رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


العثور بالتعثر

درست مادة التسويق مع أستاذ يفتتح كل مادة يدرسها بسؤالين لكل طلاب فصله وهما: ما تخصصك؟ ولماذا اخترته؟
ظفرت ذلك اليوم بإجابات جميلة، وكان من أجملها إجابة طالب يتخصص في الإعلان عندما قال: "لم أختر التخصص. لقد اختارني". روى لنا تجربته الجامعية في يومه الأول في فصله الدراسي الثاني؛ إذ دخل بالخطأ محاضرة لمادة أساسيات الإعلان بدلا من مادة التاريخ. اكتشف أنه في الفصل الخطأ بعد مرور نحو خمس دقائق من بدء المحاضرة، فكر أن يترك الفصل، لكن جذبه أسلوب أستاذ المادة والمحتوى الذي يقدمه. قال لنفسه: "محاضرة جميلة ستفيدني. وغياب يوم لا يضر".
انتهت المحاضرة وبدأت العواصف تجتاح رأسه. انفض الجميع وبقي عالقا، لا يرغب في الخروج. لم تك مجرد محاضرة شيقة وثرية. دب في أعماقه صوت دافئ يدعوه ليس في البقاء فحسب في الفصل، بل بالبقاء في كنف تخصص الإعلان. انتبه إليه أستاذ مادة الإعلان وهو يلملم بقية أغراضه ليخرج من القاعة فسأله: "ما بك، هل تعاني مشكلة؟". أجاب: "نعم، وقعت في الحب". ردد على مسامعه وهو يغادر: "كلنا مررنا بهذا الشعور. هذا أجمل وقوع". وقبل أن يخرج الأستاذ من الفصل لحقه الطالب مناديا: "أحتاج إلى مساعدتك. كنت منحازا لتخصص الصحافة، والآن بعد محاضرتك أجدني مأخوذا بالإعلان. بماذا تنصحني؟". اقترح عليه الأستاذ أن يقرأ كتابين في مجال الإعلان إذا أكملهما أكمل مشواره فيه. تخصص في الإعلان ونقل روايته الجميلة في اختيار التخصص إلى مقالة نشرها في نشرة الجامعة.
استرجعت قصة هذا الطالب مع التخصص عندما قرأت عبارة الروائية أحلام مستغانمي: "إن أجمل ما يحدث لنا لا نعثر عليه بل نتعثر به".
أشياء مدهشة وجميلة ولذيذة نلناها وسننالها في حياتنا تحققت لنا بسبب خطأ أو صدفة ارتطمنا بها.
جربوا واستكشفوا فرصا جديدة لعلكم تعانقوا أفراحا ومفاجآت لم تخططوا لها.
تحررروا من القيود والروتين، واسمحوا لأنفسكم بتذوق نكهات لم تتذوقوها من قبل في حياتكم.
لولا دخل ذلك الطالب ذاك الفصل بالخطأ لما وقع في غرام الإعلان وصار عشقه. نحتاج إلى أن نغير عاداتنا ووجهاتنا لعلنا نجد حبا مخبوءا ينتظرنا في مكان ما لا نعلمه. وما أجمل الحب عندما يهطل عليك فجأة فيغمرك ويعمرك بمشاعر لا توصف ولا تقاس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي