رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


جدوى الاكتتابات المقبلة

[email protected]

على الرغم من زيادة عدد الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية خلال هذا العام والأعوام الماضية، إلا أن الاستمرار في طرح أسهم هذه الشركات للاكتتاب العام يثير تساؤلات حول أدائها المستقبلي، والانعكاسات على نمو الطاقة الاستيعابية للسوق المالية السعودية على المدى المتوسط (ثلاثة إلى خمسة أعوام).
حاولت دراسة الإجابة عن هذه التساؤلات عن طريق دراسة تجربة السوق المالية التايلاندية في تفاعلها مع أسهم شركات الطرح الأولي. نشرت خلال عام 2004 في مجلة "تمويل الشركات" The Journal of Corporate Finance، بعنوان "الملكية والأداء التشغيلي في سوق ناشئة: شواهد من شركات الطرح الأولي التايلاندية".
هناك سببان دعما اختيار هذه الدراسة دون غيرها من دراسات الطرح الأولي لمقارنتها بالسوق المالية السعودية. السبب الأول أن الدراسة أجريت في سوق مالية ناشئة (سوق الأسهم التايلاندية) تتشابه ظروفها الاقتصادية مع ظروف السوق المالية السعودية. يتلخص التشابه في توسع كلا السوقين في عمليات الطرح الأولي بعد أزمة اقتصادية حادة حلت بهما، 1997 و2006، في تايلاند والسعودية، على التوالي.
والسبب الثاني أن مجموعة كارليل الاستثمارية وضعت السوق التايلاندية في مجموعة السوق السعودية نفسها من ناحية الجاهزية الاستثمارية، وذلك في دراستها الاستراتيجية حول اقتصادات دول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والمنشورة مطلع العام الماضي في إصدارات مجموعة البنك الدولي.
هدفت الدراسة إلى التعرف على أداء الشركات المدرجة في الأسواق المالية الناشئة بعد مرور ثلاثة أعوام على إدراجها عن طريق دراسة أداء 133 شركة تايلاندية أدرجت في السوق المالية التايلاندية، والعلاقة بين تحسن، أو تواضع، الأداء مع نسبة أسهم الشركة المخصصة للاكتتاب العام.
حددت الدراسة ثلاثة عوامل لقياس الأداء: العلاقة بين ملكية الشركة وإدارتها، مقومات تاريخ الشركة الاقتصادي، ونسبة التمويل إلى مجموع الالتزامات المالية.
اعتمدت الدراسة على أربعة أنواع من المعلومات: تكلفة الإدراج، القيمة السوقية، ربحية الشركة لفترة ثلاثة أعوام قبل وبعد الإدراج، واستمرار الملاك الأساسيين للشركة المدرجة في إدارتها بعد الإدراج.
قبيل مناقشة النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فإنه من الأهمية بمكان الأخذ في الاعتبار ثلاثة أمور مهمة عند مقارنة نتائج الدراسة بالظروف الاقتصادية الحالية للسوق المالية السعودية.
الأمر الأول أن عينة الدراسة (133 شركة) أدرجت خلال الفترة من 1987م إلى 1993م. والثاني، أن الدراسة أجريت قبل حدوث أزمة الأسواق الآسيوية. والثالث، أن أداء الشركات قيس بناء على نسبتين: عوائد التشغيل إلى مجموع الأصول والتدفقات التشغيلية النقدية إلى مجموع الأصول.
توصلت الدراسة إلى أربع نتائج مهمة تشكل في مجملها إجابة شمولية عن التساؤلات حول الأداء المستقبلي للشركات المدرجة في الأسواق المالية الناشئة، وانعكاسات هذا الأداء على نمو الطاقة الاستيعابية للأسواق المالية الناشئة على المدى المتوسط (ثلاثة إلى خمسة أعوام).
النتائج كما يلي:
1. يتواضع أداء الشركات المدرجة (القائمة والجديدة) بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
2. يتحسن أداء الشركات القائمة بدرجة أفضل من تحسن أداء الشركات الجديدة بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
3. يتناسب أداء الشركات المدرجة خلال الأعوام الثلاثة التي تلي طرح أسهمها تناسبا طرديا مع حجم التمويل الحاصلة عليه الشركة، عطفا على العلاقة الطردية بين نسبة التمويل ومستوى تدفقات التشغيل النقدية.
4. وهي الأهم، هناك علاقة بين نسبة الأسهم المطروحة للاكتتاب العام وأداء الشركات المدرجة بعد مرور ثلاثة أعوام من طرح أسهمها.
فالشركات التي تراوح نسبة طرح أسهمها للاكتتاب العام إما بين 1 و31 في المائة، وإما بين 71 و100 في المائة، يتحسن أداؤها تدريجيا خلال الأعوام الثلاثة التي تلي الاكتتاب. والشركات التي تراوح نسبة طرح أسهمها للاكتتاب العام بين 31 و71 في المائة يتواضع أداؤها تدريجيا خلال الأعوام الثلاثة التي تلي الاكتتاب.
تسمى هذه النسب في أدبيات العلوم المالية المهتمة بدراسات الطرح الأولي بنقاط التحول أو اللاعودة turning points. وهي نسبة أسهم الشركة المطروحة للاكتتاب العام التي تدعم نمو أداء الشركة خلال الفترة التي تلي الاكتتاب.
على سبيل المثال، تشير بعض الدراسات إلى أن نقاط التحول أو اللاعودة للشركات الأمريكية المدرجة في بورصة نيويورك تراوح بين 5 و25 في المائة، والشركات البريطانية المدرجة في بورصة لندن تراوح بين 16 و42 في المائة.
عندما ننظر إلى واقع السوق المالية السعودية من منظور نتائج هذه الدراسة، فإنه من الممكن وضع اللمسات الأولية للإجابة عن التساؤلات حول الأداء المستقبلي للشركات المدرجة أخيرا، وعلاقة الأداء بنسبة الأسهم القليلة المطروحة، وانعكاسات هذا الأداء على نمو الطاقة الاستيعابية للسوق على المدى المتوسط (ثلاثة إلى خمسة أعوام).
تدعم نتائج الدراسة وجهة نظر فريق من المؤيدين لاستمرار الملاك الأساسيين في الاستحواذ على النصيب الأكبر (1 إلى 71 في المائة) من أسهم الشركة المدرجة كعامل محفز للاستمرار في العمل بكل إخلاص لإنجاح الشركة في الفترة المقبلة.
كما تدعم هذه النتائج أيضا وجهة نظر مغايرة لفريق آخر من المؤيدين لطرح النصيب الأكبر (1 إلى 71 في المائة) من أسهم الشركة المدرجة للاكتتاب العام لتوسيع قاعدة الملكية، وفتح المجال لملاك جدد لقيادة توجه الشركة في الفترة المقبلة.
يرمي التباين في وجهات النظر بين كلا الفريقين بظلاله على السوق المالية السعودية، مؤثرا بذلك في القرارات الاستثمارية للمستثمرين، خاصة الصغار منهم. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان تقليص هذا التباين عن طريق البدء في إجراء دراسات على أداء الشركات السعودية التي أدرجت خلال الأعوام الخمسة الماضية بدءا بـ "الاتصالات السعودية" بهدف تحديد نقاط التحول أو اللاعودة للشركات المدرجة.
فمعرفة هذه النقاط، ونشرها لأعضاء السوق، خاصة شريحة صغار المستثمرين، ستدعم ليس قراراتهم في الاستثمار من عدمه في الشركات التي ستدرج في الفترة المقبلة فحسب، وإنما في السيطرة على الطاقة الاستيعابية للسوق المالية السعودية بما يحقق استدامة نموها.

ء

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي