رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عندما يتغير المسؤول

كثيرا ما تردد في ذهني سؤال بشأن المسؤولين من وزراء، ومديرين عامين، من ذوي الصلاحية والقرارات وما يترتب على إعفائهم، أو نقلهم من تغيير واضطراب في العمل، أو جودة أداء، وهذا الموضوع يطرح في المجالس كثيرا، نظرا لأن التغيرات تؤثر في مصالح الناس، ومنافعهم، وتحدث كثيرا من المشقة لديهم، أو تريحهم، وتيسر عليهم. الملاحظ أن تغير المسؤول في كثير من الأحيان يترتب عليه افتقاد الاستمرارية في العمل، بحيث إن المسؤول الجديد إذا تسلم العمل يبدأ وكأنه يؤسس المنظمة، أو الإدارة من جديد، وكأنه لم يسبقه في العمل أحد، كما لو أنه لا توجد أنظمة، أو خطط، أو مشاريع، بل إن التغيير يكون على شكل إعصار يمسح جميع منجزات المسؤول السابق، ويبدو كأنه ينتقم.
في بعض الحالات قد يتسلم المسؤول الجديد إدارة سيئة، لأن من سبقه في العمل خلف تركة ثقيلة تعج بها الفوضى، والمحسوبية، وتجاوز الأنظمة. بعبارة أخرى يمكن القول إن الفساد يضرب أطنابه في كل زاوية من الوزارة، أو الإدارة، وعلى العكس قد يتسلم المسؤول الجديد الإدارة، وهي في أحسن حال، وانضباط، وأداء متميز، ثم لا يلبث إلا ويقلب الوضع رأساً على عقب. ولذا من الواجب أن نسأل لماذا عدم الاستمرارية، والبناء، والإضافة الجيدة على ما سبق من جهد، طالما أن وضع المنظمة سليم، وذلك لما يترتب على التغييرات السلبية من نفقات، وأضرار اقتصادية، وأعباء، ومشقة تلحق بالمستفيدين من خدمات تلك الجهة.
في مجتمعنا، وفي غيره من المجتمعات نلاحظ هذا الشيء، حتى إن الناس يصابون بالإحباط، نظرا لما يجدونه من سوء خدمة، وتراجع لمجرد تغير المسؤول. وقد فكرت في هذا الموضوع نظرا لما لجودة الإدارة من تأثير في مصالح الناس، ومصلحة الوطن بشكل عام، ويمكن إرجاع السبب إلى مجموعة عوامل، منها اختلاف الفلسفة بين المسؤول السابق، والمسؤول الجديد، فربما أحدهما يعتنق فلسفة إدارية مختلفة عن فلسفة المسؤول الآخر، فمركزية الادارة ، أو لا مركزيتها لكل دور في الانتظام، أو الارتباك في العمل، فالبعض يرى أن مسؤوليته تقضي بالإشراف على كل صغيرة، وكبيرة، لذا فهو يلزم مرؤوسيه بإطلاعه على كل شيء، حتى التافه منها، إما خوفا من المرؤوسين، وعدم ثقة بهم، أو حبا في السلطة لما يشعر به من متعة في مثل هذا الإجراء، أو لاعتقاد خاطئ أنه الأميز، والأقدر من بين العاملين في المنظمة، ولذا يحمل نفسه الشيء الكثير، ومن ثم يتأثر العمل سلبا بفعل المركزية التي يتبعها في الإدارة.
المسؤول المركزي يفقد نفسه الاستفادة من خبرات، ومعارف، ومهارات العاملين معه، ومن الطبيعي أن يتدهور الأداء وتتراجع الجودة. لكن على النقيض من ذلك، المسؤول اللامركزي يوظف كل العناصر، ويستفيد من مختلف الكفاءات، ويشعر كل واحد بأهميته في المنظمة، لذا يحقق الانتظام، والإنجاز الجيد في العمل. من الأسباب أيضا افتقاد الكفاءة من الأساس، إذ إن اختياره هذا المكان لم يكن موفقا، وربما أنه يبدع في مكان آخر، وأن بيئة العمل ربما تحتاج إلى شخص يفكر بصورة شمولية، ولديه بعد نظر لكنه يفتقدها، ووضع في المكان غير المناسب الأمر الذي يترتب عليه الفشل في إدارة المنظمة، ولو قدر ووضع في مكان ذي طبيعة تنفيذية، يعطى أوامر، وعليه تنفيذها لنجح في هذا الدور أيما نجاح.
من الأسباب أيضا الضغوط التي يتعرض لها المسؤول من جهات أعلى منه لاتخاذ قرارات، أو إجراءات تخالف الأنظمة، أو تضر بالمصلحة العامة، وتضر بالعدالة، ذلك أنها تفقد المسؤول ثقة مرؤوسيه به، وتقلل من حماسهم لما يجدونه من تناقض بين الأنظمة، وبين ما يتخذ من قرارات. ويضاف لما سبق من أسباب صراع المصالح الذي يوجد داخل المنظمة، فهذا من شأنه التأثير سلبا في الأداء، نظرا للخلافات، والمكايدات، ويدخل في هذا مصالح الرئيس نفسه، التي تجعله يحول بيئة العمل كما لو أنها ملكه الخاص.
مصلحة أطراف أخرى خارج المنظمة، لكنها تستفيد منها بشكل، أو بآخر تمثل سببا من أسباب التراجع الذي نجده في أداء المنظمة، ويمكن أن نضرب مثلا واقعيا في بلدنا يتمثل في اختلاف تعامل وكالات السيارات بشأن الصيانة والضمان، خاصة إذا كان الخلل تصنيعيا، فما لمسه الجميع قبل فترة كان في مصلحة المواطن، إذ يلزم الوكيل بالإصلاح، حتى لو تمت الصيانة الدورية في الوكالة. وفجأة بتغير المسؤول تغير النظام، وأصبحت الوكالات تشترط عمل الصيانة لديها، أو إحضار فواتير الصيانة من الجهات التي عملت فيها الصيانة. ولعل في هذا المثل ما يفسر التغيرات الإيجابية، والسلبية المترتبة على تغير المسؤول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي