مساهمات المملكة الإقراضية دوليا في الميزان

السياسة والاقتصاد صنوان لا يفترقان. أحيانا كثيرة تكون قدرة الاقتصاد أكبر من قدرة السياسة في حل المشكلات، وصنع الترابطات خصوصا بين الدول. وبهذا يكون استخدام الاقتصاد كسياسة عامة في التعاملات مع كثير من الدول من أهم الأدوات الناجعة في صنع التقاربات وسد الفجوات التي قد تحدثها السياسة. المملكة لم تغفل هذا الأمر منذ التأسيس، بل تسهم وتؤسس كثيرا من المبادرات الاقتصادية التي يكون لها أثر كبير لدى المستفيدين بدوافع إنسانية، ودينية، وأخلاقية. لكن ما يعيب هذه الأدوات من وجهة نظري كونها متعددة ومشتتة إعلاميا حتى تكاد تفقد القوة العظمى التي يمكن أن تحدثها في تقريب وتطوير العمل السياسي.
المملكة عضو مؤسس في كثير من المؤسسات المالية التمويلية، وعضو فاعل يقدم الدعم المادي لمشاريع الدول الأكثر فقرا وللدول النامية بشكل عام من خلال الدعم الحكومي المباشر أو من خلال مؤسسات التمويل العربية والإسلامية والدولية. المملكة أسست الصندوق السعودي للتنمية في عام 1974، ويهدف للمساهمة في تمويل المشاريع الإنمائية في الدول النامية من خلال منح القروض، ودعم الصادرات الوطنية غير النفطية بتمويل الصادرات وضمانها. كما أسست المملكة وتسهم في البنك الإسلامي للتنمية وتستضيفه في مدينة جدة منذ عام 1973، الذي يهدف إلى النهوض بالتنمية البشرية في الدول الإسلامية للتخفيف من وطأة الفقر، والارتقاء بالصحة، والنهوض بالتعليم، وتحسين الحوكمة، وتحقيق الازدهار للشعوب. ويضم تحت مظلته خمسة كيانات هي "البنك الإسلامي للتنمية" و"المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب" و"المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات" و"المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص" و"المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة". كما تسهم المملكة في صندوق النقد الدولي IMF المؤسس عام 1945 بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي، الذي يتكامل مع المؤسسات الدولية الأخرى كالبنك الدولي ومؤسساته التابعة التي تشمل البنك الدولي للإنشاء والتعمير IBRD أسس عام 1944 وتملك السعودية عضويته منذ عام 1957 ويهدف إلى مساعدة البلدان النامية للحد من الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيق الازدهار والرخاء. المؤسسة الدولية للتنمية IDA تأسست عام 1960 وتعد ذراعا للبنك الدولي تضطلع بمساعدة أشد بلدان العالم فقرا للحد من الفقر بتقديم اعتمادات دون فوائد ومنح لبرامج تعمل على تعزيز النمو الاقتصادي وتخفيف حدة التفاوتات وعدم المساواة، وتحسين الأحوال المعيشية للشعوب. مؤسسة التمويل الدولية IFC أنشئت 1965 كإحدى أذرع البنك الدولي لتقدم قروضا، ومساهمات في أسهم رأس المال، ومساعدات فنية لحفز استثمار القطاع الخاص في البلدان النامية التي تتجاوز 100 بلد، من أجل صنع الوظائف، وتحقيق الإيرادات الضريبية، وتحسين حوكمة الشركات والأداء البيئي، والإسهام في المجتمعات المحلية التي تعمل فيها. الوكالة الدولية لضمان الاستثمار MIGA، التي تتيح الضمانات ضد الخسائر الناجمة عن المخاطر غير التجارية التي يواجهها المستثمرون في البلدان النامية. المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمارICSID، أسس عام 1966 ويقدم تسهيلات دولية من أجل المصالحة والتحكيم في منازعات الاستثمار.
أيضا تسهم المملكة في كل من صندوق النقد العربي، أسس عام 1967، والبنك الإفريقي للتنمية AFDB أسس عام 1964 بهدف الإسهام في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في البلدان الإفريقية. كذلك تسهم في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي AFESD أسس 1967 للإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB أسسته الصين 2014.
المملكة تقدم كثيرا من الدعم المباشر في شكل مساعدات مالية، أو قروض ميسرة للإسهام في تحقيق الاستقرار والسلم العالميين، ومن منطلق مكانتها العربية والإسلامية التي تحتم عليها الوجود في حل كثير من أزمات العالم الإسلامي والدول الصديقة. وهذا الأمر يزيدنا فخرا كمواطنين أن تكون المملكة ذات أياد بيضاء في مسيرة العالم ككل. فهي من بين أكبر أربعة مانحين لبرامج الأمم المتحدة الإنمائية في عام 2014 بما يعادل 1.9 في المائة من الدخل القومي الإجمالي، حيث وصلت مساهمتها بين عامي 2005 و2014 إلى أكثر من 165 مليار ريال استفاد منها 83 بلدا حول العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي