التصدي معا للتحديات الإنمائية للقرن الحادي والعشرين
شاهدت أخيرا عملا فنيا رائعا وهو في طور التشكل. وهذا العمل عبارة عن جدارية تعرض قصة عمل المؤسسة الدولية للتنمية - صندوق البنك الدولي لمساعدة البلدان الأكثر فقرا في العالم، وهي تعيد الحياة لعديد من التغييرات الجذرية التي شهدها العالم منذ إنشاء المؤسسة في عام 1960. "فالثورة الخضراء" التي دعمتها المؤسسة حالت دون وقوع مجاعات على نطاق واسع في جنوب آسيا في سبعينيات القرن الماضي، كما وفر بروتوكول مونتريال الحماية لطبقة الأوزون في العالم، وأعادت هايتي بناء المنازل والمدارس في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضربها.
وانطلاقا من روح التعاون الدولي، كانت المؤسسة وشركاؤها موجودين لمساعدة البلدان الأكثر فقرا في كل مجال من المجالات.
لقد آذن التعاون والشراكة بفترة لا مثيل لها من النمو والحد من الفقر. إذ انخفضت النسبة المئوية للفقراء فقرا مدقعا في جميع أنحاء العالم دون نسبة 10 في المائة في عام 2015. واليوم، يعيش نحو 700 مليون شخص في فقر مدقع - وهو انخفاض يزيد على مليار نسمة منذ عام 2000.
وعلى الصعيد القطري، أسفرت الروح متعددة الأطراف الداعمة للمؤسسة عن تحقيق نتائج مهمة بشأن قضايا تتراوح من تغير المناخ والهشاشة إلى الاستجابة للأزمات وتوفير مرافق البنية التحتية الأساسية.
والمؤسسة هي بالفعل واحدة من أهم الأدوات الابتكارية لدى المجتمع الدولي في التصدي لهذه التحديات. ويفسر ذلك لماذا يمكن أن تكون العملية الثامنة عشرة لتجديد موارد المؤسسة، التي تغطي الاستثمارات في البلدان المقترضة في الفترة من تموز (يوليو) 2017 إلى حزيران (يونيو) 2020، أكثر تأثيرا على نحو لم يسبق له مثيل.
وتدعو حزمة السياسات والتمويل إلى مضاعفة الموارد إلى البلدان التي تواجه عوامل الهشاشة والصراع والعنف، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه المخاطر قبل أن تتفاقم. وثمة اقتراح قيد البحث حاليا بتقديم تمويل إضافي إلى اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم. وتهدف المؤسسة إلى تعبئة رأس المال الخاص وزيادة تنمية القطاع الخاص، ولاسيما في أوضاع البلدان الهشة، فضلا عن تقديم التزامات أكثر قوة على صعيد السياسات في جميع المجالات مثل تغير المناخ، والمساواة بين الجنسين، والحوكمة، وبناء المؤسسات، والوظائف، والتحول الاقتصادي. وتدعو العملية الثامنة عشرة إلى استجابة أكثر قوة في التصدي للأزمات، والتأهب لمواجهة الأوبئة، والدول الصغيرة، والتكامل الإقليمي.
ولتمويل هذه الحزمة التحويلية، تتطلع المؤسسة إلى الاستفادة من مساهماتها الرأسمالية عن طريق المزج بين مساهمات المانحين والموارد الداخلية والأموال التي تتم تعبئتها من أسواق الديون، ما يمكّنها من إتاحة مليارات الدولارات من الموارد الإضافية لمصلحة البلدان المتعاملة معها. وقد حصلت المؤسسة أخيرا على تصنيف ائتماني من الفئة الممتازة (AAA) من وكالتي ستاندرد آند بورز وموديز، وهي خطوة أولى بالغة الأهمية لتمكينها من الوصول إلى أسواق رأس المال. وهذا التصنيف دليل على متانة حقوق الملكية والإدارة القوية للمؤسسة، وهيكل حوكمتها، وقوة المساندة من المانحين، وقدرتها على تحقيق النتائج.
إننا نبذل قصارى جهدنا للتصدي مباشرة لتحديات القرن الحادي والعشرين، لمساعدة الحكومات على الاضطلاع بوظائفها، وكفالة إمكانية حصول المرأة على الخدمات المصرفية عبر شبكة الإنترنت، وبناء مساكن مقاومة للأحوال الجوية ونظم للإنذار المبكر في المناطق المعرضة للأعاصير، والمساعدة في كسر دائرة الصراع والفقر، من خلال بناء قطاع خاص قوي، وإيجاد فرص العمل، وتسخير قوة الشمس حتى يتمكن أطفالنا من استذكار دروسهم ليلا.
لنرسم مستقبل أكثر إشراقا للفقراء والضعفاء، ووضعهم على الطريق إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي. لنتكاتف معا وننجز العمل على الوجه الصحيح.