«مسك آرت» .. شباب يمسح الغبار عن روح الحياة اليومية

«مسك آرت» .. شباب يمسح الغبار  عن روح الحياة اليومية
«مسك آرت» .. شباب يمسح الغبار  عن روح الحياة اليومية
«مسك آرت» .. شباب يمسح الغبار  عن روح الحياة اليومية

"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، مقولة تتبادر إلى ذهن من يزور مهرجان مسك آرت، متأملا كم التغذية البصرية الجمالية التي يبثها المكان، تصميما يحسب للمنظمين، ومحتوى أبدع في العمل عليه وتقديمه شباب وشابات يبعثون بجدهم وفنهم على البهجة، جنبا إلى جنب مع ذاكرة وطنية ممتدة من أعمال رواد التشكيل والخط والتصوير والنحت الأوائل.
وخلافا لتظاهرات فنية سابقة عمل مهرجان "مسك" على تنويع المتلقين فليس الباحثون عن الجمال والترفيه هم المستهدفين حصرا هذه المرة. بل هناك أيضا المتلقي المستثمر الذي قد يجد في إبداعات الشباب فرصا تسويقية جيدة. لذلك انتشرت زوايا العرض الخاصة على امتداد المهرجان. وفيها فنانون يعرضون أعمالهم للبيع والاستثمار بالتوازي مع عرض تجاربهم الفنية المبدعة بينما المستهدف جمهور عريض حان الوقت ليدرك خصوبة هذا المجال وفرصه كصناعة واعدة اقتصاديا وفنيا.
مدينة مصغرة، بزوايا ملونة وأزقة عامرة بعديد من الفنون البصرية، تبعث على مزيد من التجوال، الموعود دائما بدهشة لا تفارق محيا الزوار رغم اختلاف الشرائح والأعمار. تتخلل ذلك ورش عمل جانبية تأخذ بيد الأطفال والهواة، فضلا عن منصات مركزية لعروض إبداعية مباشرة ترسم بالصوت والضوء صورا مبتكرة، امتزجت فيها أصالة الفكرة المبدعة بعصرية التقنيات الحديثة.
وكما يضفي الفن على المكان جمالا لا تخطئه الحواس، ويهذب الأرواح التي تتذوقه باستمرار، جاليا عنها متاعب الحياة اليومية. للفن أيضا علاقة مباشرة بعقلية ومهارة من يحترف تقديمه. فقد أثبتت الدراسات العلمية أن "الصورة البصرية هي أفضل أشكال التمثيل العقلي اكتمالا". موهبة ذات أهمية في الشؤون التقنية والفنية إذ تضفي دقة على مدركاتنا، كما تضفي سدادا على تعميماتنا. ومن هنا كان للطفل نصيبه الأوفر من مهرجان مسك آرت. فكل الأطفال فنانون بطبعهم اذا لم يطرأ على ذلك تغيير بسبب التنشئة أو كبت المواهب كما يقول الفنان العالمي بيكاسو.
وفي عالم الفنون عموما والبصرية على وجه الخصوص من المعلوم أن "الإلهام لا يحدث بأعجوبة فجائية وإنما هو رأس مال يتجمع تدريجيا". وهذا ما يدركه القائمون على مهرجان مسك الذين جعلوا من دعم المجتمع المحلي في تجربته الفنية ومساعدته على إبرازها وتطويرها هدفا من أهداف المهرجان. بحيث يكون المحفل تجربة تفاعلية بين الجميع. بدءا باختيار الفنانين الذين بلغ مجموعهم 165 فنانا منهم 15 عرب وعالميين مرورا بورشة عمل "الإبداع المشترك" التي سبقت المناسبة تحضيرا لعديد من الأعمال المعروضة اليوم. وصولا إلى التفاعل اليومي والتبادل المعرفي والاقتصادي على مدى أربعة أيام متواصلة هي فترة المهرجان، بين الفنانين وبعضهم بعضا من جهة، والفنانين مع الزوار من جهة أخرى.
يبقى أن ما يبعث على البهجة والتفاؤل أن هؤلاء الأطفال والشباب والمخضرمين الذين تمتلئ بهم أروقة المهرجان وجنباته، هم مفتاح ثقافة الوطن ووقود رؤاه المقبلة اقتصاديا واجتماعيا، بلمساتهم التي تسوق الفن بفن لا غنى للنفوس البشرية عنه. فحتى لو لم تكن بعض الفنون تحاكي الطبيعة الجامدة بمعناها الواقعي الصرف إلا أن خيالاتها المبدعة والمتنوعة هي الطريق الأمثل لإدراك الحقيقة.

الأكثر قراءة