هل تكون سلة العملات خيارا مفضلا لدول الخليج لمواجهة حدة التضخم؟

هل تكون سلة العملات خيارا مفضلا لدول الخليج لمواجهة حدة التضخم؟

يعد خيار سلة العملات المثير للجدل أحد الخيارات المطروحة لدول مجلس التعاون لاسيما بعد أن فضلت الكويت في أيار (مايو) الماضي العودة إلى سلة العملات بعد أن ذاقت مرارة التضخم السعري الذي انعكس بشكل سلبي على أدائها الاقتصادي. وتخطط دول مجلس التعاون منذ اجتماعها التاريخي في المنامة في عام 2000 على ربط عملات الدول الخليجية كافة بالدولار الأمريكي مع حلول عام 2010 غير أن قرار عمان بعدم الالتزام بالموعد وتخلي الكويت ربط عملتها بالدولار أدخل العملة الخليجية الموحدة في نفق مظلم.
وتكاد تكون مؤشرات التضخم السعري في المنطقة التي طالت حياة المواطنين من الأمور الضاغطة على السياسات المالية لدول مثل الكويت وسلطنة عمان اللتين عانتا من ارتفاع مستوى التضخم النقدي في بلادهما بالرغم من ارتفاع مستوى النمو الاقتصادي في كلا البلدين. وأشارت أرقام رسمية في السلطنة في منتصف الشهر الماضي إلى ارتفاع معدل التضخم في السلطنة إلى 4.8 في المائة مع نهاية تموز (يوليو) الماضي مقارنة بـ 2.9 في المائة لشهر تموز (يوليو) من العام الماضي و4.7 في المائة في حزيران (يونيو) الماضي .
كما أن الكويت ما زالت تعاني من هذا التحدي الذي بات يشكل قلقا متناميا بالنسبة لصناع السياسة المالية في الكويت لاسيما بعد أن أعلنت أرقام غير رسمية مصدرها بنك الكويت الوطني في الأسبوع الماضي، أن معدل التضخم خلال الـ 12 شهرا المنتهية في تموز (يوليو) الماضي ارتفع ليبلغ 1ر4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه والبالغة 3 في المائة.
وسجل معدل التضخم في الكويت في تموز (يوليو) الماضي وحده أعلى مستوى عندما بلغ نحو 4.9 في المائة الأمر الذي يشير إلى أن منحنى الارتفاع ما زال يسير في اتجاه ضاغط على المجتمع الكويتي.
وكانت عدة شركات أغذية مثل شركات الحليب التي تعد منتجاتها استراتيجية بالنسبة لاستهلاك المواطن، أعلنت عن نيتها رفع أسعار منتجاتها، وهي خطوة وصفها المراقبون بأنها ستحدد مسار المرحلة المقبلة لاسيما عندما تتبعها خطوات أخرى من قبل الشركات المتخصصة في مجال المنتجات الاستهلاكية مثل اللحوم والدواجن وخلافه .
وبالرغم من أن عملية ارتفاع الأسعار قد تشكل عنصرا أساسيا لخفض مستوى المعيشة لدى المواطن في الكويت فإن خطوات لمواجهة هذا التضخم السعري غير مدرجة في أجندة الجهات المسؤولة لاسيما أن خطوات زيادة الرواتب التي تتبناها بعض الكتل البرلمانية في مجلس الأمة سواء عن طريق رفع مستوى الكوادر المالية لبعض المؤسسات أو رفع نسبة من معدل الرواتب يواجه معارضة كبيرة من قبل بعض نواب المجلس ومن الجهات الحكومية المعنية بذلك.
وكان ديوان الخدمة المدنية أعلن أمس الأول، أنه تم الاتفاق مع البنك الدولي على قيام دراسة ومراجعة الكوادر المختلفة في قطاع المؤسسات الحكومية خاصة أن هناك أكثر من 40 جهة ترغب في زيادة مخصصات كوادرها الجيدة أو القديمة لمواكبة تطور الحياة المعيشية. ويرى بعض المراقبين المتخصصين في الشأن الاقتصادي أنه يجب وضع حلول اقتصادية طويلة الأمد قادرة على مواجهة الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها الكويت منذ أمد طويل وستسهم في حال تبنيها في تجاوز بعض المؤشرات الاقتصادية السلبية مثل معدلات التضخم المتصاعدة.
وتوظف الحكومة الكويتية معظم العاملين في الكويت وتلتزم بدفع رواتبهم التي تشكل أعلى نسبة في الموازنة المالية العامة في حين أن حصة القطاع الخاص من قوة العمل الكويتية لا تتجاوز 5 في المائة من إجمالي العمالة الوطنية الموظفة في الدولة.
ويرى البنك الدولي أن ذلك يعد اختلالا هيكليا كبيرا وأن هذه الموارد المالية التي يتم توظيفها لتشغيل آلاف العاملين الكويتيين تعد من الأمور التي يجب وضع حلول لها من خلال السماح للقطاع الخاص بأن يأخذ دوره في التنمية الاقتصادية من خلال نقل معظم القطاعات الاقتصادية إليه عبر برامج التخصيص ووفق قوانين تحمي حقوق العاملين والدولة.
وتعاني الكويت وجيرانها الخليجيون من اختلالات هيكلية في اقتصادها الوطني لاسيما فيما يتعلق بالاعتماد المفرط على القطاع النفطي الذي يسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك سيادة الإيرادات النفطية على المالية العامة وتمركز العمالة الوطنية في القطاع الحكومي إذ يبلغ عدد العاملين الكويتيين في القطاع الحكومي أكثر من 95 في المائة من إجمالي العمالة الوطنية.
وبالرغم من أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات قطعتا شوطا كبيرا في عملية التنوع في اقتصادياتهما لا سيما حصول قطاع الصناعة في السعودية والسياحة في الإمارات على حصة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي فإن الصندوق الدولي يرى أن الدول الخليجية مجتمعة ما زالت تعاني من عملية الاعتماد الأحادي على مورد النفط الذي تهز أسعاره الأسواق الدولية وأنها باتت أكثر من السابق بحاجة إلى استراتيجية واضحة تهدف إلى تنفيذ قضايا الإصلاح الاقتصادي.

الأكثر قراءة