رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


برنامج وطني للتحويلات

يتبنى كثير من الدول برامج تحويلات مالية متعددة لمواطنيها، يتم التركيز فيها بشكل خاص على الشرائح السكانية الأقل حظا ودخلا. وأسوة بدول العالم يوجد في المملكة عديد من برامج الحماية الاجتماعية والتحويلات، التي من أبرزها برامج الضمان الاجتماعي، و"حافز"، وعوائد ومقررات الأسر والأفراد. ولا يعرف بالضبط حجم إجمالي الإنفاق الفعلي على التحويلات، لكنها بعشرات المليارات من الريالات. من المتوقع أن يبدأ قريبا التسجيل في برنامج حساب المواطن، وهو برنامج تحويلات للتخفيف من آثار خفض وإلغاء دعم أسعار منتجات الطاقة والمياه. وقد شرعت الحكومة عند بداية العام الحالي في تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه، ومن المتوقع تواصل تصحيح أسعار منتجات الطاقة لتصل إلى تكلفة الفرص البديلة، أي أسعار التصدير. سيترتب على زيادة أسعار منتجات الطاقة والمياه وزيادة رسوم الخدمات واستحداث رسوم جديدة آثار اقتصادية متعددة، كرفع إيرادات الدولة، وتحفيز الترشيد في استهلاك منتجات الطاقة والمياه، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وزيادة الصادرات النفطية، لكن في المقابل ستكون هناك آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة في دخول الأسر، وتنافسية القطاع الخاص. حيث سيؤدي رفع أسعار منتجات الطاقة والمياه إلى زيادة تكلفة استهلاك منتجات الطاقة والمياه واقتطاعها جزءا أكبر من ميزانيات الأسر، ما سيخفض من قدرات الأسر على استهلاك السلع والخدمات الأخرى، والادخار. من جهة أخرى سيواجه منتجو السلع والخدمات زيادة فعلية في تكاليف إنتاج السلع والخدمات، ما سيخفض أرباح الصناعات الوطنية، ويقود إلى زيادة أسعار السلع والخدمات ويخفض مستويات الاستثمار والإنتاج والتوظيف خصوصا في الصناعات التي ترتفع فيها كثافة استهلاك الطاقة والمياه. لتلافي الآثار السلبية لرفع أسعار منتجات الطاقة والمياه في الأسر، يمكن تحويل المبالغ المحصلة من رفع أسعار منتجات الطاقة والمياه أو جزء منها إلى المستهلكين مرة أخرى. ونظرا لحساسية الشرائح السكانية الأقل دخلا لأي تراجعات في الدخول، وللحد من زيادة معدلات الفقر، كان لا بد من وضع برنامج لتعويض هذه الفئات بشكل خاص عن الآثار السلبية المباشرة وغير المباشرة للسياسات الجديدة. وسيبدأ قريبا التسجيل في برنامج حساب المواطن، حيث تشير المعلومات المتوافرة حاليا إلى أنه متاح لجميع الأسر بشكل اختياري، لكن مدى استفادة الأسر من هذا البرنامج تتوقف على دخولها وعدد أفرادها. إن من السهل تحديد دخول المعتمدين على الدخول الثابتة كموظفي الدولة والمتقاعدين ومستفيدي الضمان الاجتماعي، لكن سيواجه القائمون على البرنامج صعوبة في تحديد الدخول من الموارد الأخرى كالأرباح، والإيجارات، والفوائد، ومعظم الأنشطة الخاصة. وهذا سيقلل من قدرة البرنامج على استهداف شرائح معينة. تشير بعض الأمثلة التوضيحية لبرنامج حساب المواطن إلى عدم استفادة الأسر التي يتجاوز دخلها الشهري مستوى معين "20 ألفا" من التحويلات، ما سيترتب عليه خسارتها جزءا من دخلها، حيث تصل هذه الخسارة في بعض الحالات إلى 15 في المائة. ولا أعتقد أن من أهداف إلغاء الدعم الإضرار بأي شريحة سكانية مهما كان دخلها. لهذا قد يكون من الأصوب تحديد مستويات استهلاك طاقة ومياه معقولة لكل فرد وأسرة، تتناسب مع بيئة المملكة، ثم تحويل المبالغ المحصلة من رفع الأسعار لضمان عدم تراجع دخول الأسر من الاستهلاك الرشيد لهذه السلع والخدمات. ويمكن تحويل مبالغ إضافية للشرائح السكانية الأقل دخلا لتحسين أوضاعها المالية بوجه عام، ورفع عدالة توزيع الدخل على المستوى الوطني. تطرقت في أحد مقالاتي قبل تسع سنوات إلى فكرة إنشاء برنامج وطني للتحويلات لتعويض الأسر عن الدخول المفقودة نتيجة لإصلاح أسعار منتجات الطاقة أو لأي تحويلات. ويمكن أن يمثل حساب المواطن نواة لبرنامج وطني شامل للتحويلات، على أن يضم إليه باقي برامج التحويلات كالضمان الاجتماعي، والمقررات والقواعد، وبرنامج حافز، وباقي برامج التحويلات. وإذا تم هذا فمن المتوقع توحد جهود البرامج القائمة ما سيسهل مراقبتها، وييسر القيام بتحويلات لجميع الأسر عند حدوث طفرات دخل مستقبلا. وقد شهدت سنوات طفرات الدخل بعض التحويلات الاستثنائية التي كانت تركز على موظفي الدولة وتتحيز لذوي الرواتب المرتفعة، ما خفض من استفادة العاملين في القطاع الخاص، والعاطلين، والشرائح السكانية خارج قوة العمل منها. ولهذا فإن وجود برنامج وطني شامل للتحويلات سيساعد في استهداف جميع الأسر والمساواة بينها، بدلا من التركيز على موظفي الدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي