رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


خصخصة الأندية .. ومعايير السوق

مع بدء الخطوات العملية والقانونية لخصخصة الأندية الرياضية السعودية، تدخل هذه الأندية والمؤسسات المشابهة مرحلة تاريخية جديدة تماما. فالمعايير السابقة لن تكون حاضرة، وكذلك ثقافة التعاطي مع الأندية ستختلف عما كانت عليه. والنادي الناجح هو الذي يحقق الأرباح المالية اللازمة، من خلال ما يحققه من انتصارات على صعيد حراكه الرياضي، إضافة طبعا، إلى توابع ذلك عبر الرعايات والتسويق الناجح. إنها صناعة لا تزال جديدة على الساحة العربية كلها، ويتطلب الأمر سنوات لتدخل مرحلة ما يمكن أن نطلق عليه "التمكين". وهذا أمر طبيعي في تحول جديد لقطاع أيضا ليس قديما سعوديا وعربيا، ويستند إلى مفاهيم لا تشبه تلك التي تقوم عليها الأندية الرياضية في البلدان الأكثر رسوخا في هذا المجال.
إن أهم ما سيساعد عملية التحول الرياضية الاقتصادية في المملكة، أنها تلقى دعما قويا من جانب الحكومة على أعلى المستويات، كما أنها تدخل في إطار "رؤية المملكة 2030"، التي تستدعي تحولا وتحديثا، بل تغييرا في جميع القطاعات الوطنية، سواء تلك المرتبطة مباشرة بمجالات التنمية، أو المؤسسات ذات الارتباط غير المباشر. والقطاع الرياضي له وجهان تنمويان، الأول اجتماعي والآخر اقتصادي. وعلى هذا الأساس، تمثل موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية الخصخصة أهمية كبيرة، في الوقت الذي تمضي فيه المملكة نحو مزيد من التنموية الاقتصادية المستدامة. والتجارب كثيرة، تلك التي أثبتت جدوى خصخصة كهذه، خصوصا أنها تتم بصورة هادئة ومدروسة، بعيدا عن التسارع غير المرغوب في مثل هذه الأحوال.
ولأن الأمر كذلك، فإن البداية التي حددت بتخصيص ثلاثة أندية، تنطلق على أسس متينة، فضلا عن أنها تتسم بالشفافية، لأنها تخضع لمعايير السوق، والتقييم الحقيقي لهذه الأندية، دون أن ننسى أن الأندية الكبيرة ستطرح للخصخصة وفق أسس تتناسب وحجمها وتاريخها وعطاءها وإنجازاتها. ولذلك فإن الأمير عبدالله بن مساعد رئيس الهيئة العامة للرياضة، اعتبر أن الاستثمار في الأندية الصغيرة والمتوسطة أكثر سهولة في البداية لأنها عادة لا تخضع لضغوط الجماهير كما هو الأمر بالنسبة للأندية الكبيرة الأكثر رسوخا على الساحتين الاجتماعية والرياضية. ولعل اللافت أيضا في هذه الخطوة، أن القائمين على عملية الخصخصة، يؤكدون أن شراء المنشأة ذات الصلة سيكون خيارا وليس إجبارا للمستثمرين. ومضوا أبعد من ذلك بالتأكيد أيضا، على أن هذه المنشأة ستباع بسعر رمزي إذا لم يكن هناك مشتر لها.
وهذا يؤكد مجددا أن هناك رؤية تعنى بكل تفاصيل العملية، كما أن هناك حوافز حكومية لكل من يرغب في خوض غمار خصخصة الأندية الرياضية. ومما لا شك فيه، أن الأندية التي ستخضع للخصخصة ستشهد إصلاحات محورية قبل طرحها للاستثمار وتحويلها إلى شركات، ما يسهم أيضا في تطوير الأداء والإنتاج وتسهيل الطريق لمزيد من العوائد المغرية بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الاستثمار. أي أن هناك خططا شاملة أيضا لإعداد الأندية المستهدفة بصورة تتناسب مع جهود التحول العام لها.
ستشهد المرحلة المقبلة على الصعيد الرياضي في السعودية متغيرات عدة، تنسجم مع المتغيرات التي تحدث على الساحة الوطنية كلها. فالمملكة لا تقوم بإصلاحات، بل ببناء اقتصاد وطني جديد يحاكي المستقبل بكل متغيراته وتحولاته واستحقاقاته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي