دعوة للقراءة
وضعت إحدى الدراسات الحديثة المملكة ضمن أعلى عشر دول في عدد الساعات التي يخصصها السكان للقراءة. قد يكون هذا مفاجئا للكثير من المثقفين والمعلمين والمختصين. الواضح أن هذه الإحصائية تتحدث عن الوقت المستهلك في القراءة بغض النظر عن نوعية القراءة.
يمكن أيضا أن نقول إنها لم تهتم لمصادر القراءة التي يبحث فيها الأشخاص والمردود الفكري الذي تحققه. يبدو أن قراءة مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وضعت ضمن إطار المقروءات في الساعات السبع التي يقضيها السعودي في القراءة يوميا.
أتفق مع الإحصائية إذا كنا نتحدث عن النظر إلى شاشات الأجهزة ولكن النظر إلى الهاتف الذكي قد يعني متابعة فيلم أو مقطع أو مجموعة صور، وهذا لا يمت للقراءة بصلة كما أنه المستهلك الأعظم لوقت كثير من مستخدمي الأجهزة الذين أوصلونا لهذه الدرجة المميزة.
الواقع أنني لم أحصل سوى على خريطة للعالم تحدد كل دولة ونسبة قراءة سكانها بألوان كانت مفرحة لي، لكنني لا بد أن أستثني من هذه الحالة المنفتحة على المعلومة ما يمكن أن أعتبره 90 في المائة من الوقت الممضي في ممارسة القراءة باعتباره حالة من المتابعة الاجتماعية لما تتحدث عنه شاشات الأجهزة الذكية.
أجهزة استطاعت بذكائها أن تجعل أفراد الأسرة الواحدة ينسون أنفسهم ويتعاملون مع الحياة بأساليب مختلفة تعطي كلا منهم ما يحتاج إليه من المعلومات أو المعوضات الفكرية والاجتماعية والنفسية.
كثير من المستخدمين الذين لا أثر لهم في الحياة الواقعية يقودون الفكر في هذه التطبيقات سواء في «تويتر» أو «فيسبوك» أو «السناب» أو «الإنستجرام» أو «الواتساب». حددت هذه التطبيقات باعتبارها الأكثر تأثيرا في المجتمع واستهلاكا لوقت الناس. تأثير هذه التطبيقات واضح في كل مكان فأنت ترى الناس يتابعون وتسمع أحاديثهم تسيطر عليها الأفكار والمفاهيم والمستجدات التي تحددها هذه المواقع سواء كانت ذات أهمية أم لا. الأمل الذي يراودني بعد قراءة تلك الإحصائية هو أن يبني عليها المربون والمفكرون ويجعلوا من الوقت الذي يمضيه الصغار والكبار في استخدام هواتفهم الذكية فرصة للتثقيف وتعزيز المفاهيم الاجتماعية والأسرية والأخلاقية التي يحتاج إليها المجتمع اليوم.
هناك محاولات مميزة من مجموعات تقنية تستخدم هذه الوسائط في تبسيط القوانين العلمية والمعادلات والأنظمة التي تهم الناس، وعليها يمكن أن تبني المؤسسات الفكرية سبل توعية وتثقيف المجتمع لضمان حماية الفكر وتوسيع المدارك والاستفادة من الوقت المستهلك أمام الشاشات.