رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ركود اقتصادي أمريكي وشيك ..وانتظار لقرار " الفيدرالي الأمريكي" بخفض سعر الفائدة

[email protected]

بعد فترة من التأكيدات من قبل المسؤولين الأمريكيين سواءً في الاحتياطي الفيدرالي أو وزارة الخزانة الأمريكية خلال الأشهر الماضية على أن آثار أزمة الرهن العقاري لم تمتد إلى قطاعات الاقتصاد الأخرى، بدأت البوادر تظهر عكس تلك التأكيدات، حيث بدأت البيانات تظهر تأثر قطاعات أخرى في الاقتصاد الأمريكي خصوصاً قطاع الائتمان الذي ما زالت أزمته تضرب بعمق في الاقتصاد الأمريكي وتمتد بتأثيرها إلى قطاع الائتمان العالمي. هذه الآثار الممتدة التأثير إلى الدول الأخرى حدت بأحد المسؤولين البريطانيين لإلقاء اللوم خلال الأسبوع الماضي على المسؤولين الأمريكيين لفشلهم في الحد من إمكانية انتشار مشكلة الرهن العقاري إلى قطاعات الاقتصاد الأخرى عن طريق رفع معايير الإقراض في قطاع الإسكان لتجاوز هذه المشكلة من بدايتها. لكن واقع الحال لا يمكن تغييره الآن، وما يتم بحثه الآن هو كيف يمكن تجنيب الاقتصاد مشكلة كساد باتت وشيكة الحدوث، وذلك بالنظر إلى البيانات الصادرة والمتعلقة بمبيعات التجزئة الأمريكية، والتي ارتفعت بشكل أقل من توقعات المحللين، مما يزيد من القلق حيال تفاعل قطاعات الاقتصاد الأخرى خصوصاً تلك المتعلقة بالاستهلاك منها مع تفاقم كل من مشكلة الرهن العقاري ومشكلة أسواق الائتمان. فقد ارتفعت مبيعات التجزئة بمعدل 0.3 في المائة خلال آب (أغسطس) الماضي بعد أن بلغت خلال تموز (يوليو) الماضي 0.5 في المائة، وذلك حسب بيانات وزارة التجارة الأمريكية. بينما انخفض الإنتاج الصناعي لأول مرة منذ شباط (فبراير) الماضي ليبلغ معدل الانخفاض خلال آب (أغسطس) 0.3 في المائة، في حين ارتفع خلال تموز (يوليو) بمعدل 0.7 في المائة. هذه البيانات إضافة إلى بيانات الأسبوع الماضي المتعلق بانخفاض عدد الوظائف بواقع أربعة آلاف وظيفة تضع ضغوطاً إضافية على الاحتياطي الفيدرالي من أجل القيام بخفض لأسعار الفائدة إلى معدلات أقل، وذلك من أجل تشجيع الاستثمار من جهة وتخفيض تكلفة الاقتراض من جهة أخرى، والتي تعد المشكلة الرئيسية التي يواجهها قطاع الائتمان حالياً.
على الجانب الآخر يعمل المحللون في الاحتياطي الفيدرالي بشكل متواصل من أجل تحليل بيانات الاقتصاد الكلي باستخدام نماذج تحليل معقدة تحاكي مختلف السيناريوهات الممكنة لمستويات مختلفة من أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، وذلك لتحديد معدل الخفض المناسب لسعر الفائدة، الذي سيتم التصويت عليه خلال اجتماع لجنة سياسات السوق المفتوح يوم الأربعاء القادم الموافق للثامن عشر من أيلول (سبتمبر). وكان آلان جرينسبان في لقاء ظهر في قناة CBS قد أبدى خلاله إعجابه بأداء خلفه بيرنانكي، وذلك على الرغم من الاختلاف الجذري بين الإثنين. ففي حين يعتمد جرينسبان على حدسه الشخي وخبرته المتراكمة، يعتمد بيرنانكي بشكل أكبر على نماذج رياضية معقدة يديرها فريق من الباحثين والمتخصصين في الاقتصاد الكلي في الاحتياطي الفيدرالي، مما يعزل تأثير العامل الشخصي في سياسة الاحتياطي، ويقوي موقفه المتعلق بالسياسات التي يتبناها خصوصاً في جلسات الاستماع أمام الكونجرس. والمشكلة في طريقة عمله تلك هي أن المستثمرين والممارسين في السوق لا يحتاجون إلى أن يتنبأوا بما سيقرره بيرنانكي ليبنوا قراراتهم الاستثمارية على أساسه، ولكن يحتاجون إلى أن يتنبأوا بما ستنتجه نماذجه الرياضية من نتائج، وما سيترتب عليها من قرارات ومن ثم التصرف على أساساها. وهذا الأمر يخلق كثيراً من حالة عدم التأكد في السوق مما تزيد معه مخاطر الاستثمار. ومع البيانات الموجودة حالياً عن الاقتصاد الأمريكي تزداد حالة عدم التأكد بشكل كبير. ففي حين أبدى بعض محافظي البنوك المركزية لبعض المدن الأمريكية رؤية متشائمة بخصوص الركود الاقتصادي، أبدى البعض الآخر رؤية متفائلة بقدرة الاقتصاد على تجاوز هذه المشكلة.
ويبقى السؤالان المهمان اللذان تصعب الإجابة عنهما هو إلى أي حد بلغ الوضع السيئ لقطاع الإسكان؟ وإلى أي حد يؤثر الاضطراب في أسواق المال على قطاعات الاقتصاد الأخرى؟ سؤالان محيران تدور حولهما تساؤلات جميع المحللين سواء المتفائلون منهم أم المتشائمون. والإجابة عن هذين التساؤلين تبقى مرهونة بالقدرة على الوصول إلى بيانات أكثر تتعلق بأداء الاقتصاد وبالقدرة على تحليل هذه البيانات باستخدام نماذج وأدوات تحليل متقدمة، والتي تتوافر في أحسن حالاتها لدى الاحتياطي الفيدرالي نفسه.
وفي جانب إيجابي يتعلق باقتصاد القارة الأوروبية انخفضت معدلات التضخم إلى أقل مستوياتها خلال عشرة أشهر، الأمر الذي يرجعه محللون إلى الانخفاض في أسعار الطاقة. فقد ارتفع المؤشر العام السنوي للأسعار في منطقة اليورو بمعدل 1.7 في المائة في حين بلغ المؤشر نفسه خلال تموز (يوليو) 1.8 في المائة. ويساعد ذلك البنك المركزي الأوروبي على الإبقاء على سعر الفائدة عند مستواه السابق والبالغ 4 في المائة، مما يخفض من تكلفة الاقتراض ويدعم أسواق الائتمان بشكل أفضل. وعلى الرغم من ذلك فالبنك المركزي الأوروبي يظل متمسكاً بسياسته التي أعلنها عندما أعلن الإبقاء على سعر الفائدة الأسبوع ما قبل الماضي، والمتعلقة بزيادة سعر الفائدة لمكافحة التضخم عند الحاجة إلى ذلك.
وفي الصين أقدم البنك المركزي الصيني على زيادة لسعر الفائدة وللمرة الخامسة هذا العام وذلك في مسعى لتهدئة الاقتصاد والذي يعاني وعلى العكس من الاقتصاد الأمريكي من توسع يقود إلى ارتفاع في المعدلات العامة للأسعار. فقد بلغ سعر الفائدة معدل 7.29 في المائة مقارنة بمعدله السابق والبالغ 7.02 في المائة، وذلك ليبلغ معدل الفائدة في الصين أعلى معدلاته خلال تسع سنوات. وكان فائض الميزان التجاري قد بلغ خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام 161.8 مليار دولار، ما يعطي تصوراً عن حجم النشاط الاقتصادي المسعور الذي يشهده الاقتصاد الصيني، والذي أدى بشكل طبيعي إلى ارتفاع في معدلات الأسعار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي