رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الرياض وأنقرة .. حكمة العلاقات الاستراتيجية

جاءت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن نايف لتركيا، ضمن إطار تعزيز العلاقات بين هذا البلد والمملكة، خصوصا في المرحلة التي تمر بها المنطقة من اضطرابات وحروب، وتخبط مطبخ صناعة القرار العالمي. العلاقة بين السعودية وتركيا تستند إلى أسس عميقة في التاريخ والحاضر، كما أنها تشكل ضرورة حتمية للمنطقة والعالم، لما يتمتع به البلدان من قوة في الحراك الدولي بشكل عام. ومنذ وجود كلا البلدين ضمن مجموعة العشرين، بات واضحا أهمية أي خطوة لتنمية العلاقات بينهما، ولا سيما بعد أن أخذت المجموعة المشار إليها زمام المبادرة الاقتصادية على الساحة الدولية في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية قبل ثماني سنوات. فالرابط السعودي- التركي يستند إلى أهمية إقليمية تتوازى مع الأهمية على الساحة الدولية.
وقفت المملكة منذ اللحظة الأولى إلى جانب الشرعية في تركيا في أعقاب الانقلاب الذي استهدف النظام الحاكم فيها. وعبرت في الواقع عن أخلاقيات سياسية باتت قليلة على الساحة الدولية. كما أنها صعدت من مستوى تمتين العلاقات في أعقاب الانقلاب الفاشل، للتأكيد مجددا على السياسات الثابتة لها، فضلا عن ضرورة تعزيز التعاون مع أنقرة، في كثير من الملفات المتفاعلة، في مقدمتها الملف السوري، والتدخلات الإيرانية التخريبية في هذه المنطقة أو تلك، إضافة طبعا إلى حرب التحالف العربي من أجل ترسيخ الشرعية في اليمن الشقيق. والدور التركي في سورية لا تفرضه السياسة فقط، بل معايير الجوار والترابط الجغرافي، ما يجعل الدور التركي محوريا كأي دور عربي في هذه الأزمة المتفاعلة.
لقد بدا واضحا من خلال الحفاوة الكبيرة التي وفرتها تركيا لولي العهد، مدى الأهمية التي تعلقها القيادة التركية على العلاقات مع المملكة. وقد عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل المناسبات عن هذه الأهمية بكل الطرق والوسائل. والحق، أن العلاقات المتميزة بين الرياض وأنقرة لا تشمل فقط الجوانب السياسية، بل تضم أيضا الجانب الاقتصادي، من خلال الاستثمارات السعودية المتنامية في تركيا، بحيث احتل السعوديون المركز الأول في امتلاك العقارات في الأراضي التركية، فضلا عن مشروعات استثمارية مختلفة في عدة مجالات. يضاف إلى ذلك، الحضور التركي أيضا على الساحة الاقتصادية السعودية، ولا سيما في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030" التي توفر فرصا لمن يرغب في دخول السوق السعودية.
إنها علاقات استراتيجية بكل معنى الكلمة، ضمت السياسة والاقتصادي والأمن، إضافة إلى الجوانب العسكرية. ومثل هذا النوع من العلاقات، يفرض مزيدا من النتائج الإيجابية، ليس فقط على مستوى طرفي العلاقة، بل أيضا على صعيد المنطقة والعالم. ومما لا شك فيه، أن تطوير هذه العلاقات بما تفرضه الحقائق والاستحقاقات، سيسهم في حل كثير من المشكلات المتفاعلة على الساحة الإقليمية، خصوصا أن المملكة وتركيا لا تريدان أقل من استقرار وازدهار للمنطقة كلها، فضلا عن الأمن والسلام لها. وهذه سياسة اتبعتها المملكة منذ تأسيسها حتى مع الأطراف التي لم تبد أي نية حسنة تجاه السلام وحسن الجوار. وستكون هناك انطلاقات متجددة في العلاقات بين الرياض وأنقرة في الفترة المقبلة، تشمل كل المجالات. فكلا الجانبين يلتزمان سياسة متوازنة وواقعية، ومثل هذا النوع من السياسة لا ينشر إلا خيرا وأمنا وسلاما في الأجواء كلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي