رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


البنوك والمصارف ودورها السلبي!!

[email protected]

يمر مجتمعنا منذ أشهر بموجة غلاء أثرت في مدخرات العامة، وألحقت بها ضرراً فادحاً، ولا تزال هذه الموجة في تصاعد مستمر! وفي ظل هذه الموجة الصاعدة لا تزال البنوك والمصارف تتعاطى مع هذه الأزمة بتجاهل صارخ!! وليس العتب (أو الشرهة) على البنوك بعامة، ولكن على البنوك والمصارف والنوافذ الإسلامية بخاصة، وذلك أنها حين صبغت تعاملاتها بالصبغة الإسلامية، فقد أثقلت كاهلها بمسؤولية كبرى، وبأمانة عظمى، ينبغي أن تقوم بدورها الواجب تجاه هذه المسؤولية التي ألقيت على عاتقها، فلا يصح أن يختزل هذا العنوان العريض: (الإسلامي) بمجرد تحويل المحرم إلى حلال، كلا، فالبنك أو المصرف الإسلامي ينبغي أن يكون له دوره الاستراتيجي المهم في تقديم النموذج الإسلامي الواسع، سواء من خلال إشراك المواطن في تعاملات إسلامية حقيقية، تحقق له أرباحاً إضافية على رأس المال- بشرط ألا تكون مضمونة - بأسلوب المضاربة، أو الاستصناع..، أو من خلال بناء أوقاف خيرية يستفيد منها أصحاب الدخل المحدود، أو من خلال بناء مراكز طبية يستفيد منها مرضى الكلى، أو السرطان.. إلخ، أو حتى من خلال تقديم قروض حسنة لمن ظهرت حاجته الملحة بالأمارات والقرائن، أو من خلال توسيع دائرة (الإسلامي) لتشمل المنفعة والتنمية كل أفراد المجتمع، وذلك في بناء مراكز علمية أو بحثية.. إلخ، وبهذا نستطيع أن نفخر بالبنوك الإسلامية، وأن تقدم نموذجاً حسناً، يقتدى به في سائر أقطار العالم، لا أن نقدم نموذجاً تجارياً صرفاً، أو أن نقدم نموذجاً تقليدياً ونكسوه لباساً إسلامياً، أو نقدم صكوكاً ما ثم نفاجئ العالم بأنها قد وقعت ضحية استنساخ!! وعلى سبيل المثال، وبما يخص موضوع الغلاء، فإنه إذا كان البعض ينادي بسحب السيولة التي هي من أبرز أسباب التضخم، وذلك من خلال رفع سعر الفائدة، وهي أسلوب تقليدي محرم، فلماذا لا تقدم البنوك الإسلامية نموذجاً متميزاً وشرعياً، وذلك من خلال طرح صكوك إسلامية (مضاربة أو غيرها..)؛ من أجل المشاركة في سحب السيولة بالأسلوب الإسلامي المنتِج، لا بالأسلوب التقليدي العقيم!! وبهذا يزول الغبش الجاثم على بنوكنا الإسلامية، وتصبح هذه البنوك همّ كل مواطن، لا همّ التاجر فقط!! لأنها أصبحت تمارس دوراً مجتمعياً وإنسانياً، وبهذا يمكن لهذه البنوك أن تقدم نماذج خيرية يشكرها الجميع، فتعيد بنا الذاكرة لحديث النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سأله رجل عن بعض الأعمال الفاضلة، فذكر منها: (تعين صانعاً، أو تصنع لأخرق) وما المانع أن تقوم البنوك الإسلامية بوضع رؤية استراتيجية خمسية، تسهم من ورائها في تنمية المجتمع، وخدمة الصانع الذي لا يجد مالاً، أو صاحب المال الأخرق الذي لا يحسن الصنعة؟ إنها مسؤولية كبرى تقع على كاهل أصحاب هذه البنوك، وهيئاتها الشرعية، فأعضاء الهيئات الشرعية ينبغي ألا يقف دورهم عند حد تقديم الحلول الشرعية للمعاملات التقليدية المحرمة، أو عند حد اقتراح العقود الشرعية التي يعود ريعها لصاحب البنك، وحسب، بل ينبغي على أصحاب الفضيلة - وهم محل المسؤولية، والأمانة- تقديم الرؤى الشرعية، والمقترحات الواقعية التي تسهم في تنمية المجتمع، والنهوض به، وعلاج بعض مشكلاته الاقتصادية التي يمكن أن تنهض بها البنوك الإسلامية، وبهذا تحقق هذه البنوك نهضة اقتصادية واجتماعية تشرئب إليها أنظار العامة، كما ستنأى بنفسها عن تهمة التورط في تجاهل المجتمع وأوضاعه المتردية، بل وتسهم في استقطاب العديد من المواطنين إلى باحة هذه البنوك لأنهم يرون فيها نقطة تحول إيجابي لصالح المجتمع، بكل فئاته.
إنه لا يخفى على مطلع أن من أبرز سمات الرأسمالية الغربية أنها تزيد الغني غنى، وتزيد الفقير فقراً، وهذا ما لا نريده لبنوكنا الإسلامية، لأنه يفترض فيها أن تكون مرجعاً اقتصادياً إسلامياً للبلد وأهله، تحس بآلامه، وتشعر بآهاته، لا أن تكون حضناً دافئاً للتاجر وأرصدته!! ولهذا لا ينبغي للبنوك الإسلامية أن يقف دورها عند حد التمويل بالمرابحة، أو نحوه من التعاملات التي تثقل كاهل المجتمع بالديون، وحسب!! ويجب أن نأخذ العبرة من أزمة الديون أو الرهون التي تمر بها الولايات المتحدة، وشركاؤها، فلا نسهم بأموالنا إلى توريط المجتمع في أزمات لا يعلم أثرها إلا الله تعالى، والله تعالى هو الموفق والهادي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي