رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لا تمسوا رواتب المعلمين

في نهاية الأسبوع الماضي سجلت الإحصاءات الرسمية طلب 16 ألف معلم ومعلمة التقاعد المبكر بعد تسريبات متكررة عن خصم 30 في المائة من رواتبهم، وكذلك رفع سن التقاعد.
أما العاملون في الميدان التربوي من المعلمين والمعلمات فهم في قلق بالغ مع كثرة الشائعات، وضعف التواصل الرسمي من وزارتهم، وتعمد الجهات الأخرى عدم التعليق على التسريبات المعلنة بخصوص خصم الرواتب، وخصم بعض البدلات، وهذا أمر غريب ولا يليق بمسؤولين لا يستشعرون وجودهم في أجهزة الدولة ومؤسساتها لخدمة الناس.
الأمر لا يتعلق ببضعة مئات من الموظفين بل بأكبر شريحة من الموظفين والموظفات، برقم يتجاوز نصف مليون موظف وموظفة يمثلون جوهر الطبقة الوسطى للنسيج الاجتماعي. يعتقد المسوقون لقرار خفض رواتب المعلمين أن هذا يوفر على الدولة مبلغا جيدا يتجاوز حسب التقديرات المعلنة 12 مليار ريال متناسين أن المشكلات التي سيخلفها القرار أهم بكثير من المليارات التي يمكن توفيرها
فالتسرب الوظيفي، وهروب الكفاءات، وانخفاض الأداء ستكون نتائج طبيعية لأي قرار مالي يتضمن الخفض إذا ما قارنا الأعباء الوظيفية التي يمارسها المعلم بغيره من الموظفين في الخدمة المدنية، وربما تضطر الدولة إلى البحث عن حوافز جديدة لاستقطاب الخريجين للعمل في المدارس كما فعلت قبل 30 عاما حينما كان الإقبال على الوظائف التعليمية ضعيفا واضطرت وزارة المعارف آنذاك إلى استصدار أمر مباشر من الملك فهد ـــ رحمه الله ـــ بكادر خاص للمعلمين ما زال إلى اليوم.
وقد ذكر الدكتور عبد العزيز الثنيان الذي مارس العمل في التعليم سنوات طويلة في مقال نشر له قبل أسابيع أنه أثناء الأزمة المالية عام 1990 كانت هناك مقترحات بخفض رواتب موظفي بعض الجهات ومنها المعلمون، وقد رفض وزير المعارف وقتها الدكتور عبد العزيز الخويطر ـــ رحمه الله ـــ الذي عرف بحرصه على المال العام، هذا المقترح بشدة لمعرفته بنتائجه السلبية على أرض الواقع.
وإذا كانت هناك رغبة في تخفيض الهدر المالي لوزارة التعليم فجوانب الهدر كثيرة، تحدث فيها مختصون كثر ويمكن معالجتها وتوفير أكثر من 12 مليار ريال دون المساس برواتب المعلمين والمعلمات ومن ذلك إيقاف الصرف على المباني المستأجرة للمدارس وبعض الإدارات التي تستنزف قرابة ثلاثة مليارات ريال، وإيقاف المدارس النائية التي تشكل هدرا ماليا وبشريا تتجاوز تكلفته ستة مليارات ريال، حيث تستهلك هذه المدارس مباني ومخصصات وكادرا إداريا وتعليميا لقلة قليلة من الطلبة والطالبات.
ومن جوانب الهدر أيضا إيقاف بعض المخصصات المالية التي كانت تصرف سابقا من باب تشجيع انتشار التعليم ولم تعد إليها حاجة اليوم مثل ما يسمى مكافآت الطلاب "المغتربين" وغيرها، أو "مكافآت محو الأمية"، أو بنود الصرف على الاحتفالات والمؤتمرات الهامشية التي اعتدنا أن نراها ولا نرى أثرها على أرض الواقع.
ومن مقترحات تخفيض الهدر أيضا إيقاف ما يسمى "إعانة المدارس الأهلية" فالأرقام تؤكد أن المدارس الأهلية تحقق أرباحا خيالية تصل إلى 300 في المائة وليست في حاجة إلى إعانة من الدولة ويكفي أنها تحصل على الكتب الدراسية مجانا وتنتدب لها الوزارة قائدا تربويا مدفوع الرواتب. فماذا بعد ذلك؟
وهناك الكثير والكثير من البنود التي يمكن إلغاؤها دون المساس برواتب المعلمين.
فمن يسمع لنا؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي