«الأحوال المدنية» ومسؤولية أخطائها
في الأسبوع الماضي حصل مواطن من محافظة "رنية" على "هويته الوطنية" هو وعائلته بعد عشر سنوات من اكتمال معاملته وإرسالها إلى الإدارة الرئيسة بالرياض، لكن المؤسف في الأمر أن "الأحوال المدنية" لم تتنبه لمعاملته التي مكثت عشر سنوات في أدراج المسؤولين إلا بعد نشر إحدى الصحف تقريرا عن معاناته وأسرته وتعطل مصالحه الحكومية وحرمانه من أساسيات الحياة الكريمة من تعليم وعلاج وضمان اجتماعي وغيرها.
وهذه ليست حالة فردية، بل حين تتبعت الصحف والتقارير المنشورة وجدت خلال العام الماضي أكثر من 12 حالة منشورة لمواطنين ومواطنات سعوديات تقبع معاملاتهم بالسنوات في "الأحوال المدنية" بعد إحالتها من الفروع إلى الإدارة الرئيسة، وأنا لا أتحدث عن معاملات "التجنيس" فهذا حق سيادي للدولة وهناك نظام خاص به. بل عن حالات لمواطنين سعوديين لم يحصلوا على "الهوية الوطنية" بسبب أخطاء بعضها لا ذنب لهم فيها كتعنت بعض الآباء أو موتهم أو بعض الأسر في القرى النائية التي لم تندمج في المجتمع إلا متأخرا وقد تراكمت مثل هذه الحالات في مكاتب "الأحوال المدنية" لسنوات دون حلول ودفع هؤلاء المواطنون الثمن مضاعفا، وحرموا من معظم الحقوق الأساسية، وهو أمر لا تقره الدولة ولا ترضى به، ولكن بكل تأكيد هناك خلل ما يجعل من استمرار هذه الحالات أمرا محرجا ومزعجا في ظل الإمكانات المتوافرة.
ولو عدنا لقصة المواطن الذي حصل على هويته الوطنية بعد نشر الصحف معاناته، فهناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة؛ أهمها من الذي يتحمل كل هذا التأخير؟ لماذا بقيت معاملته عشر سنوات دون حسم؟ من هؤلاء الموظفون الذين أهملوا معاملته؟ وفي أي مكتب كانت؟ لماذا لم تتحرك إدارة الأحوال المدنية إلا بعد نشر التقرير في الإعلام؟ لا شك أن هذه الأسئلة تكشف تقاعسا كبيرا وقصورا في تنفيذ الأمانة الموكلة لهؤلاء الموظفين المؤتمنين على مصالح الناس.
ولا يجب أن تمر مثل هذه الحالة دون محاسبة المتسبب في هذا التأخير؟ بل من حق المواطن وفق أنظمة الدولة مقاضاة "الأحوال المدنية" لدى "ديوان المظالم" والمطالبة بالتعويض مقابل ما لحق به من معاناة وتعطل مصالحه كل هذه السنوات.
وأذكر قبل سنتين قصة مشابهة نشرت لفتاة سعودية من الدمام يحمل كل إخوانها وأخواتها ووالداها "الهوية الوطنية" إلا هي نتيجة خطأ من الأب وحرمت بهذا الخطأ الفادح من إكمال تعليمها والحصول على فرص وظيفية وكذلك حرمت من فرصة الزواج وغيرها، ومعاملتها قابعة منذ سنوات في مقر "الأحوال المدنية" بالرياض.
وكم كنت أتمنى لو تستفيد إدارة الأحوال من تجربة "وزارة الصحة" التي تسلمها الوزير "توفيق الربيعة" ولديها آلاف المعاملات المعلقة منذ سنوات، وتم تشكيل فريق عمل ليتم الانتهاء منها خلال ستة أشهر فقط.
هذه الأخطاء التي تتراكم لا تحتمل، فالحياة دون "هوية وطنية" معاناة كبيرة ولا يليق بالمسؤولين في "إدارة الأحوال المدنية" إهمال معاملات المواطنين وتركها بالسنوات الطويلة دون حسم.