صناعة تاريخ وبناء اقتصاد جديد

حدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خريطة طريق جديدة للمسار الوطني السعودي في خطابه أمام مجلس الشورى أمس. هذه الخريطة تضم كل الحراك المحلي، ولا سيما التنمية وبناء الاقتصاد الجديد، إضافة طبعا، إلى مواجهة المستجدات على الساحة السياسية الإقليمية والعربية. فكل شيء مترابط على الساحة في المملكة، وكل الخطوات تدعم بعضها بعضا، خصوصا في ظل السياسة السعودية الواضحة محليا وإقليميا ودوليا. تأتي هذه الخريطة، في وقت يعيش فيه العالم اضطرابات شتى على مختلف الأصعدة، بل تخبطا على صعيد صنع القرار العالمي الحكيم. والمملكة لا تعتمد في استراتيجيتها التاريخية هذه على رد الفعل، بل تستند أساسا إلى المبادرة ومواجهة التطورات والاستحقاقات والمفاجآت في آن معا. ووضع الملك سلمان كل مسار وطني بنظرة ثاقبة لكل ما يجري وما يتوقع حدوثه.
وتطمينات خادم الحرمين الشريفين تضيف أيضا بعدا آخر للحراك كله. فهو أكد ببساطة، أنه رغم كل الظروف التي تحدث في الوقت الراهن إلا أننا "سنتجاوزها مستقبلا". والحق، أن المملكة يمكنها بالفعل تجاوزها وفق السياسة التي وضعتها ويشرف عليها الملك سلمان شخصيا، وهو الذي أكد في كل المناسبات، أن الأبواب مفتوحة للجميع، والملاحظات تلقى اهتماما خاصا منه مباشرة، بل شجع المواطنين على تقديم ما لديهم من ملاحظات طالما أنها تصب في المصلحة العامة، وتدفع الحراك الاستراتيجي إلى الأمام، وتحقق الأهداف الموضوعة للوطن والمواطن. وعلى هذا الأساس، لا مكان إلا للنجاح في السعودية، ولا مجال أمام الحلول الوسط. لماذا؟ لأن ما يجري حاليا في السعودية، يتم أساسا من أجل الأجيال المقبلة، تماما كما هو الأمر بالنسبة لأسر هذه الأجيال الآن.
الأولويات كثيرة عند خادم الحرمين الشريفين، ولا سيما أمن البلاد، الذي أثبتت المملكة أنها تصونه على مدار الساعة، رغم كل المخططات الغادرة، والمؤامرات الفاضحة لإيران، ومن يتبعها من عصابات خارجة ليس فقط عن القانون والوطنية، بل عن شرع الله ـــ عز وجل ـــ أيضا. ولم تتوقف المملكة عن الضرب بيد من حديد لكل من يحاول النيل من أمنها واستقرارها، وكذلك النيل من نسيجها الوطني المتماسك غير القابل للمساس أصلا. ووفق هذا المنهج، تسير السعودية نحو تحقيق الأهداف التي تحاكي المستقبل، وتحفظ مكانتها كقوة إقليمية وعالمية، على كل الأصعدة، ولاسيما السياسية والاقتصادية. لقد اختارت بناء اقتصاد جديد، في وقت عجزت فيه بلدان كثيرة عن القيام حتى بإصلاحات جزئية في زمن التراجع الهائل لأسعار النفط، دون أن ننسى، أنها هي التي لها الدور المؤثر في السياسة النفطية، من أجل سوق عالمية أكثر استقرارا، وعادلة لجميع الأطراف.
الهدف المهم بالنسبة لخادم الحرمين الشريفين، المضي قدما في تنويع مصادر الدخل الوطني. وهذا ما عكس كل البنود التي تضمنتها "رؤية المملكة 2030". وكان واضحا في خطابه أمام مجلس الشورى، عندما شدد على ضرورة رفع إنتاجية المجتمع، عن طريق تنفيذ محكم الخطط "الرؤية". إن بناء اقتصاد وطني جديد، يعني ببساطة، أنه مشاركة كل أطياف المجتمع في هذا البناء، ومعها كل القطاعات الإنتاجية والتنموية القديمة وتلك التي أخذت أشكالا متجددة. هناك كثير من العمل لتنفيذ الخطط الوطنية كلها، وأهم ما يميز الحالة السعودية الراهنة، أن أدوات التنفيذ متوافرة، وأنها تلقى اهتماما مباشرا من أعلى هرم الحكم في المملكة.
في المملكة تجري حاليا صناعة تاريخ على مختلف الأصعدة، ابتداء من الاقتصاد والتنمية والعمل الوطني بشقيه المجتمعي والاقتصادي، إلى وضع معالم الطريق لمزيد من الإنجازات التي تصب في مصلحة كل الأجيال المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي