وسائل الإعلام الإلكتروني .. وتعزيز القيم المجتمعية
تحرص المملكة بشكل مستمر على متابعة التطورات التي تشهدها ساحة الجرائم الإلكترونية، وما يتبع ذلك من انتشار، أيضا مواقع الإعلام الإلكتروني الذي هو بدوره أخذ موقعا كبيرا في خريطة عالم التقدم الإلكتروني. وحفاظا على القيم الاجتماعية للمجتمع السعودي تعمل المملكة على عقد اللقاءات والندوات في هذا الجانب. ومن مخرجات هذه المنتديات اعتمدت جامعة الملك عبد العزيز في جدة دعم 15 بحثا علميا تتناول مواضيع القيم والأخلاق في المجتمع السعودي بعد أن تم اختيار عناوينها من اللجنة العلمية ضمن برنامج دعم الأبحاث التابع لكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية، وشملت دراسة عن دور وسائل الإعلام الإلكتروني في تعزيز القيم الأخلاقية.
وفي هذا الصدد تلقت اللجنة العلمية للكرسي عديدا من المقترحات البحثية منذ إعلانها فتح باب دعم الأبحاث الأخلاقية في خمسة محاور، تمثل المحور النظري المعرفي، والمحور النفسي والتربوي، والمحور الاجتماعي، والمحور الاقتصادي، إلى جانب المحور الثقافي والإعلامي، كما أن اللجنة العلمية حددت معايير الأبحاث المدعمة بأن يكون موضوع البحث المقترح متصلا اتصالا وثيقا بأحد محاور الكرسي العلمية الخمسة، ما يعالج قضايا جوهرية في المجتمع السعودي.
حقيقة إن التربية تهدف إلى رعاية الإنسان في جوانبه الجسمية والعقلية والعلمية واللغوية والوجدانية والاجتماعية والدينية، وتوجيهها نحو الصلاح والوصول بها إلى الكمال، وغايتها تحقيق العبودية الخالصة لله في حياة الإنسان على مستوى الفرد والجماعة والإنسانية، وقيام الإنسان بمهامه المختلفة لعمارة الكون وفق الشريعة الإلهية. وبالتالي فإن ذلك يعني صياغة الشخصية الإسلامية وفق نسق متكامل من العناصر التي تغذي بناء تلك الشخصية في جميع أبعادها المتفاعلة، بحيث تنهض بمهامها على الوجه الأكمل. وليست تلك العناصر سوى مجموعة القيم التي تحقق للإنسان إنسانيته ككائن حظي بالتكريم من الله عـز وجل، هذا التكريم الذي تجسد بمنحة العقل وأمانة الاستخلاف في الأرض.
لقد عقد في المملكة المؤتمر الأول دوليا لمكافحة الجرائم المعلوماتية، حيث دعت المملكة إلى انعقاده بعد أن تنامت ظاهرة الإجرام من خلال وسائل الإعلام الحديثة ومن خلال قنوات التقنية الإلكترونية وهي ظاهرة في غاية الخطورة، خصوصا بعد أن مارست جميع المنظمات الإرهابية نشاطها الدولي باستغلال هذه التقنية الحديثة، بل سخرتها في خدمتها بما يضر بأمن الدول والمجتمعات لذا كان اجتماع أصحاب القرار في دول العالم مهما وضروريا من أجل تنسيق الجهود الدولية وتبادل المعلومات ومنع فرص الاستخدام الإجرامي المتفق دوليا على أنه يضر بالجميع في أي بلد كان موقع تلك الجرائم، بغض النظر عن المتضرر منها.
إن المملكة حرصت على إصدار قانون جنائي يكافح الجرائم المعلوماتية سواء كانت تلك الجرائم إرهابية أو غير إرهابية، فأي استخدام غير قانوني يعتبر محلا للمساءلة الجنائية وبعقوبات محددة وقاطعة ومن خلال إجراءات جنائية تبدأ من مرحلة القبض حتى نهاية المحاكمة الجنائية وإصدار حكم بات في الحق العام والخاص إن وجد ومع مراعاة الطبيعة التقنية في أدلة الإثبات ضد المتهم، التي تؤكد ارتباطه بالجريمة ومشاركته فيها وتقييمها وفق خطورتها، التي تعتبر أعلى درجاتها تلك المرتبطة بالتسويق الهدام للأفكار والضلالات التي باتت لب وقلب المنظومات الإرهابية الدولية العابرة للحدود.
هناك بالفعل تغير كبير في مفهوم مسرح الجريمة خصوصا الجرائم المنظمة التي هي الأخطر، وقد أثبتت المملكة ومن خلال ما قدمته من معلومات مهمة واستباقية أن الإرهاب يمكن التصدي له مسبقا بتبادل المعلومات وقطع الطريق على المجرمين في دول العالم وقبل تنفيذ جرائمهم البالغة في الإجرام وضد الأبرياء والممتلكات العامة والخاصة، ومع كل ما قدمته المملكة من معلومات سابقة للأحداث، إلا أن الحقيقة أنه لم يكن هناك من متلق يستوعب أهمية المعلومة إلا بعد فوات الأوان وهو شيء مؤسف ولا يوجد له مبرر سوى عدم تقدير خطورة الموقف وعدم فهم الطريقة التي يفكر بها الإرهابيون وسرعة تحركاتهم الميدانية.
أيضا هناك نصيب كبير في مجال الجرائم المعلوماتية لجرائم العرض والأخلاق وهي جرائم متنوعة بالغة الحساسية اجتماعيا وأسريا على مستوى الأفراد في مجتمعنا المحافظ، الذي يستغرب كثيرون وجود مثل هذه الجرائم فيه رغم ما يتمتع به من التزام ديني وترابط اجتماعي يجب أن يكون عاملا مساعدا على خفض نسبة الجرائم المعلوماتية ذات البعد غير الأخلاقي.