المستثمر في السوق المالية .. والتداول على معلومات داخلية «1»

يعتبر موضوع التداول بناء على معلومات داخلية Inside Trading من أكثر المواضيع تعقيدا من حيث النظرية، والتقنين أو التشريع، والإثبات، كما يعتبر من أكثر المسائل تداولا ولا سيما في ظل وجود جهة رقابية صارمة. لذلك ستبدأ هذه المقالة بمعنى التداول بناء على معلومة داخلية ونطاقها ومن ثم هدفها ممهدة للمقالة التي تليها بتوجه نظام هيئة السوق المالية السعودية ولائحته ذات العلاقة علها تسهم في نشر الوعي بين المستثمرين والمضاربين في الدرجة الأولى ثم تثري النقاش بين المختصين والمهتمين حول هذا الموضوع الذي بدوره سيدفع بهم للمساهمة في هذا الحقل وإثرائه.
المقصود بالتداول بناء على معلومة داخلية أن يقوم شخص ما بتداول ورقة مالية "متداولة" في أي شركة مدرجة بناء على معلومة داخلية جوهرية حصل عليها بنفسه أو من شخص مطلع ولا يعلم الجمهور بهذه المعلومة. مثال ذلك أن يقوم مستثمر بشراء أسهم في شركة مدرجة في السوق عند علمه عن طريق المدير المالي أو التنفيذي أو القانوني ـــ على سبيل المثال لا الحصر- للشركة المدرجة عن عزم شركة أخرى تقديم عرض لشراء تلك الشركة المدرجة. ففي هذه الحالة قد يستفيد المستثمر بعد شرائه تلك الأسهم من تلك الشركة المدرجة قبل إعلان عزم الشركة الأخرى تقديم عرض شراء للشركة المدرجة من خلال بيع الأسهم بعد الإعلان إذا ارتفعت أسهم المشركة المدرجة المقدم لها الشراء بعد الإعلان عن تقديم العرض.
أما من حيث النظرية فتعتبر الولايات المتحدة لها قصب السبق في البدء في تشريعها عن طريق النص العام وأحكام المحكمة الخاصة وأخيرا عن طريق هيئة السوق الأمريكية Security Exchange Commission بتدرج تشريعي الذي حظرت من خلال الأدوات السابقة التداول بناء على معلومة داخلية الذي عد جناية تدخل ضمن الغش والاحتيال، ثم توالت التشريعات في الدول بعد ذلك لتضمن وجود نظام يمنع التداول بناء على معلومة داخلية.
وتكاد تقوم فلسفة حظر التداول بناء على معلومة داخلية على مدرستين رغم تشابههما أو اختلاطهما؛ الأول أن فلسفة حظر التداول بناء على معلومة داخلية حيث يقوم مبدأ التكافؤ في الحصول على المعلومة Equal Access to Information، وهذا المبدأ بشكل أساس كان القاعدة التي بني عليها حظر التداول بناء على معلومة داخلية في الولايات المتحدة الذي تحولت عنه أخيرا وهو الفلسفة التي قام عليها تشريع حظر التداول بناء على معلومة داخلية في الدول الأوروبية. فلسفة المدرسة الثانية التي بني عليها حظر التداول بناء على معلومة داخلية هي مخالفة مبدأ الواجبات الائتمانية Fiduciary Duty الذي تحولت إليه الولايات المتحدة بعد أن كانت معتمدة على مبدأ التكافؤ في الحصول على المعلومة. جدير بالذكر أن الولايات المتحدة في نظام تداول الأوراق المالية 1934 Securities Exchange Act of 1934 لم تتطرق بصراحة إلى التداول بناء على معلومة داخلية وإنما تم حظره صراحة من خلال أحكام المحاكم و لوائح أو قواعد هيئة السوق المالية الأمريكية. ذلك الحظر القضائي المستدرك بقواعد هيئة السوق المالية الأمريكية تم بناء أساسه على أن التداول بناء على معلومة داخلية يعتبر من التدليس والتلاعب بالسوق الذي نص نظام تداول الأوراق المالية الأمريكي 1934 صراحة على تحريمه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي