فضيحة "داعش" مستمرة
الوضوح في التعاطي مع قضايا التطرف مطلب مهم جدا. هذا دور تتحمله جهات حكومية وخاصة متعددة.
إن الجهود الأمنية الناجحة التي حققتها وزارة الداخلية، في مواجهة حالة التطرف المفضي للإرهاب، لا يمكن تجاهلها. ولكن هذه الجهود تحتاج إلى أن تتكامل من خلال جهات أخرى. لا يسوَّغ أبدا كما ذكرت في مقالة الإثنين الماضي، أن تزهد منابر المساجد في تناول جور وغلو “داعش”. ولا يصح أبدا أن يستمر دعاة لدينا في رفع الدعاء على العلمانية والليبرالية والفساق، وبعض الطوائف المسلمة وغير المسلمة ويتوقفون - بل يمتنعون - عن الدعاء على “داعش” وقبلها “القاعدة”. هذا الصمت غير مقبول. الحرب مع “داعش” مستمرة. وحرب العالم كله ضد “داعش” ليست حربا على الإسلام، ولا على أهل السنة، بل إنها حرب تسعى لمواجهة جرثومة الغلو والإرهاب الذي لم يتحرج في إراقة دماء المسلمين والمعاهدين من غير المسلمين. إن الخلط بين الحرب الفاضلة التي يخوضها العالم ونحن معه، أمر ليس في مصلحة مجتمعاتنا.
إن المحفز على نمو التطرف والإرهاب، الامتناع عن إدانة «داعش» بشكل مستمر، إذ لا يجوز أبدا رفع الأكف بالدعاء على كل الفئات عدا “داعش”. ولا يجوز رفع الأكف بالدعاء للمجاهدين بتعميم مريب. إذ إن هذا الدعاء، يمثل حالة يستحيل قبولها، فـ “داعش” وزعيمها أبو بكر البغدادي يزعمون أنهم مجاهدون، وكذلك يزعم ظواهري “القاعدة”. وهناك سواهم من أولئك الذين يتشدقون بمفاهيم مشبوهة مثل الانغماس في العدوان والأفعال الانتحارية، التي كان مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز من أوائل العلماء المعاصرين الذين أدانوها. في وقت كان علماء آخرون يصفقون لها، لأنها بدأت في الأراضي العربية المحتلة، لكن سرعان ما بدأت تلك الجرثومة تستشري، في المجتمعات المسلمة. من المؤسف جدا أن معركتنا الأمنية، ضد “داعش”، لا تواكبها معركة فكرية تقودها المساجد. وعلى هذا الأمر أن يتغير عاجلا، قبل أن يظهر في المجتمعات ألف “داعش” بسبب ما يعتبره البعض تورعا، وهو في حقيقته تجاهل، فالتورع لا ينبغي أن يكون انتقائيا، والمعركة ضد هذه الفئة الضالة هي معركة ضد مارقين يستهدفوننا ولا يعرفون من الدين سوى القتل وإراقة الدماء واختطاف عقول أبنائنا لتحويلهم إلى آلات انتحارية.