مشكلات الناس القضائية سببها البعد الروحي عن الإسلام
أكد فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء, أن أغلبية مشكلات الناس القضائية تحدث نتيجة البعد الروحي عن الإسلام، فمن كان مستنيرا بكتاب الله وسنة رسوله وبالمنهج الإسلامي الصحيح لا شك أنه سيكون بعيدا عن المشكلات وعن التنازع, وقال إن على الناس اللجوء إلى الصلح والبعد عن إثارة المشكلات واستمراريتها. وعرج فضيلته للحديث عن مشكلات استخدام الإنترنت وتسخيرها لأهداف غير محمودة مخالفة للدين والأخلاق, ولا سيما مرتادي المواقع الإباحية والعلاقات المحرمة عبر طرق متعددة تمكنهم من فعل هذه الأفعال المحرمة المخالفة للدين والفضيلة. وقال فضيلته: إن كل إنسان سيسأل عما تسطره يداه في يوم العرض والحساب، وحث فضيلته الدعاة إلى الله إلى استغلال هذه التقنية الحديثة في نشر الوعي والعلم الشرعي الصحيح عبر هذه التقنية التي نفع الله بها، وقال إن المسؤولية على العلماء والدعاة مضاعفة للقيام بدورهم في التوجيه والإرشاد لمستخدمي الإنترنت لاستخدامه فيما يقربهم إلى الله والبعد عن الدخول في المواقع الإباحية وممارسة العلاقات المشبوهة بين الجنسين. وأكد ضرورة العمل لهذا الدين والتحلي بالعلم والبصيرة ما يعطي المصداقية لدعوتهم والبعد عن الوقوع في الأخطاء، وللمزيد إلى هذا الحوار:
في البداية نود من فضيلتكم أن تحدثنا عن أهم المشكلات التي يعانيها الفرد المسلم من خلال تجربتكم القضائية؟
الواقع أن المشكلات الناتج عنها الخصومات كثيرة جداً، فمنها المشكلات الزوجية، ومنها المشكلات المبنية على دعاوى الاعتداء على الأموال وعلى النفوس وعلى الأعراض، ففيما يتعلق بالمشكلات الزوجية لا شك أن من أسباب العصمة أن يكون الزوج خيرا لأهله، فرسول, الله صلى الله عليه وسلم, يقول: "خيركم خيركم لأهله"، وأن يكون ذا حكمة في معالجته لما قد ينشأ من مشكلات بينه وبين زوجته، فبعض الأزواج يكون لديه من حدة العاطفة ما يجعله يلجأ إلى الطلاق عند أدنى إثارة, وهذا يعد خطأ، ويعد في الواقع سالبا لأهليته في أن يكون قواما على النساء،) الرجال قوامون على النساء)، فكيف تكون قواما عليها وأنت تشعر بهذا الشعور، وتتأثر بأدنى شيء، فالله سبحانه وتعالى منحك أهلية بأن تكون قواما على المرأة، وبأن تكون درجتك أرفع منها، وأن تكون العصمة الزوجية بيدك، فإذا كان كذلك فلا بد أن تستشعر هذه الخصائص التي أعطاك الله إياها، فلا تكن دون ذلك. فالحاصل أن المنازعات الزوجية كانت في الواقع مبناها على افتقاد هذه العناصر في الرجل، كذلك ما يتعلق بالمنازعات في الحقوق المالية، فهذا معناه البعد عن المسامحة والعفو والكرم، فتجد الشخص ذا شح وبخل على من يقوم بمخاصمته، فقد يكون النزاع بين المتخاصمين في أمتار من أرض، هذا يملك مثلاً عشرات الأمتار من الأرض وذاك يملك مثلها ويكون بينهما نزاع في مترين من الحدود ولا يكون بينهما من المصالحات ما يكون، وهذا سبب من أسباب المخاصمة والعداء ومن أسباب الاختلاف والتنازع والتناحر والتدابر، والعياذ بالله، ولكنه شيء تافه، فالحاصل أن أسباب هذه المشكلات هو البعد الروحي عن الإسلام، فمن كان مستنيرا بكتاب الله وسنة رسوله وبالمنهج الإسلامي الصحيح لا شك أنه سيكون بعيدا عن المشكلات وعن التنازع .
كيف يرى فضيلتكم مهمة الداعية تجاه مجتمعه للحيلولة دون انتشار المشكلات وتلافيها وتوجيه الناس؟
لا شك أن الداعية إلى الله مهمته عظيمة ولا بد أن يتصف بصفات معينة حتى يحقق النجاح في دعوته, ومن هذه الصفات أن يكون ذا علم وبصيرة وأن يكون قدوة لغيره فيما يدعو إليه, يقول الله تعالى: "كبر مقتا أن تقولوا على الله مالا تفعلون", ويقول سبحانه أيضا "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم", فلا يدعو الداعية إلى أمر ثم يرتكب ما يخالفه, وأن يكون لينا في أسلوب دعوته ولا يكون غليظ القول, لأن ذلك أبلغ إلى قلوب الناس. ولو تمعنا في كيفية انتشار الإسلام في بعض الدول الآسيوية (إندونيسيا, ماليزيا, والهند) وغيرها لوجدنا أنه انتشر عن طريق التجار المسلمين الذين وجدوا في تلك المناطق وكانوا قدوة حسنة في تعاملهم فتأثر الناس بهذا الخلق وعند ما تساءلوا عن سبب معاملتهم اتضح لهم أنه خلق الإسلام, فكان ذلك سببا في دخولهم في دين الإسلام، وتقع عليهم مسؤولية كبيرة في توجيه الناس بالتي هي أحسن وبالسير على النهج النبوي الصحيح.
كأحد أعضاء هيئة كبار العلماء هناك تساؤل عن كيفية اتخاذ المجلس قراراته؟
في المملكة, ولله الحمد, يوجد مجلس يجمعنا وهو هيئة كبار العلماء, وأي موضوعات تطرح على جدول أعمال المجلس من فتاوى ومسائل وغيرها يتم تدارسها ويخرج الرأي بالأغلبية في المسائل التي تتم مناقشتها.
هناك فضيلة الشيخ من يخلط بين التيسير في الفتوى والتساهل فيها, فكيف يمكن توضيح ذلك للناس؟
هناك فرق بين التيسير في الفتوى والتساهل الذي معناه التجاوز في النصوص الشرعية, وهذا لا يمكن أن يقوم به المفتي الذي يخاف الله, بينما هو كما قالت عائشة, رضي الله عنها, أن رسول الله, صلى الله عليه وسلم: (ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما) فنعوذ بالله أن القول بشيء مخالف لقوله, صلى الله عليه وسلم, في نص من كتاب الله وسنة رسوله, صلى الله عليه وسلم, "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".
ظهرت في العقدين الأخيرين تقنية الإنترنت كتقنية حديثة استفادت منها الدعوة والإسلام بعمومه لكن هناك من أساء استخدام هذه التقنية سواء من خلال ارتياد المواقع الإباحية والاستمتاع بالعلاقة المحرمة والإساءة للآخرين؟
الإنترنت من الوسائل التي يمكن استخدامها في الخير والشر, ولذا على المستخدمين له أن يسخروا هذه الخدمة لما يعود بالنفع على أنفسهم وأمتهم وعليهم أن يبتعدوا عن المواقع الإباحية وخطوط الصداقة, فهي تؤدي إلى الانحراف وإلى ارتكاب ما حرم الله, ومن هنا فإنه يحرم على المسلم دخول هذه المواقع, كما عليه أن يحرص على الابتعاد عن الإساءة للآخرين من خلال الإنترنت وأن يسخره دائما للخير وما يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع.