الإرهاب الأسري والشيخ «تويتر»
لا يقتصر الإرهاب على ما تعاني منه المنطقة العربية والعالم من ترويع للمجتمعات والخروج على القوانين وتعاليم الأديان، بل هناك إرهاب لا يقل قسوة ووحشية، ألا وهو العنف الأسري. والعنف الأسري هو موجود قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وبعد ظهورها، ولكن هذه الوسائل، خاصة الشيخ "تويتر" أسهم إسهاما يستحق معه جائزة نوبل، في إنقاذ بعض الضحايا من براثن العنف الأسري المقيت الذي لا تقره الأديان ولا الأعراف أو القيم الإنسانية.
بالتأكيد فإن ضعف الوازع الديني، وغياب الضمير الإنساني، وانتشار المخدرات، والتفكك الأسري، وعدم وجود مؤسسات مجتمع مدني (فاعلة) تحمي ضحايا العنف الأسري، إضافة إلى عدم وجود أنظمة واضحة ترعاها جهات محددة ومعروفة ومعلنة لأفراد المجتمع، كلها عوامل أسهمت في انتشار العنف الأسري، فكما يقال: "من أمن العقوبة أساء الأدب". فالإجراءات المتاحة لضحايا العنف الأسري ليست سهلة، ولا تضمن السرية وحماية الضحايا من العنف اللاحق بعد التبليغ عنها.
ولكن "تويتر" مشكورا أصبح المدافع الأول عن ضحايا العنف الأسري في جميع المجتمعات على وجه الأرض، لأنه يستطيع الوصول لأعداد هائلة في وقت وجيز، ولأنه يحرك الجهات الحكومية النائمة رغما عنها، بل يهز الحكومات نتيجة قدرته على تحريك الرأي العام في وقت قصير، وبسهولة كبيرة، ودون أي تكاليف تذكر.
في ضوء تزايد العنف، ومن منطلق الواجب الديني والإنساني بوجوب الوقوف ضد الظلم، لذلك ينبغي الاهتمام بأمور كثيرة تشريعية وتنظيمية وإنسانية، ومنها:
1) إعادة النظر في العقوبات التي تصدر في حق الجناة من أولياء الأمور أو الأقارب.
2) لا بد من توفير الحماية للضحايا للخروج من دائرة الألم والمعاناة وفضح الجناة، من خلال الإعلان عن إجراءات واضحة توفر الحماية التي تشمل السكن، والرعاية الصحية والنفسية، بعبارة أخرى، في حال لجوء أي فتاة إلى القضاء لا بد من عزلها عن الجاني حتى لا تتعرض لمزيد من العنف (أو حتى القتل) من خلال توفير المسكن لها والقيام برعايتها حتى صدور الحكم في القضية.
3) إنشاء جمعية أو جهة خيرية توفر محامين متطوعين لضحايا العنف الأسري، لعدم توافر إمكانات مادية لدى الضحايا، وكذلك توفير الملجأ أو المسكن المناسب، والدعم المعنوي، والمساعدة في التوظيف لدمج الضحية بالمجتمع.
4) توعية المجتمع سواء أكانوا أطفالا أو راشدين بعدم السكوت على الظلم والعنف، وتشجيعهم على الاتصال بأرقام مجانية أو التواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لاتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة، كي لا يقع المزيد من الظلم والإيذاء على الضحية، ولحمايتها من إيذاء نفسها باستخدام وسائل محرمة.
5) غياب التوعية في المدارس عن ماهية التحرش الجنسي والعنف الذي يستوجب اتخاذ قرارات حاسمة وكذلك غياب التوعية بالجهات المنوط بها الحماية من العنف عموما والأسري خصوصا.