الأعمال والقياديات, وفي الولايات المتحدة تقام عدة مؤتمرات منها المؤتمر السنوي NCGS, أو مؤتمر UCSC اللذان يناقشان إعادة اكتشاف قدرات طالبات المدارس لتعويدهن على استخدام الرياضيات والعلوم في حياتهن, وفي الهند يناقش المؤتمر السنوي LCI كيف تتم مناقشة موضوعات جعل الفتاة أهم العاملات في مشاريع التنمية والسعي لاستدامتها. هذه الأمثلة تجعلنا نأمل أن تبادر وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة والإعلام والغرف التجارية في المناطق وجمعية حقوق الإنسان في إقامة المؤتمرات والندوات في هذا الشأن المهم جدا, على أن تعدَّها وتشرف عليها "المرأة" ويعاونها الرجل في التنفيذ, وتحضرها مديرات المدارس والمرشدات الطلابيات ليطلعن على كيفية إفادة الطالبات في هذه المراحل العمرية وتعويدهن على الاعتماد على أنفسهن وتحمل مسؤولية قراراتهن بالاستفادة من أوقاتهن وإبراز قدراتهن ابتداء من مرآة الصباح التي نريد لها أن ترى فيها القدوة التي عليها التأسي بها, وحتى المساء عندما تخلد للراحة استعدادا لغد محفز للعمل وباعث للأمل.
في الواقع المهمة ليست بالسهلة ولكنها ستكون أكثر صعوبة إذا ما تركت للوقت, وإذا لم نبدأ في اتخاذ اللازم حيالها تدريجيا, فما قللنا من شأنه وأجلنا المبادرة بحله اليوم سيكون عقدة جديدة في السلسلة التي سنحار في فك حلقاتها غدا, لأن رياح التغيير العالمية لا تعرف شيئا اسمه "الحدود". فهل سنشهد تنظيما حديثا منهجيا ومنطقيا للإرشاد الطلابي في مدارس البنات ابتداء من العام الدراسي المقبل (1430هـ)؟. آمل ذلك والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي