الزراعة .. تجربة ثرية نتاجها أمن غذائي ومدن عامرة
من عدد بسيط من النخيل التي تتركز في أعماق الأودية، وقطع صغيرة وبدائية من المزارع التقليدية إلى واحة خضراء تنتج جميع أصناف المنتجات الغذائية التي تنافس المنتجات العالمية، وفق استخدام أحدث التقنيات. هذا مختصر قصة السعودية مع الزراعة على مدى 77 عاما منذ أن أعلن الملك المؤسس توحديد البلاد.
توالت الخطط ورسمت الأفكار ودعمت بقوة من الدولة على فتراتها المتعاقبة التي وضعت الإنسان وتنميته وإطارها، فتحققت واحدة من أهم النجاحات في التاريخ.
النجاح لم يتوقف فقط عند مسطحات القمح الخضراء التي تنبسط هنا وهناك، ولا في مساحات البطاطس والبصل وجميع المنتجات، بل تتعداها إلى خلق صناعة غذائية متكاملة من الألبان والخضار واللحوم وغيرها، يقوم عليها أبناء الوطن الذين باتوا خبراء في هذا المجال، مع التركيز على رفع معدلات الإنتاجية وخفض التكفلة من خلال الإدارة الفاعلة التي تركز بالدرجة الأولى على خفض استهلاك المياه إلى أقصى حد.
في هذا الجانب يقول المهندس إبراهيم بن محمد أبو عباة مدير عام الوطنية الزراعية نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف السعودية إن ما وصلت إليه السعودية من تطور وتقدم في القطاع الزراعي، يجعلنا نتذكر اليوم الوطني بالملحمة العظيمة في توحيد البلاد، وانتقالها من الشتات إلى اللمام ومن الترحال إلى الاستقرار، مستشهدا بالقفزة التي شهدها القطاع الزراعي، ولعل من أبرزها استفادة القطاع الزراعي من اتفافية انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية.
ويستطرد مدير عام الوطنية الزراعية بالقول إن ضمن نجاحات القطاع الزراعي في البلاد التمدد الرأسي في الزراعة، لافتا النظر إلى وحدة المساحة المستخدمة للزراعة أصبحت بفضل التطور والتجارب تنتج كميات أضعاف ما كان ينتج سابقا، بل أصبح الإنتاج الزراعي في بلادنا يغطي الاستهلاك المحلي.
ولفت المهندس أبو عباة إلى أن ما تحقق في بلادنا وخاصة في مجال زراعة القمح يعد معجزة تسطر بماء الذهب، بل الجودة في المنتج، وليس فقط في إنتاج القمح بل تعداه إلى زراعة وإنتاج منتجات صحية وهي الزراعة النظيفة، باستخدام الزراعة العضوية، مبينا أن إنتاج زيت الزيتون والتمور، والخضار والفاكهة، أصبح مصدر اعتزاز وفخر لنا كسعوديين وهذا بفضل الله - عز وجل - علينا، مما يتطلب منّا المحافظة على ما وصلنا إليه من نجاح بتعاضد الجميع، وتعاونهم، خاصة فيما يخص القائمين على القطاع الزراعي، والتأكيد على المحافظة على هذه النجاحات والاهتمام بعرضها في المحافل المحلية والخارجية ليرى العالم بأكمله ما حققناه بنجاح بفضل الله - سبحانه وتعالى - ثم بفضل الدعم اللامحدود من ولاة أمرنا في دعم القطاع الزراعي.
ونوه مدير عام الوطنية الزراعية إلى دعم الدولة للزراعة، معربا عن شكره لخادم الشريفين وولي عهده الأمين، وكذلك من خلال وزارة الزراعة وعلى رأسها معالي الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة والبنك الزراعي الذي يعد علامة فارقة في مسيرة التنمية الزراعية، إضافة إلى حرص الدولة - رعاها الله - على شراء القمح من المزارعين، كل ذلك بالفعل يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز، ويزيدنا إصرارا نحو مواصلة هذا المشوار في وطن الخير والبركة.
من جانبه، أكد المهندس محمد بن عبد الله الرشيد مدير عام مجموعة "الرشيد للبيوت المحمية" على ما وصلت إليه الزراعة في بلادنا، مؤكدا أننا نعيش بمناسبة اليوم الوطني ذكرى يوم لا ينسى، مرجعا بالذاكرة إلى الوراء قبل عقود من السنوات، ماذا كانت البلاد كيف أصبحت، وخاصة في الجانب الزراعي، والذي أصبح بحق مصدر فخر واعتزاز ليس فقط لنا كمتخصصين في القطاع الزراعي، بل لكل مواطن ومواطنة لما وصل إليه القطاع من تطور ونجاح، وخاصة في الجانب التقني للزراعة، وهو ما تشتهر به مجموعتنا وهو الزراعة في البيوت المحمية، بل تفوقنا في الزراعة النظيفة الخالية من متبقيات المبيدات الكيماوية، حيث يتم استخدام المكافحة الحيوية التي تقدم منتجا صحيا للمستهلك، بل منتجا من الدرجة الأولى في مجال الخضراوات، والتي من الضرورات على المائدة اليومية للمستهلك.
وثمن المهندس الرشيد الدعم الكبير من قبل ولاة أمرنا، والدعم الذي أوصلنا إلى العالمية، بل وتفوقنا في المنتج الصحي، وتمكننا من استخدام التقنية والترشيد في استخدام المياه عبر البيوت المحمية، معربا عن شكره لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ووزير الزراعة لما نجده من دعم وتقدير من جراء الجهود المبذولة من قبل العاملين في القطاع الزراعي.
في السياق ذاته يقول خالد الباتع رئيس جمعية مزراعي حائل إن الدولة أردت من البداية توسيع القطاع الزراعي وتطويره من خلال الدعم الكبير الذي وجهته له، مبينا أن الزراعة باتت عنصرا رئيسيا في الاقتصاد المحلي، وبالتالي فإن المزارع بات أيضا مؤثرا في الاقتصاد ويشكل أحد عناصر الحلقة المتكاملة.
وشدد الباتع على أن المزارعين يعيشون تحديا الآن يتعلق بمواصلة مسيرة النجاح التي تحققت خلال العقود الماضية من تطوير الإنتاج والانتقال إلى المرحلة الأهم التي تتعلق بالمنافسة العالمية، لافتا إلى أن ما تحقق يحتم العمل على تطوير الأنظمة التي تتعلق بالدعم بحيث تواكب المتطلبات والنظر إلى ظروف المزارع برؤية مختلفة تستوعب الظروف الحالية.
وتمنى الباتع أن تعمل الدولة على دفع عجلة التطور الزراعي من خلال إعادة النظر في طريقة الدعم سواء فيما يتعلق برفع سعر شراء القمح أو وسائل الدعم الأخرى خاصة تلك التي لا تتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية.