رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


القطبان النفطيان المحوريان

تمثل زيارة وزير البترول الروسي ألكسندر نوفاك، ولقاؤه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، أهمية أكثر من كبيرة لأسباب معروفة للجميع. وتأتي أيضا بعد اجتماع مهم جدا لوزراء النفط والطاقة بدول الخليج العربي، يضاف إلى ذلك، أن الحراك النفطي الذي يجري في المملكة، يتم في الواقع في البلد الذي لم يتوقف منذ سنوات (وليس الآن فقط) عن الحراك من أجل سوق نفطية عالمية أكثر توازنا وعدالة. والمملكة، تكبدت في أكثر من عامين خسائر فادحة من التراجع التاريخي الهائل لأسعار النفط، لإصرارها على ضرورة الوصول إلى الشكل النهائي المقبول لهذه السوق، رغم معاندة دولة كإيران التي اعتادت على ممارسة ما يمكن وصفه بسلوكيات "الشريك المخالف" ضمن الإطار العام للنفط وسوقه.
الأشياء باتت واضحة الآن أكثر من أي وقت مضى، على الجميع التعاون سواء ضمن إطار منظمة الأقطار المصدرة للنفط «أوبك»، أو خارجها. ويبدو واضحا أن روسيا (أكبر منتج للنفط خارج «أوبك») تعتزم أن تكون جزءا رئيسا في عملية إعادة صياغة السوق النفطية، من خلال أولا تجميد الإنتاج عند حدود الحالي، والعمل في مرحلة لاحقة على وضع معايير تستفيد من خلالها كل الأطراف المعنية، بما فيها بالطبع البلدان المنتجة والمستهلكة. ولا شك أن التعاون بين قطبي إنتاج بمستوى المملكة وروسيا، سيسهم في إيصال الأمور إلى المراحل التي تدفع نحو الأمام خصوصا، أن أضرار التراجع الكبير لأسعار النفط أضرت بالجميع، بمن فيهم الجانب الإيراني نفسه الذي يسعى لأن يكون مستثنى من أي اتفاق، بينما خرج العراق ليعلن الصيغة الإيرانية نفسها تقريبا.
القطبان السعودي والروسي يمكنهما إحداث الفرق، وعلى موسكو أن تكون واضحة في المرحلة المقبلة، خصوصا مع التضارب الملحوظ في تصريحات مسؤوليها حول الإنتاج النفطي الخاص بها، المهم أن لقاء بهذا المستوى يشكل نقطة محورية للتوصل إلى اتفاق دائم في مرحلة لاحقة، خصوصا أن شهر تشرين الثاني (نوفمبر) يقترب، بينما يفترض أن تبدأ فيه عملية تنفيذ الاتفاق المبدئي لتجميد الإنتاج من أجل الحد من تخمة المعروض في الأسواق العالمية. والمشكلة في تراجع أسعار النفط لا تكمن في انعكاساتها السلبية على الموازنات العامة للبلاد المنتجة، بل تشمل أيضا حراك الاستثمارات النفطية نفسه. وهي استثمارات محورية أيضا من أجل مواكبة التطورات الفنية والاكتشافات؛ أي أن الأضرار تشمل أكثر من مجال، ولا بد من الوصول إلى اتفاق قريب. وفي كل الأحوال، أسهم الحراك السعودي الروسي الراهن في طمأنة الأسواق النفطية، على الرغم من "التشويش" الإيراني الفاضح. وقد كان المهندس الفالح واضحا حينما أكد أن الأسعار تعود تدريجيا إلى حالة التوازن، لكنه في الوقت نفسه، كان حريصا على العمل والتحرك من أجل اتفاق يطرح الاستدامة لهذه السوق التي عانت كثيرا في غضون العامين الماضيين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحقق أي خطوات عملية دون التعاون الواضح الحقيقي بين البلدان المنتجة، ولا سيما تلك التي تمثل ثقلا لا يمكن لأي دولة أن تمثله بما في ذلك إيران. وعلى هذا الأساس، تعلق السوق أهمية كبيرة على التعاون السعودي- الروسي، ولا سيما في ظل وجود سياسة سعودية هي الأكثر وضوحا بين كل السياسات المطروحة على الساحة، والأهم تمسك المملكة بالمبدأ الرئيس، وهو التوصل إلى اتفاق عالمي متوازن ومستدام، ينشر الاستقرار المطلوب في السوق لأمد طويل.
لم يعد هناك متسع من الوقت للمناكفات غير البريئة لبعض البلدان، كما لم تعد الحلول المطلوبة قابلة للتأخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي