البحث العلمي والصناعات النفطية والبتروكيماوية
تقوم الشركات النفطية والبتروكيماوية بالإنفاق الكبير على البحث والتطوير من أجل الحصول على تقنيات جديدة من شأنها أن تزيد من أرباح هذه الشركات. تعتمد كميات الإنفاق هذه على أسعار الطاقة ومدى زيادة الطلب العالمي عليها، فعلى سبيل المثال في الثمانينيات من القرن الماضي انخفضت أسعار النفط، ما أجبر الشركات النفطية على تقليل الإنفاق العام، الأمر الذي جعل استقطاب العقول ليس بأهمية كبرى وقلّ، بشكل لافت للنظر، الإنفاق على البحث والتطوير. ولكن مع صعود أسعار النفط وزيادة الطلب العالمي على النفط منذ بدايات الألفية الثالثة اعتمدت هذه الشركات سياسات بحثية واعتنت بتوظيف العلماء من أجل الحصول على تقنيات جديدة تدعم منافساتها مع الشركات الأخرى.
فعلى سبيل المثال توجد كميات كبيرة من النفط في أماكن بعيدة تحت سطح الأرض أو المحيطات يتعذر الوصول إليها بالطرق التقليدية، ما يجعل تطوير عمليات الحفر والتنقيب هدفا رئيسا من أهداف هذه الشركات لتبقى في المنافسة العالمية.
ومع ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة تم إعادة النظر في النفط غير النمطي، مثل نفط الرمل الموجود بكثرة في كندا وفنزويلا، ولكن للاستفادة من هذه الأنواع من النفوط غير التقليدية يجب عمل الكثير من أجل تطوير تقنيات جديدة من شأنها جعل استغلال هذه الموارد اقتصادياً وذا ربحية مقبولة. أما بالنسبة لشركات التكرير فهنالك العديد من المعضلات التى تواجهها، ومن أبرزها الامتثال للقوانين البيئية الصارمة من نزع المواد الكبريتية والنيتروجينية في الوقود الناتج من عمليات التكرير، هذا عدا تقليص الملوثات الجوية الناتجة من المصافي.
وفى ضوء كل هذه التحديات يبقى البحث والتطوير هما الحل الشافي للكثير من الشركات العالمية لإيجاد واكتساب التقنيات المناسبة التي من شأنها أن ترفع من مكانة هذه الشركات علمياً واقتصادياً. ففي عام 2006 مثلاً أنفقت كل من شركة إكسون موبيل وشركة شل نحو ثلاثة مليارات ريال على البحث والتطوير، بينما اكتفت شركة بريتش بتروليوم BP بنحو 1.5 مليار ريال. طبعا لا يرقى هذا الإنفاق إلى المبالغ التي أنفقتها شركات من صناعات أخرى مثل شركات الحاسبات وصناعة السيارات، حيث أنفقت كل من "مايكروسوفت" وGM نحو 25 مليار ريال. ويبدو أن ارتفاع رأس المال المطلوب للاستثمار في الصناعات النفطية هو السبب الرئيس وراء انخفاض الإنفاق على أعمال البحث والتطوير، إذ يتطلب استثمار نحو 10 مليارات دولار لإقامة مصفاة تحويلية حديثة، إضافة إلى أن الإنجازات الجديدة في الصناعات النفطية (المخضرمة) ليس بنفس زخم الإنجازات والقفزات في عالم الحاسبات والإلكترونيات. ومع ذلك فإن الكثير من الشركات التى تعمل في مجال النفط بدأت تتسابق في الإنفاق على البحث والتطوير، خاصة في مجال التنقيب والخدمات النفطية. فهذه شركة شلمبرجير من المتوقع أن تنفق هذا العام نحو 2.7 مليار ريال، بينما من المتوقع أن ينخفض إنفاق "إكسون موبيل" ليصل إلى 2.5 مليار ريال.
أما بالنسبة لبراءات الاختراع للشركات النفطية والبتروكيماوية والكيماوية، فإن شركة دو بونت Du Pont هي أكبر حاصل على تلك البراءات لعام 2006، والتي وصل عددها إلى 362 براءة. ومن ثم تأتى كل من "هليبرتون" و"باسف" الألمانيتين بنحو 280 براءة لكل منهما. وحصلت شركة شلمبرجير على 224 براءة في الأعمال المساندة لاستخراج والتنقيب على النفط. وأما عملاق النفط "شل" فحصلت على 185 براءة، وأما "إكسون موبيل" فحصلت على 154 براءة، وحصلت شقيقتها "إكسون موبيل" الهندسية والبحثية على 48 براءة و"باير" 148، وأما "سوميتومو كيميكال" فحصلت على 102 براءة اختراع، وحصلت شقيقتها "سوميتومو" للصناعات المطاطية على 71 براءة، وقد أذهلت هذه الشركة الكثير من النقاد، حيث اقتحمت مجال البتروكيماويات وقامت بتطوير عمليات جديدة لتصنيع مواد بتروكيماوية، وقد أقامت مشروعا مشتركا مع شركة أرامكو السعودية في مدينة رابغ (بترورابغ). وحصلت شركة داو العالمية DOW على 64 براءة فقط، ولا يرقى هذا الرقم إلى مكانة هذه الشركة، خاصة إذا ما قارناها بمثيلاتها مثل شركة باسف الألمانية. وحصلت شركة UOP على 58 براءة، و"كونوكو فيليبس" على 57، فيما حصلت "شيفرون" على 48 براءة.
تشهد المملكة تسارعاً ملحوظاً في إصدار وامتلاك براءات الاختراع، وكان للدعم والتشجيع اللذين قامت بهما الدولة للعلماء وتكريمهم من خلال تكريم خادم الحرمين الشريفين لأساتذة الجامعات الحاصلين على براءات اختراع أمريكية أثر كبير في ذلك. فعلى سبيل المثال منذ عام 1994 وحتى عام 2006 سجل باسم الشركات والجامعات السعودية 150 براءة اختراع صادرة في الولايات المتحدة.
وشهدت السنتان الأخيرتان تحديداً تحقيق أرقام عالية في تسجيل براءات الاختراع، فبلغت أعداد البراءات المسجلة باسم الشركات والجامعات والمؤسسات السعودية عام 2006 19 براءة اختراع أمريكية (كان لـ "سابك" نصيب كبير منها). أما عام 2007 فحتى أيلول (سبتمبر) الماضي بلغ عدد براءات الاختراع الأمريكية الصادرة من المملكة 27 براءة اختراع، 14 منها مملوكة لـ "سابك" و10 منها لـ "أرامكو السعودية" واثنتان لصالح جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأخرى لشركة كريستال المملوكة لشركة التصنيع الوطنية.