جدل المستهلكين تجاه التسويق

جدل المستهلكين تجاه التسويق

يوجد جدل حول ارتياب المستهلكين المتزايد تجاه عالم الأعمال. ويتساءل معظمهم حول الدافع لذلك، ودور التسويق الذي تشير إليه أصابع الاتهام أخيرا، ولا سيما مع الأساليب الملتوية التي يستخدمها. كما أصبح المستهلكون أكثر وعيا تجاه المعلومات التي يتعرضون لها على الإنترنت، والتي تستهدفهم بشكل متزايد أكثر من أي وقت مضى، خاصة على وسائل الإعلام الاجتماعية.
يجب أن ننتقل إلى تعريف أوسع للتلاعب؛ لنرى إذا ما كان التسويق يقوم بذلك. ووفقا لتعريف مستخدم في علم النفس الأدبي "التلاعب النفسي هو نوع من التأثير الاجتماعي يهدف إلى تغيير نظرة أو سلوك الآخرين من خلال استخدام أساليب مخادعة أو مضللة أو مسيئة". والقول إن التسويق يستخدم أساليب مضللة ومسيئة هو تعبير خاطئ. سيُتَّهم المسوقون بافتقارهم إلى الأخلاق إذا ما استخدموا طرقا خفية للتلاعب بالعملاء.
يفترض أن يسعى التسويق إلى أن يكون ذا تأثير اجتماعي، لمواجهة التصور السائد عن التجارة أنها مضللة، خاصة أساليب التسويق المعلنة، أو التي لا تستخدم الخداع أو الإساءة لتحقيق أهدافها. نظرا لارتفاع الوعي بحيل التسويق بين المستهلكين، يحتاج المسوقون إلى مخاطبة العملاء مع الأخذ بعين الاعتبار عامل الاستدامة. ففي حين كان صحيحا أن المسوقين في 1930 كانوا ينظرون إلى مهنتهم على أنها توجيه تدفق المنتجات إلى المستهلكين في اتجاه واحد، يجتمع المتخصصون في مجال التسويق اليوم حول فكرة أن التسويق هو عملية مبادلة بين المنتجين والمستهلكين، مشددين على القيمة التي سيحصل عليها العميل. ويمكن ملاحظة ذلك في استراتيجيات تقصي المعلومات، والشد والجذب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى سبيل المثال، طرحت شركة لوريال منتجا تجاوبا مع تعليقات العملاء عبر الإنترنت حول كيفية الحصول على تسريحة شعر جديدة. في هذا النوع من العلاقة يلعب العميل دورا أساسا، وتعود بالفائدة على الطرفين. ينبغي للشركات التفكير في كيفية الحفاظ على العميل على المدى الطويل عند بذل الجهود التسويقية.
تبدأ معظم صفوف التسويق أعمالها بنقاش حول ما إذا كان المسوقون يلبون احتياجات العميل أو يقومون بإيجاد تلك الاحتياجات لبيع منتجاتهم. فمن يستطيع القول إن المستهلكين كانوا بحاجة إلى "آي فون" حتى عرض المنتج عليهم؟ لحسن الحظ، يعطينا عصر البيانات الكبيرة فرصة ذهبية لفهم الزبائن بشكل أعمق أكثر من أي وقت مضى، شريطة أن تتعامل معها بشفافية. التجربة الشهيرة لـ "فيسبوك" للتلاعب عمدا بالمستخدمين عن طريق تغيير ما يظهر أمامهم على الشاشة من أجل دراسة تأثير ذلك في سلوكهم، حصلت هذه التجربة على إدانة واسعة.
ينبغي أن يهدف المسوقون إلى توفير قيمة مستدامة، وأن يأخذوا بعين الاعتبار الدوافع على المديين الطويل والقصير من تسويق منتج أو خدمة. وهذا يعني دراسة العملاء بشكل وثيق، وإيجاد تجارب وليس فقط منتجات وخدمات، وتطوير علاقات متكافئة مع العملاء، ومراعاة تأثير هذه الممارسات في المجتمع على نطاق أوسع. عندها فقط، سيصبحون قادرين على التصدي للتصور السائد بأن التسويق هو تلاعب بالآخر.

* جامعة إنسياد

الأكثر قراءة