المواقف والمرور لا بد أن يفترقا
حققت إدارة المرور في المملكة تحسنا كبيرا في الأداء وأسلوب التعامل مع مستخدمي المركبات خلال السنوات الخمس الماضية، خاصة بعدما انتقلت مهام ضبط مخالفات تجاوز السرعة النظامية إلى "ساهر"، وكذلك نقل مهام مباشرة الحوادث وتقييمها وتحديد نسبة الخطأ إلى "نجم". بعد هذه التغيرات، من المتوقع أن تشهد الخدمات المرورية تحسنا أكبر في أداء المرور، مما يلاحظ في الوقت الحاضر. فعلى الرغم من تقلص المهام بدرجة كبيرة، إلا أن إدارة المواقف على الطرقات أو الشوارع لا تزال تعج بالفوضى وعدم الالتزام بالأنظمة، بل يلاحظ عدم مبالاة بعض قائدي المركبات بالآخرين أو بحقوق الطريق أو برجال المرور أنفسهم. فبعضهم يقف خلف السيارات المتوقفة، ما يؤدي إلى حبسها وعدم السماح لها بالخروج، أو يقف في منتصف الطريق المخصص للسيارات، فيتسبب في إرباك الحركة المرورية وإحداث اختناقات مرورية لا مبرر لها.
ولتحسين إدارة مواقف السيارات في المدن السعودية، ينبغي أن ينشأ جهاز أو إدارة أو هيئة جديدة مختصة بالمواقف، تشرف على تنظيم مواقف السيارات وتصنيفها إلى فئات وتحديد الأوقات المسموح بالوقوف فيها بالمجان والأوقات التي يتطلب الوقوف فيها رسوما تختلف من مكان إلى آخر حسب طبيعة المكان وحجم الطلب عليه. هذا الجهاز أو الإدارة المقترحة ليس بدعا أو جديدا، بل إنه مطبق في جميع الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود، فيطلق عليه هيئة مواقف السياراتParking Authority أحيانا، أو قسم المواقف Parking Division أحيانا أخرى. وهذا الجهاز المقترح سيخفف أعباء إدارات المرور، ويمنحها الوقت للقيام بمهامها الرئيسة، للإشراف على الحركة المرورية وضبطها، وكذلك مراقبة وتهذيب السلوك السيئ والعدواني لبعض قائدي المركبات، والتأكد من سلامة الطريق لوصول الناس إلى مقاصدهم بأمان وراحة.
مما لا شك فيه أن التزام قائدي السيارات باستخدام المواقف وفق الأنظمة المعمول بها يعد مظهرا مشرفا من مظاهر حضارة الأمم ورقيها في احترام الآخرين وتثمين أوقاتهم، لكن ذلك بخلاف ما نراه كل يوم في شوارعنا من تراكم السيارات أمام المطاعم والمقاهي والدوائر الحكومية والمساجد دون مراعاة للمارة أو للسيارات التي تلتزم بأنظمة المواقف، ما يتسبب في نشوء ازدحام مروري يؤدي إلى تأخر بعض قائدي المركبات عن أعمالهم أو أسرهم، إلى جانب هدر كثير من أوقاتهم الثمينة.
عودا على مقترح إنشاء جهاز حكومي أو خاص يُعنى بمواقف السيارات في المدن السعودية، فإن من البديهي أن يضطلع بالمهام ذات الصلة بمواقف السيارات، ومنها على المثال ما يلي:
1. التخطيط لإنشاء المواقف وصيانتها، وتحديد طبيعة استخدامها، وضمان توافرها في الأماكن المهمة قبل الترخيص بإنشاء المطاعم والمدارس والإدارات.
2. إعداد أنظمة وتعليمات استخدام مواقف السيارات مع تحديد مناطق التحميل التي يحظر الوقوف فيها، والمواقف المخصصة للمعوقين، وكذلك المواقف المخصصة للمطافئ ونحوها.
3. إعداد اللوحات الإرشادية الخاصة بمواقف السيارات وفق المواصفات الدولية.
4. جمع وتحصيل المبالغ المالية في "عدادات المواقف" Parking Meters.
5. سحب السيارات التي تخالف الأنظمة وتقف في مناطق يحظر فيها الوقوف مطلقا.