رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مقاييس حوكمة القطاع العام .. التطبيق المحلي

مفردة الحوكمة Governance أضحت تستحوذ على اهتمام عدد كبير من الأفراد، والمتخصصين. حيث إن الحوكمة تلامس أغلب مكونات الحياة، إضافة إلى التطور الذي تشهده طبيعة الحياة في هذا العصر من خلال ارتفاع أدوات الشفافية، والثقافة القانونية، وضرورة محاربة الفساد، ما أعطى مصطلح ومفهوم الحوكمة في القطاع العام زخما كبيرا نحتاج إليه ليكون دافعا لتحسين وتطوير حياتنا. للمتخصصين توارد مصطلحات الحوكمة بين القطاعات الثلاثة حوكمة الشركات في القطاع الخاص، وحوكمة القطاع العام، وحوكمة القطاع الثالث "غير الهادف للربح" لا يختلف كثيرا من حيث المبادئ والأسس؛ فجميعها تؤدي إلى تحسين العلاقات الداخلية والخارجية بين الجهة والمستفيدين، ورفع مستوى الشفافية، وإيجاد وتطبيق الأنظمة التي تؤدي إلى العدالة ومحاربة فرص الفساد. قد تختلف نسبيا في بعض التفصيلات وفي آليات التنفيذ حسب البيئة العامة التي تطبق فيها.
ونظرا لتطوير مفهوم الحوكمة في القطاع العام، فقد ظهر عدد من المقاييس التي تصنف الدول حسب ممارساتها لمفاهيم وتطبيقات الحوكمة، ومن أبرزها المؤشر العالمي للحوكمةThe Worldwide Governance Indicators WGI، وهو إحدى مبادرات البنك الدولي The World Bank Group، وينشر سنويا لتقييم الحوكمة في 215 بلدا حول العالم لنشر تقييم مستوى الحوكمة في القطاع العام على ستة محاور بدأت منذ عام 1996. إضافة إلى ذلك تنشر بعض مراكز الدراسات والأبحاث Think Tank مؤشرات ومقاييس تتحدث عن الحوكمة مثل مؤشر الازدهار الصادر عن معهد ليجاتوم البريطانيThe Legatum Institute، الذي يتناول الحوكمة كأحد مكونات المؤشر الشاملة. مؤشر البنك الدولي يتناول محاور ستة تشمل المشاركة والمساءلة Voice and Accountability، والاستقرار السياسي وغياب العنفPolitical Stability and Absence of Violence، وفاعلية الحكومة Government Effectiveness، وجودة التنظيمات والتشريعات Regulatory Quality، وسيادة القانونRule of Law، والسيطرة على الفسادControl of Corruption. هذا المؤشر يجمع بياناته من خلال آراء عدد كبير من الجهات، والمواطنين واستبانات المختصين للمشاركين في البلدان الصناعية والنامية. وتستمد بياناتها من أكثر من 30 مصدرا تنتجها مجموعة متنوعة من معاهد الاستطلاع survey institutes ومراكز البحوث think tanks والمنظمات غير الحكومية non-governmental organizations، والمنظمات الدولية international organizations، وشركات القطاع الخاصprivate sector firms. وسأخصص مقالا لاحقا لتفصيل مصادر البيانات والنتائج الخاصة بالمملكة في هذا المؤشر لاحقا بمشيئة الله.
المؤشر الآخر هو مؤشر الحوكمة Governance الصادر ضمن مؤشر الازدهار من معهد ليجاتوم البريطاني، ويقيس الحوكمة من خلال ثلاثة محاور، تشمل الحوكمة الفعالة Effective governance، والديمقراطية والمشاركة السياسية Democracy and political participation، وسيادة القانونThe rule of law. الذي تناولناه في مقال سابق بتاريخ 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 بعنوان "إلى أي مستوى نحيا بازدهار؟". للقارئ الكريم أن يتساءل عن مدى قابلية هذه المؤشرات والمقاييس للتطبيق في البيئة المحلية. والحقيقة أن هذه المعايير بين الدول وثقافاتها وممارساتها الخاصة، ولذلك قد نرى تباينا كبيرا في النتائج بين دول وأخرى، حيث إن هذه المقاييس بنيت في دول تختلف كليا عن بقية دول العالم، وهذا الأمر يجعل المقارنات غير عادلة وغير معبرة. إضافة إلى ذلك فهذه المؤشرات تعتمد على مصادر للبيانات قد تتوافر وقد لا تتوافر، وهذا الأمر يشكل هاجسا كبيرا في صحة النتائج وتبني مخرجاتها. الملاحظ لدينا في المملكة أن توفير البيانات للمؤشرات والمقاييس الدولية الرسمية والخاصة يشوبه كثير من الضعف، ويجب أن تسند مهمته إلى أحد المراكز المتخصصة في الدراسات لتوفير بيانات المؤشرات الدولية في مجال الحوكمة وغيرها، وإيضاح أسباب عدم انطباق بعض المعايير على ثقافة وطبيعة الحياة في المملكة والدول المماثلة لنا. هذه المشاركات ستؤدي بالتأكيد إلى المساعدة في تطبيق وتحسين "رؤية المملكة" داخليا وخارجيا، وتتمشى مع ما يراه قادة هذه البلاد ـــ حفظهم الله ـــ من خلال تطبيق "رؤية المملكة 2030".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي