رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الوطن .. الوطن .. الوطن

نستحضر في هذا اليوم الوطني العظيم جهود المؤسس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه - في توحيد هذا الكيان الشامخ والنهضة التنموية التي تعكس جهود أبنائه من بعده منذ الملك سعود إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله بنصره وتوفيقه. الوطن هو الأرض أو البلد الذي ينتمي له الإنسان ويرتبط به اجتماعيا واقتصاديا وعاطفيا، ولا يشعر بأهمية الوطن ويقدر مكانته إلا من يفتقده، ويعيش مشردا خارج ترابه. وعلاقة المواطن بوطنه ينبغي أن تكون علاقة أخذ وعطاء، أي التزام بحقوق وواجبات لكل منهما. وفي الغالب لا يكتفي المواطن المخلص والفاعل بالحد الأدنى، بل يحاول أن يسهم إسهاما نوعيا في تطوير الوطن، وبنائه، والحفاظ على مقدراته ومكوناته.في هذا المجال مقولة الرئيس الأمريكي جون كيندي الشهيرة "لا تسأل ماذا يمكن أن يقدم لك بلدك، بل اسأل ماذا يمكن أن تقدمه (أنت) لبلدك". فمن المفترض أن يكون الإنسان مستعدا للعطاء للوطن في كافة المجالات، بدلا من الانتظار لما يمكن أن يقدمه الوطن من خدمات صحية وتعليمية وبلدية واجتماعية وأمنية، إلى جانب توفير مجالات العمل ومصادر الدخل الأخرى.
وعلى الرغم من صعوبة استعراض القضايا ذات الأولوية الوطنية التي ينبغي أن نستحضرها في هذا المقام، ونفكر فيها، ونستوعب مدلولاتها، وندرك أهميتها، فإنه يمكن استعراضها ضمن محورين مهمين أحدهما يخص الوطن والآخر يخص المواطن، وهما: أولا: الانتماء الوطني والمحافظة على اللحمة الوطنية المتماسكة (واجبات المواطن): كثيرون يتحدثون عن ذلك، ولكن لا يعملون شيئا بشأنه! ينبغي أن نستوعب أن الوطن للجميع، وأن المواطنين متساوون، لا فرق بين مواطن وآخر في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن المذهب الديني أو الانتماء الجغرافي أو القبلي، ودون محاولة إقصاء لفئة أو طائفة أو جماعة معينة. وهذا ما أشار إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في أكثر من مناسبة بالنص: "لا فرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة وأخرى فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات". فإذا كنت – أيها القارئ الكريم - تشعر بذلك، فأنت تحمل انتماء قويا للوطن، وتسهم – بشكل مباشر أو غير مباشر - في تعزيز الوحدة الوطنية وزيادة تماسكها، يقول المولى عز وجل في محكم تنزيله: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". لا بأس أن يعتز كل إنسان بقبيلته أو المذهب الديني الذي ينتمي له، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب الآخرين أو لدرجة تؤثر في حرياتهم، أو تمس الأمن الوطني من قريب أو من بعيد! ينبغي أن نستوعب أن بناء الوطن في كيان دولة حديثة قوية ومتماسكة لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال الانتماء المخلص لأبناء الوطن تجاه وطنهم، لكي يكونوا كالبناء المرصوص ضد الأعاصير الطارئة. فهناك دول توشك على التفكك نتيجة غياب الانتماء الوطني الحقيقي أو لوجود انتماءات متعددة بعضها خارجية، مثل: ليبيا والعراق، وليس انفصال جنوب السودان ببعيد عن الأذهان!
وفوق هذا وذاك، فالمملكة تحظى بمكانة عالمية من الناحية الدينية أولا ثم من النواحي الاقتصادية والسياسية، فمن الواجب علينا كمواطنين دعم مكانتها كونها قبلة المسلمين على مختلف مذاهبهم، الأمر الذي يتطلب احترام التنوع والاختلاف في الرؤى والأفكار بما لا يتعارض مع جوهر الدين.
ثانيا: تعزيز انتماء المواطن يحمل الوطن بعض الالتزامات "حقوق المواطن"، وذلك من خلال إتاحة الفرص أمام المواطنين بعدالة وشفافية، وهذا يتطلب تعزيز مبدأ "المساءلة والمحاسبة" وكذلك مكافحة "الفساد" وضرورة الإعلان عن الوظائف والمشروعات المطروحة للمناقصة بشفافية، إلى جانب تحسين آليات اختيار وتعيين المسؤولين في الوظائف العامة بناء على الكفاءة وليس على العلاقات الشخصية والمحسوبيات. ومما يثلج الصدر أن هناك خطوات عملية تتخذ في هذا السبيل، مثل تعزيز مبدأ "الشفافية" في الأجهزة الحكومية إلى جانب إنشاء هيئة مكافحة الفساد "نزاهة". وبوجه عام، العاقل من اعتبر بغيره، والذكي من يستفيد من أخطاء الآخرين. فنتيجة للاضطرابات في المناطق المجاورة والتقلبات الدولية وسياسات الدول الكبرى المتعجرفة التي لا تؤمن نتائجها السلبية على المنطقة، يصبح الانتماء الحقيقي والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية أهم من أي وقت مضى، فالمسألة أصبحت مسألة بقاء في بحر متلاطم. فمن جهة، تتدخل إيران في شؤون العرب وتسهم في تفكيك أوطانهم كما يحدث في لبنان وسورية والعراق واليمن، ومن جهة أخرى، هناك تغير ملحوظ في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة العربية، واكبه إصدارها قانون "العدالة ضد الإرهاب"، ولكن ربما ينقلب السحر على الساحر، ويقوم ضحايا العنف والجور الأمريكي من الأفغان والعراقيين وقبلهم اليابانيون والفيتناميون بمقاضاة أمريكا وطلب تعويضات مالية تجعلها تعيد النظر في هذا القانون.
أخيرا وليس آخرا نسأل المولى القدير أن يعيده علينا بالخير وعلى وطننا بالعزة والأمن والتقدم والازدهار، وكل يوم وطني وأنتم جميعا بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي