العالم «الزبال»

لم يكن جيمس كرول سوى طفل عانى الفقر طوال عمره، حيث ولد عام 1821 لعائلة فقيرة تعيش في مزرعة صغيرة في اسكتلندا، ما اضطره للعمل وهو لم يتجاوز 13 من عمره، واضطر للاكتفاء بإكمال المرحلة الإعدادية فقط وترك مقاعد الدراسة (رغم شغفه بالقراءة والعلم، الذي بدأ بعد قراءته لمجلة "البنس" الثقافية التي لا تكلف سوى بنس واحد؛ ومن هنا اكتسبت اسمها وكان عمره حينها 11 عاما)، ليتمكن من تأمين لقمة العيش متنقلا بين مهن كثيرة نظرا لطبيعته الانطوائية وحبه للتحليل؛ كعامل طواحين، وتاجر شاي، ومدير فندق، ومندوب مبيعات لشركة تأمين، وصحافي!
في عام 1858 وصل بجيمس الحال إلى أن يمتهن عامل نظافة وحارسا في جامعة أندرسون ومتحفها، المعروفة اليوم بجامعة "ستراثكلايد"، حيث يقضي ليله في تنظيف المكان وحراسته وحده!
كانت هذه الوظيفة مثالية لجيمس، حيث استغل وجود مكتبة ضخمة داخل جامعة لا يوجد فيها سواه بعد انتهاء العمل في الجامعة، فقرر أن يستغل الفرصة وأصبح يأتي بأخيه الأصغر ليقوم بالتنظيف والحراسة عنه، فيما هو يتصفح الكتب ويتعلم مختلف العلوم الطبيعية والفلسفية بالتحديد طوال الليل وبلا معلم!!
قضى جيمس على هذه الحال سنين عديدة مكنته من التبحر في أعماق الكتب وآخر الأبحاث، وبحكم شغفه وتعلقه بالعلم وعقليته المتفتحة رأى أن يكتب مرئياته ونظرياته على شكل دراسات وأوراق بحثية ويتقدم بنشرها في مجلة علمية.
شهد المجتمع العلمي في أوروبا عام 1860 صدور مجموعة أبحاث علمية متوالية من جامعة أندرسون باسكتلندا كتبها شخص مجهول تماما اسمه جيمس كرول حول الفيزياء وعلوم الأرض (الجيولوجيا) والفلك. هذه الأبحاث التي تميزت بمستواها الأكاديمي العالي وابتكارها فرضيات ونظريات جديدة لبعض المعضلات في هذه العلوم، مكنته من حل لغز حير علماء الأرض في العالم لعقود!!
فالتضاريس الغريبة من أودية متصدعة وشقوق منحوتة وصخور ضخمة متناثرة وأحافير توجد في أماكن غير متوقعة مثل عظام الأيل القطبي التي وجدت في جنوب فرنسا، لذا حاول العلماء تفسير ذلك بنظريات تفتقر إلى الأدلة، ومنها الافتراض المضحك لدى لوك الفرنسي أن الصخور وصلت إلى هناك نتيجة احتباسات في الأرض ضغطت هذه الصخور وقذفت بها مسافات شاسعة، ليأتي عالمنا المغمور ويفسر ذلك التغير المناخي ويرجعه لتغير مدار الأرض من بيضاوي إلى دائري ثم بيضاوي وهكذا!
تغير حاله وأصبح عالما يشار له بالبنان وعين في وظيفة مرموقة ونال عديدا من الجوائز والتكريمات!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي