الأسواق الإقليمية والعالمية تترقب قرارات اقتصادية حاسمة تزيل غموض المشاريع الخليجية المشتركة
يترقب خبراء الاقتصاد الخليجيون نتائج الاجتماع المشترك للجنة التعاون المالي والاقتصادي (وزراء المالية والاقتصاد) مع محافظي البنوك المركزية في دول مجلس التعاون لدول الخليج في جدة اليوم حيال المشاريع الخليجية الكبرى المتعلقة بالاتحاد الجمركي والسوق المشتركة إلى جانب ما سيتم حسمه حيال موضوع البرنامج الزمني للاتحاد النقدي وإطلاق العملة الموحدة خاصة بعد أن دخلت هذه المشاريع مرحلة من الغموض الذي بات يلف مصيرها. ويأتي ذلك نتيجة التصريحات الخليجية المتكررة بوجود صعوبات كبيرة تقف أمامها دون أن تحدد هذه الصعوبات، لكن اللافت أنها تأتي بعد تلميحات خليجية متطابقة تذهب إلى تأجيل طرح العملة الموحدة وتعتقد بصعوبة طرحها في الموعد المحدد في 2010 ميلادية.
واتفقت دول المجلس على ضرورة قيام اتحاد نقدي خليجي مع مطلع العام 2010 رغم عدم الاتفاق على عملة خليجية موحدة بسبب مطالبة بعض الدول تمديد المهلة للعملة الموحدة كونه لا يكفي، حسب رأيهم. ويتوقع الخبراء ألا يحدث هذا الاجتماع شيئا جديداً، حيث لن يحسم الأمر إلا قادة دول المجلس في قمتهم المقبلة في كانون الأول (ديسمبر) في الدوحة، وأن الوزراء سيكتفون برفع تصور نهائي للقادة حول تطورات العملة النقدية ومبررات التأجيل في حال إقرارهم بذلك. وفي حال ثبت تأجيل العملة الخليجية الموحدة فإن التأجيل سيكون الثاني، حيث كان من المقرر طرحها مطلع عام 2007 قبل تأجيلها إلى الموعد الجديد 2010. وأوضح الخبراء أن القمة المقبلة لدول مجلس التعاون مختلفة عن القمم السابقة، حيث إن عليها أن تجيب عن عدد من الأسئلة التي تطرح نفسها بشأن المعوقات التي تقف أمام تحقيق الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية وغيرهما وكيفية تقديم برامج مدروسة في المستقبل إذا تقرر شيء بشأنها تجد طريقها إلى التنفيذ. وقالوا إن مجلس التعاون يشهد حاليا صراحة وواقعية في الطرح بعيدا عن المجاملات وهناك وضوح في الرؤية وطرح الأمور، معربين عن اعتقادهم أن هناك تفاؤلا في مجلس التعاون لأن قوة المجلس واستمراريته تعدان قوة كبيرة للمنطقة.
وفي زخم هذه التطورات نسبت صحيفة "جلف نيوز" الإماراتية إلى الدكتور إبراهيم العساف قوله إن دول الخليج قد تؤجل في اجتماع هذا الشهر لوزراء المالية الموعد النهائي المقرر في 2010 لإقامة وحدة نقدية إقليمية. ووافقت السعودية وجاراتها الخمس الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، وعمان على إبقاء عملاتها مرتبطة بالدولار حتى إقامة الوحدة النقدية. لكن الاتفاق يتفكك بعد إعلان عمان عدم دخولها في العملة وفك الكويت ارتباط عملتها بالدولار. وكان بنك ستاندرد تشارترد قد قدر أخيرا فرص الوفاء بالموعد المحدد للعملة الخليجية وهو 2010 بأقل من 20 في المائة، معيدا ذلك إلى مسائل تتعلق بالتضخم في الدول الأعضاء، وانسحاب عمان وقرار الكويت فك الارتباط بين عملتها والدولار.
وسيناقش الاجتماع اليوم عددا من القضايا المتعلقة بالعمل الاقتصادي المشترك في إطار مجلس التعاون، والتوصيات المرفوعة من لجنة مديري عموم الجمارك ولجنة الاتحاد الجمركي ولجنة السوق الخليجية المشتركة، إلى جانب اللجان الفنية الأخرى التابعة للجنة التعاون المالي والاقتصادي. كما سيناقش الاجتماع عددا من المواضيع المرفوعة من اللجان الوزارية الأخرى إلى لجنة التعاون المالي والاقتصادي، من بينها ما توصلت إليه لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في اجتماعها الأخير الذي عقد في الثامن من أيلول (سبتمبر) 2007، كما سيستعرض الاجتماع عددا من المذكرات حول الاتفاقيات والعلاقات الاقتصادية مع الدول والمجموعات الاقتصادية. وتتضمن الاتفاقية الاقتصادية الجديدة تطويراً شاملاَ للاتفاقية الاقتصادية التي تم التوقيع عليها والتي أرست قواعد العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء وأُنشئت بموجبها منطقة التجارة الحرة لدول مجلس التعاون. وكان إعداد هذه الاتفاقية مثالاً مشرّفاً للعمل المشترك حيث أسهم في إعدادها ومراجعتها عدد كبير من المختصين من مختلف الجهات الحكومية في دول المجلس، ومن مختلف قطاعات الأمانة العامة لمجلس التعاون، وقام الفريق الفني واللجان المختصة الأخرى العاملة في إطار المجلس بجهود كبيرة في سبيل تطوير الاتفاقية والتوصل إلى نص يعكس مكتسبات العمل الخليجي المشترك والتطلعات المستقبلية لمواطني دول المجلس.
وتتضمن الاتفاقية الجديدة نصوصاً جديدة أو مطورة تطويراً جذرياً تعكس قرارات المجلس الأعلى وتوجيهاته ومستجدات العمل المشترك، مثل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الاقتصادي والنقدي وتخصص الاتفاقية الجديدة فصلاً مستقلاً عن التكامل الإنمائي بين دول المجلس وتنمية الموارد البشرية، وفصلاً عن التعاون في مجالات البحث العلمي والتقني وعن النقل والاتصالات والبنية الأساسية.
كما ينتظر أن يبت وزراء المالية حيال توصية قدمتها الأمانة العامة للمجلس تعالج أحد أهم متطلبات الاتحاد الجمركي وتحدد آلية لتحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء في المجلس بعد انتهاء الفترة الانتقالية للاتحاد، والتي أبدى بعض وكلاء وزارات المالية والاقتصاد في دول المجلس تحفظهم تجاهها خلال اجتماعهم أخيرا في الرياض. وتوصي دراسة الأمانة بتوزيع الحصيلة الجمركية المشتركة في الاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير) 2008 بواقع 25.75 في المائة للإمارات، 3.15 في المائة للبحرين، 42.77 في المائة للسعودية، 9.52 في المائة لعمان، 7.90 في المائة لقطر، و10.92 في المائة للكويت. لكن بعض وكلاء يعتقدون أن النسب غير متوازية مع الإيرادات الجمركية لبلادهم.
وأكد لـ "الاقتصادية" الدكتور حمد البازعي وكيل وزارة المالية للشؤون الاقتصادية في حينه، أنه تم الرفع لوزراء المالية بالدراسة كاملة مع ملاحظات بعض الدول للبت فيها واتخاذ ما يلزم. وقال "إن اجتماع الوكلاء تضمن بعض وجهات النظر المختلفة فيما يتعلق بنسب توزيع الإيرادات الجمركية وهي مازالت في طور البحث حيث رفعت لوزراء المالية في الدول الأعضاء بغرض التوجيه بشأنها في اجتماعهم".
يذكر أن الأمانة العامة للمجلس أوصت في ورقة عمل قدمتها إلى اجتماع وكلاء وزارات المالية والاقتصاد في دول مجلس أن يتم تحصيل الإيرادات الجمركية المشتركة في الاتحاد الجمركي لدول المجلس جزئياً في السنة الأولى بعد المرحلة الانتقالية للاتحاد اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير) 2008 بواقع 5 في المائة من إجمالي الإيرادات الجمركية في الدول الأعضاء ويتم إيداع هذه النسبة في صندوق مشترك، ويبقى ما نسبته 95 في المائة من الإيرادات الجمركية تحت تصرف دول المجلس، على أن تتم إعادة النظر في هذه النسبة بعد انتهاء السنة الأولى من التحصيل المشترك بناء على النتائج التي ستتحقق من العمل بها. كما اقترحت توزيع الحصيلة الجمركية في الاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير) 2008 بواقع 25.75 في المائة للإمارات، 3.15 في المائة للبحرين، 42.77 في المائة للسعودية، 9.52 في المائة لعمان، 7.90 في المائة لقطر، و10.92 في المائة للكويت. ودعت الورقة أيضا إلى الموافقة على الآلية الموحدة لتخليص المعاملات الجمركية في جميع إدارات الجمارك في دول المجلس، وكذلك الموافقة على مهام مركز المعلومات الجمركي في التحصيل المشترك والتي تعتبر هذه المهام جزءاً لا يتجزأ من برنامج العمل الخاص به. وأوصت الورقة بتشكيل اللجنة المالية للاتحاد الجمركي لدول المجلس تحت مظلة لجنة الاتحاد الجمركي والموافقة على مهامها، وفتح حساب خاص لصندوق التحصيل المشترك تودع فيه نسبة الـ 5 في المائة من الإيرادات الجمركية في الاتحاد الجمركي لدول المجلس، وتتم إدارته من قبل الأمانة العامة، وتوزع الإيرادات الجمركية في نهاية كل أربعة أشهر على الدول الأعضاء وفق النسب المتفق عليها بموجب قرار من لجنة التعاون المالي والاقتصادي.