تقييم دولي يستبعد امتداد آثار التضخم في الخليج إلى الادخار والاستثمار
بددت إحدى كبريات وكالات التقييم العالمية المخاوف التي كان يتداولها بعض الاقتصاديين من أن تمتد تبعات أثر التضخم إلى الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي في الخليج. ووصفت "ستاندارد آند بورز" تلك المخاوف بأنها "ليست في محلها".
وقال بين فاوكس محلل الائتمان في المؤسسة، "إن المخاوف حول آثار التضخم في الادخار والاستثمار والنمو ليست في محلها في بلدان مثل دول الخليج, فالإيرادات الحكومية من النفط سجلت أرقاماً قياسية، ونتج عن هذا مدخرات واستثمارات عامة هائلة لا تتأثر بالآفاق والتوقعات التضخمية، إضافة إلى ذلك فإن القطاع العام يواصل السيطرة على الاقتصاد. ويعتمد النمو بصورة كبيرة على إنتاج النفط والغاز، ولكن نمو القطاع غير النفطي يشهد الآن طفرة كبيرة نتيجة جهود الحكومات المتواصلة في تنويع الاقتصاد في بلدان المجلس". ويتابع "أخيراً فإن مساهمة الإيرادات الضريبية في المالية العامة، وهي صلة حيوية بين النمو الاقتصادي والمالية العامة، لا وجود لها من الناحية العملية في بلدان منطقة الخليج".
ومعلوم أنه يمكن أن يكون للتضخم أثر سلبي في الجدارة الائتمانية لدولة معينة من خلال عدد من القنوات, فهو يستطيع أن يقلل القدرة التنافسية، ما ينتج عنه توسع العجز في ميزان المدفوعات على نحو يثقل العملة. ويستطيع كذلك تثبيط الادخار والاستثمار، وإبطاء النمو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك، فإنه يستطيع أن يجعل بيئة الأعمال أقل جاذبية، ويثبط الاستثمار المباشر الأجنبي. وبحسب "ستاندارد" فإن جميع هذه القضايا ذات أهمية ثانوية بالنسبة لدول الخليج.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
بددت إحدى كبرى وكالات التقييم العالمية المخاوف التي كان يتداولها بعض الاقتصاديين المحليين من أن تمتد تبعات أثر التضخم إلى الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي في الخليج. ووصفت "ستاندارد آند بورز" تلك المخاوف بأنها " ليست في محلها".
وبشأن أسعار الصرف، وقالت "ستاندارد": إن أي تغيير في نظام أسعار صرف العملات سيكون له أثر مباشر في السياسة النقدية المحلية والبيئة النقدية، وأثر غير مباشر في تقدم الاتحاد النقدي لبلدان المجلس. وبالنسبة للسياسة النقدية المحلية والبيئة النقدية، فإن أي تحرك بعيداً عن الدولار أو نحو نظام أكثر مرونة في أسعار الصرف يمكن على الأرجح أن يكون مرغوباً في البيئة الحالية من حيث تعزيز الاستقرار النقدي.
ويقول بين فاوكس محلل الائتمان في المؤسسة، "إن المخاوف حول آثار التضخم في الادخار والاستثمار والنمو ليست في محلها في بلدان مثل بلدان الخليج. فالإيرادات الحكومية من النفط سجلت أرقاماً قياسية، ونتج عن هذا مدخرات واستثمارات عامة هائلة لا تتأثر بالآفاق والتوقعات التضخمية، إضافة إلى ذلك فإن القطاع العام يواصل السيطرة على الاقتصاد. ويعتمد النمو بصورة كبيرة على إنتاج النفط والغاز، ولكن نمو القطاع غير النفطي يشهد الآن طفرة كبيرة نتيجة لجهود الحكومات المتواصلة في تنويع الاقتصاد في بلدان المجلس". ويتابع " أخيراً فإن مساهمة الإيرادات الضريبية في المالية العامة، وهي صلة حيوية بين النمو الاقتصادي والمالية العامة، لا وجود لها من الناحية العملية في بلدان منطقة الخليج".
ومعلوم أنه يمكن أن يكون للتضخم أثر سلبي في الجدارة الائتمانية لدولة معينة من خلال عدد من القنوات. فهو يستطيع أن يقلل القدرة التنافسية، مما ينتج عنه توسع العجز في ميزان المدفوعات على نحو يثقل العملة. ويستطيع كذلك تثبيط الادخار والاستثمار، وإبطاء النمو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك، فإنه يستطيع أن يجعل بيئة الأعمال أقل جاذبية، ويثبط الاستثمار المباشر الأجنبي. وبحسب "ستاندارد" فإن جميع هذه القضايا ذات أهمية ثانوية بالنسبة لدول الخليج. إذ تأتي معظم ثروة بلدان المجلس الحاصلة على تقييمات ائتمانية من صادرات النفط والغاز. و تبقى الصادرات التي من هذا القبيل غير متأثرة بالتضخم وقضايا القدرة التنافسية.
وفي وقت سابق, أكد الدكتور جاسم المناعي المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن مشكلتي التضخم وأسعار الصرف في دول مجلس التعاون الخليجي هما مشكلتا الساعة، والجميع يعايش مشكلة التضخم وتبعاتها المضرة بالاقتصاد الوطني، ووضع الأفراد. وأشار إلى أن نسبة التضخم في دول الخليج بلغت معدلات عالية خلال العقد الأخير وصلت إلى نسبة 20 في المائة، في حين أن معدلات التضخم العالمية لا تتجاوز 2 في المائة.
ونصح المناعي دول التعاون بالتنسيق فيما بينها لربط عملتها الوطنية بسلة عملات قائمة على الشركاء، مشيرا إلى أن نظام الصرف الثابت في دول الخليج والمرتبط بالدولار لا يتيح المرونة المطلوبة للتحكم في السيولة النقدية، ولا يسمح بالتحكم في سعر الفائدة كونها مرتبطة بعملة الربط.
وأوضح المناعي في محاضرة ألقاها في المجمع الثقافي في أبوظبي أمس أن التضخم بدأ في دول الخليج مع زيادة أسعار النفط، وأصبحت المؤسسات التي تبيع المشتقات البترولية مضطرة إلى رفع الأسعار لتغطية نفقاتها، وكان هذا بداية لمشوار التضخم، وعندما تكرست ميزانيات كبيرة لدول الخليج بدأ الإنفاق الكبير على المشاريع الضخمة (عقارات، مجمعات سكنية)، وتفاقمت الظاهرة مع زيادة الطلب على النفط، وانعكست زيادة أسعار النفط على جميع القطاعات الخدمية والإنتاجية وأصبحت المؤسسات المنتجة تتكلف أكثر وخصوصا بعد انخفاض سعر الدولار، وهذا كله أسهم في ارتفاع معدلات التضخم .
ومن نتائج التضخم، حسب المناعي، انخفاض القوة الشرائية، والضغط الكبير على الأجور والرواتب، وهو عنصر من عناصر التكاليف والذي يدخل في التضخم من جديد، وبذلك ندور في حلقة مفرغة، إضافة إلى أن التضخم يؤدي إلى تآكل المدخرات، وتشويه توظيف الموارد الاقتصادية، ويضعف قدرة الاقتصاد على المنافسة، والسؤال المهم هو ما العمل؟
وبخصوص علاقة التضخم بسعر الصرف أشار المناعي إلى أن إدارة الاقتصاد تقوم على ركنين أساسيين هما: السياسة المالية، والسياسة النقدية، ومن خلال هاتين السياستين يمكن ضبط الاقتصاد، والسياسة المالية تعني التقليص من الإنفاق، وهذا ممكن لكن الإشكالية في السياسة النقدية وسعر الصرف، إذ إن نظام الصرف الثابت في دول الخليج والمرتبط بالدولار لا يتيح المرونة المطلوبة للتحكم في السيولة النقدية، ولا يسمح بالتحكم في سعر الفائدة كونها مرتبطة بعملة الربط، وإزاء هذا الوضع، ما الحل؟
أوضح المناعي أن تجارب العالم تثبت أنه لا يوجد سعر صرف صالح لكل زمان ومكان، وليس علينا أن نبقى على هذا النظام (الثابت لسعر الصرف) مدى الحياة، لا بدّ من مراجعة السياسات الاقتصادية، والعمل على توفير مرونة أكبر للسياسات النقدية، ويجب الحذر من خطورة التحرك المفاجئ ويجب أن يتم الانتقال إلى نظام جديد على مراحل، ولدينا بدائل يمكن اللجوء إليها أولها نظام التعويم المدار، والذي يستخدمه عدد من الدول العربية (تونس، مصر، الجزائر)، ونظام ربط عملاتنا بسلة عملات عبارة عن كوكتيل من العملات (مثل تجربة الكويت)، إضافة إلى نظام الربط بسلة عملات قائمة على الشركاء الاقتصاديين وهذا النظام قد يكون الأكثر ملاءمة لدول مجلس التعاون الخليجي. كما نصح الدكتور المناعي دول مجلس التعاون الخليجي بالتنسيق فيما بينها بهذا الشأن من أجل العمل بنظام موحد تجنباً للمشكلات التي يمكن مواجهتها في المستقبل، وخصوصاً تلك المرتبطة بمشروع العملة الخليجية الموحدة.