تخصيص الأندية الرياضية
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يدرس واقع المؤسسات الرياضية، ويوجه بالبدء فعليا في تطوير وتفعيل العمل المؤسسي، وفتح المجال أمام الأندية الرياضية للتحول من مؤسسات معتمدة على الدعم الحكومي، وما يجود به المحسنون والداعمون المحبون لهذه الشعارات.
الأندية الرياضية كانت مدار اهتمام كبير في السنوات الأخيرة، ومحاولات لإنعاش هذه المؤسسات وتفعيل دورها في المجتمع، الذي لم يكن يواكب ما وصلنا إليه من تقدم على المستوى الوطني، ولا يتناسب مع احتياجات الشباب، الذين يمثلون نسبة كبيرة من شريحة المجتمع. وظلت المؤسسات الرياضية مؤسسات اتكالية، تعتمد على هبات وإحسان الدولة وعلى دعم كبار المشجعين، وهذا أثر كثيرا في جعلها مؤسسات مغلقة، بالكاد توفر نفقاتها الأساسية والضرورية، خصوصا بعدما واجه قطاع كرة القدم من تضخم غير مبرر للاعبين والمدربين، حيث أصبح مقدار ما ينفق يوازي أندية كبيرة تنفق على رياضات مختلفة، وظلت النتائج المحلية في تراجع كبير ومخجل، وزادت نسبة التعصب الرياضي، وفقد كثير من هذه المؤسسات مبادئ العمل المؤسسي، وأصبح الخاسر من ذلك الوطن والشباب.
عدم توافر الملاعب أو المقار الرياضية إحدى المشكلات التي واجهت رياضة الوطن، وحرمتها من التوسع ومن التطور. لكن المشكلة الأكبر هي بقاء المؤسسات الرياضية على دعم بسيط، وبقدرات بدائية تعتمد على فراغ وتطوع الإداري، وعلى غياب العمل المؤسسي، الذي جعل المؤسسة الرياضية تائهة ماليا وإداريا، وأثر في استدامة ونفعية هذه المؤسسات.
في مقال "حوكمة قطاع رعاية الشباب" الذي نشر في "الاقتصادية" 1 أغسطس 2014، تحدثت عن أهمية مأسسة العمل الرياضي في المملكة، وضرورة تطبيق أعلى معايير الحوكمة في هذا القطاع سواء كانت مؤسساته رياضية حكومية، أو قطاعا خيريا وتطوعيا، أو مؤسسات تجارية. واستبشرت كثيرا بتعيين شخصية إدارية تجارية ناجحة على رأس الهرم الرياضي، لكن اتضح لي بعد مرور ما يقارب عامين أن العبء أكبر من قدرات أي كفاءة تتولى رأس الهرم الرياضي، وأن مشكلات وقضايا التخصيص والتطوير لن تمر كما هو مراد لها، وستواجه بكثير من المقاومة لإحباط عمليات التطوير. لكن مع صدور قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أجزم بأن ذلك لن يستمر، وستتحول المؤسسات الرياضية من الاعتمادية الكاملة إلى الاحترافية الكاملة، وأتفاءل كثيرا بمستقبل المؤسسة الرياضية في إيجاد فرص استثمارية داخلية، تسهم في إيجاد الوظائف الدائمة، وتساعد على تحفيز النشاط الرياضي الإبداعي، لتحقيق تنمية مستدامة تتواءم مع تطلعات أبناء المملكة وقيادتهم. وستكون خصخصة المؤسسات الرياضية في المملكة هي البداية الحقيقية لتفعيل قطاع الرياضة، وتحسين إنتاجيته على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الرياضي، التي يجب أن تتم بوتيرة متسارعة وبحوكمة عالية.