لن نستخدم البترول أداة سياسية ولكننا سنرد بطريقتنا إذا هوجمنا
أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن مؤتمر القمة الثالث لمنظمة الدول المصدر للبترول "أوبك" يشكل منعطفا للتشاور والتعاون بين الدول الأعضاء حيث يدل على وفاقهم ووئامهم في متابعة قضاياهم المشتركة.
وقدم نجاد في كلمة له خلال جلسة العمل المغلقة للقمة التي عقدت بعد ظهر أمس الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود و لشعب المملكة العربية السعودية على ما وجده والوفد المرافق له من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والإعداد الجيد للقمة، مثمنا الجهود التي بذلها الرئيس الفنزويلي أوغو تشافيز خلال رئاسته لقمة "أوبك" السابقة والخطوات المؤثرة خلال فترة رئاسته.
وعد الرئيس الإيراني عدم الموزانة في العلاقات الدولية وفرض السياسات الأحادية بغية السيطرة والهيمنة على مصادر الشعوب أمرا يثير قلق المجتمعات البشرية ولا سيما في مجال الطاقة.
وتطرق إلى عدد من المخاوف في مجال الطاقة ومنها الاستهلاك المتزايد للطاقة الأحفورية والأسعار غير المعقولة الناتجة عن كثرة العرض التي حالت دون إمكانية التخطيط واتخاذ الإجراءات الشاملة على صعيد التحكم بالاستهلاك إلى جانب ممارسة بعض المستهلكين الرئيسيين الضغوط على السوق دون اهتمام بمحدودية مصادر الطاقة .
وأشار إلى أن الاستخراج العشوائي والمدمر لمصادر الطاقة يؤدي إلى تخريب جزء مهم من هذه المصادر ويحول دون إمكانية استثمار ما تبقى من الاحتياطيات وتحويل العديد من آبار النفط إلى مصادر غير قابلة للاستثمار مما يجعل إنعاشها إجراء غير اقتصادي.
وأفاد أن الحفاظ على مصادر البترول يواجه مشكلات جدية إن لم يقم المستهلكون الرئيسيون بخفض الاستهلاك على أساس خطط مدروسة.
وبين أن بعض البلدان لا يلتزم بالحفاظ على مصادر الطاقة وتكون أكثر ميلا للاستثمار في مصادر الطاقة الأخرى وأقل رغبة في نقل تقنية الإنتاج إلى البلدان المصدرة للنفط والغاز.
وعد الانخفاض المتزايد لسعر الدولار سببا لارتفاع الأسعار في السلع الإستراتيجية كالقمح والرز والحبوب الزيتية وأنواع المعادن إضافة إلى تأثيره بشكل جدي في الاقتصاد العالمي وخاصة البلدان المصدرة للطاقة.
وأشار إلى أن هنالك فارقا كبيرا بين إيرادات الإنتاج وتصدير الطاقة من جهة والبلدان المستوردة من جهة أخرى حيث إن إيرادات بعض البلدان من الضرائب المفروضة على الطاقة المستوردة تساوي أو تفوق المبالغ التي تدفع لشراء الطاقة.
وأوضح الرئيس محمود نجاد أن من ضمن الأمور التي تبعث على القلق على المستوى العالمي هو التدمير المتزايد للبيئة من قبل الدول الصناعية الكبرى وذلك بسبب الاستهلاك المباشر والعشوائي لمصادر الطاقة، مبينا أن توسيع رقعة التهديد والحرب أدى إلى إيجاد نوع من التوتر النفسي في أسواق الطاقة وترك آثارا سلبية في حفظ مصادر الطاقة وتنمية الاستثمارات وتوفير الطاقة في المستقبل.
وأكد أهمية التعاون والتنسيق بين البلدان المنتجة للنفط حيث يشكلان أداة فاعلة لتنظيم سياسات الإنتاج والاستهلاك والحفاظ على مصادر الطاقة إلى جانب التعاون بين الدول المنتجة للطاقة الأحفورية والمستهلكة لها.
ودعا الرئيس الإيراني إلى إعداد خطة شاملة للإنتاج والاستهلاك من قبل أعضاء منظمة "أوبك" بعد التنسيق مع المصدرين إضافة إلى إعداد برنامج للحفاظ على مصادر الطاقة وتنفيذه في ظل التعاون الإيجابي وتبادل الخبرات بين دول المنظمة.
وأيد الاقتراح الذي قدمه الرئيس الفنزويلي بتأسيس بنك أوبك للمحافظة على احتياطي العملة الصعبة للأعضاء مشيرا إلى أهمية التخطيط ومتابعة التشاور مع الدول المصدرة غير الأعضاء في "أوبك" للتوصل إلى برنامج عمل مشترك ومنسق وذلك لتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة.
وشدد على أهمية رسم استراتيجية موحدة لإنتاج التقنيات الحديثة واستخدامها بشكل صحيح بهدف الحفاظ على البيئة واعتبار تنويع مصادر الطاقة مصلحة عالمية إلى جانب العمل على تعزيز صندوق "أوبك" وإعداد خطة استراتيجية تدعم البلدان الفقيرة التي تتكبد الخسائر بسبب تغير أسعار الطاقة.
ودعا إلى عقد اجتماع كل سنتين أو ثلاث لقادة دول "أوبك" لمتابعة التطورات العالمية المتسارعة والتحديات التي تواجهها الدول الأعضاء.
من جهة أخرى، أكد الرئيس الإيراني في مؤتمر صحفي أعقب اختتام قمة أوبك الثالثة أن بلاده لن تستخدم النفط أداة سياسية في أي حال غير أنها سترد بطريقتها على أي هجوم أمريكي محتمل تتعرض له بسبب برنامجها النووي المثير للجدل مشيرا إلى أنه شخصيا لا يتوقع أن تقدم الولايات المتحدة على هجوم جديد قد يضاعف من جراحهم المثخنة في المنطقة على حد قوله.
ونفى الرئيس الإيراني ما تردد عن نية بلاده مهاجمة الدول الخليجية إذا ما تعرضت لهجوم أمريكي ورد بأن أمن البلدان الخليجية مكمل لبعض، وأكد اطمئنانه إلى أن الولايات المتحدة لا زالت تملك عقلاء يعون المخاطر المحتملة لنشوب حرب جديدة في الخليج، ما يعني أن الوضع يبعث على الاطمئنان في الخليج "الفارسي".
وأشار نجاد إلى أن أمريكا لا تملك الآن مع إيران إلا ما وصفه بـ "السلاح المتخلف"
وهو سلاح المقاطعة والذي لا يضر طهران كونها لا تأخذ شيئا في الأساس من الجانب الأمريكي في مقابل أن من يدفع الثمن هم الأوروبيون "الذين أبدي تعاطفي الشديد معهم "وأشار نجاد في هذا الصدد إلى أن ما تردد عن توجيهه رسالة استفزازية للرئيس الفرنسي ساركوزي غير صحيح معتبرا رسالته التي وجهها تبحث شؤون العلاقات التاريخية بين البلدين، ولم تتضمن تعنيفا شخصيا ولم تتطرق إلى الملف النووي الإيراني.