تكاليف القمح تدفع المزارعين إلى الأعلاف الخضراء

تكاليف القمح تدفع المزارعين إلى الأعلاف الخضراء

قالت مصادر زراعية أمس إن الوضع الصعب الذي يعيشه مزارعو القمح جرّاء ارتفاع أسعار المدخلات وانخفاض سعر شراء المحصول من قبل الدولة يدفعان المزارعين حاليا إلى الاتجاه نحو زراعة الأعلاف الخضراء والبرسيم تحديدا، في محاولة لتفادي المزيد من الخسارة والقدرة على الوفاء بالالتزامات المالية المترتبة على المزارعين من قبل البنك الزراعي.
وقال لـ "الاقتصادية" مصدر زراعي رسمي، إن ما يحدث حاليا يشكل نقطة تحول سلبية ربما يدفع القطاع الزراعي قريبا ثمنها غاليا، حيث سيشكل استنزافاً للمياه بعكس القمح، وإخلالا بقاعدة العرض والطلب ومن المتوقع أن يؤثر ذلك في أسعار الأعلاف خلال عامين وانخفاضها إلى مستويات متدنية تدفع بخروج المزارعين مرة أخرى، فضلا عن احتمالية تعرض المخزون الاحتياطي للقمح إلى التقلص.
وطالب المصدر الذي كان يتحدث إلى "الاقتصادية" هاتفيا بمعالجة الموقف مبكرا من خلال رفع سعر شراء القمح إلى 1.5 ريال للكيلو على أقل تقدير، والشروع فورا في صرف مساعدات عاجلة "قروض قصيرة وتشغيلية" من خلال فروع البنك الزراعي مع التعجيل بذلك على أن يحصل المزارع على القرض قبل بداية الموسم الزراعي، بعكس الحاصل الآن حيث تبقى القروض "حبرا على ورق" ويصعب الحصول عليها وتستغرق فترات طويلة.
وارتفعت تكاليف مدخلات القمح إلى مستويات قياسية خلال الفترة الماضية، تدفعها ارتفاعات أسعار الأسمدة والكيماويات التي حلقت بشكل غير عادي مما رفع تكلفة الإنتاج، وهو ما يعني تقلص هامش الربح للمزارع الذي يبيع المحصول على الدولة بريال ونصف الريال مقابل تكاليف اقتربت أو تجاوزت الريال.
ويأتي ارتفاع سعري نوعين من الأسمدة "اليوريا والداب" والذين يعدان من أهم مدخلات زراعة القمح حيث ارتفعا أكثر من 7 في المائة عن الشهر الماضي ليواصل مسلسل الارتفاعات السنوية التي تسجلها منتجات الأسمدة المنتجة من قبل الشركة السعودية "سابك".
ويتوقع خبراء في مجال الزراعة أن تشهد السنوات المقبلة ضعفا في إنتاج القمح، خصوصا مع التغير الكبير في أسعار مدخلات الإنتاج والتي تقارب سعر الشراء.
وكان المهندس عبد المحسن بن فهد المزيني رئيس اللجنة الزراعية في الغرفة التجارية في منطقة القصيم، قد قال إن الأسمدة شهدت في العامين الماضيين ارتفاعات كبيرة تصل إلى حدود 80 في المائة، كما شهدت المبيدات ارتفاعا بنسبة تراوحت بين 20 و40 في المائة. وأضاف المزيني أن ارتفاع النقل الذي بلغ 30 في المائة لهذا العام، إضافة إلى جميع الارتفاعات السابقة قلصا تماما هامش الربح الذي يجنيه المزارعون من بيع محصولهم على صوامع الغلال ومطاحن الدقيق.
وبيّن المزيني أن سعر الطن الذي يتم بيعه بقيمة ألف ريال يتم خصم 10 في المائة شوائب وزكاة ودخل ليصل سعر الطن إلى 900 ريال بينما يصل سعره عالميا إلى 1200 ريال. وأوضح المزيني أن الأسمدة والمبيدات إذا ماتم السيطرة على ارتفاعاتها السنوية، فإننا سنقضي على زراعة القمح في السعودية، خصوصا أنها لم تعد مجدية في زراعتها في ظل بقاء سعر شراء القمح بسعر ريال واحد للكيلو.
وطالب المزيني بإعادة تقييم سعر القمح مرة أخرى في ظل انخفاض هوامش الربح وعدم تساوي السعر مع السعر العالمي للقمح. وأشار إلى أن عددا من المزارعين لهذا العام دخلوا دائرة الخسائر بعد تدني الإنتاج على مستوى السعودية حيث إن النسبة تقل عن المعدلات الطبيعية حتى في أفضل المواقع، مشيرا إلى منطقة بسيطا الجوف.
فيما يرى المهندس سلطان الثنيان مهندس زراعي ومعد بحوث زراعية، أن زراعة القمح لم تعد مجدية في ظل الارتفاعات الكبيرة في مدخلات الإنتاج إلى جانب أن أسعار البذور التي تنتجها الشركات وبعض المزارعين تشهد ثباتا في الأسعار، مشيرا إلى أن جميع متطلبات الزراعة تشهد ارتفاعات متكررة.
وأشار الثنيان إلى أن غالبية المزارعين الذين زرعوا هذا العام لن نشاهدهم في العام المقبل، كما أن المزارعين الذين يستأجرون مزارع بغرض زراعتها ستنتهي تماما، خصوصا أن الربح القليل يذهب كقيمة إيجارات لتلك المزارع.

الأكثر قراءة