أوروبا تعد بالتيقظ تجاه اليورو القوي وتطالب بالشفافية والرقابة في أسواق المال

أوروبا تعد بالتيقظ تجاه اليورو القوي وتطالب بالشفافية والرقابة في أسواق المال

وعد وزراء المالية الأوروبيون البارحة الأولى بالتيقظ حيال اليورو القوي الذي حرصوا على التخفيف من تأثيره في النمو، وطالبوا بشفافية أكبر بشأن الأسواق حيث أوقعت الأزمة ضحية مميزة في بريطانيا.
وأكد رئيس منتدى وزراء مالية منطقة اليورو (يوروجروب) جان كلود جونكر من لوكسمبورج أثناء اجتماع في بورتو اختتم أمس "نراقب من كثب التطورات" في سوق صرف العملات حيث العملة الأوروبية الموحدة تقترب من عتبة الـ 1.4 دولار, وكرر جونكر ورئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه الموقف التي عبرت عنه الدول الصناعية الكبرى في مجموعة السبع مرات عديدة في الماضي في هذا الخصوص.
وقال تريشيه أثناء المؤتمر الصحافي نفسه إن "تقلبات مفرطة وتحركات فوضوية في سوق صرف العملات أمر غير موات بالنسبة للنمو الاقتصادي". فاليورو القوي يسمح على المدى القصير لمنطقة اليورو بالحد من تأثير ارتفاع أسعار النفط خصوصا وإن فاتورة الطاقة باهظة بالدولار.
لكنه يسيء إلى الصادرات وبالتالي إلى آفاق النمو في وقت يعطى فيه النشاط إشارات تباطؤ في أوروبا بسبب الأزمة المالية خلال الصيف.
من جهته لفت وزير الاقتصاد الفرنسي إلى أن ضعف اليوان الصيني والين الياباني يطرحان "مشكلة" في مجال التجارة العالمية. وعبر وزير المالية البلجيكي ديدييه رندير عن "قلقه لجهة (التأثير) في الصادرات العديدة إلى الولايات المتحدة وإلى الصين أيضا".
واعتبر المسؤولون الأوروبيون أن النمو يبقى متينا وأنه لا داعي للقلق في هذا الخصوص. ويتوقع أن يبقى تأثير الأزمة المالية الأخيرة "محدودا" في رأي المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية جواكين المونيا.
ولم تخفض المفوضية الأوروبية سوى قليل هذا الأسبوع توقعها للنمو لعام 2007 بالنسبة لمنطقة اليورو من 2.6 في المائة إلى 2.5 في المائة, لكن الأزمة المالية التي نشأت في الولايات المتحدة في سوق القروض العقارية
التي تنطوي على مجازفات ما زالت تثير القلق. وقال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك في هذا الصدد "اننا نواجه وضعا خطيرا جدا". والجمعة أوقعت الأزمة ضحية كبرى في بريطانيا حيث لم ينج بنك "نورثرن روك" ثامن مصرف في البلاد من الإفلاس إلا بمساعدة بنك إنجلترا. ولم يعد منافسوه يريدون إقراضه المال.
وكان بنك إنجلترا المركزي قد أعلن أمس الأول تقديم قرض طارئ لمؤسسة نورذرن روك للإقراض العقاري بعد أن أصبحت أكبر ضحية بريطانية حتى الآن للمشكلات الائتمانية التي نتجت عن أزمة قطاع الرهون العقارية عالية المخاطر في الولايات المتحدة. وهذه هي المرة الأولى التي يتصرف فيها البنك المركزي كمقرض الملاذ الأخير بهذه الطريقة منذ أصبح مستقلا في رسم سياسات أسعار الفائدة عام 1997. وقال اليستير دارلنج وزير المالية، إنه خول بنك إنجلترا تقديم مبلغ لم يحدده لـ"نورذرن روك" التي تصدرت قائمة مؤسسات الإقراض العقاري في النصف الأول من العام الحالي. وحصلت بنوك منها بنك باركليز في الشهر الماضي على تمويل لأجل ليلة بمقتضى تسهيلات الإقراض الطارئة لدى البنك المركزي. إلا أن ما حدث اليوم كان أول مرة يصبح البنك المركزي مطالبا فيها بتقديم مساعدات أطول أجلا خلال الأزمة الحالية. وامتنعت مؤسسة نورذرن روك عن التعقيب على تفاصيل الدعم المالي لكن رئيسها التنفيذي آدم ابلجارث قال للصحافيين إن مؤسسته تحتاج إلى مبلغ كبير. وقالت المؤسسة في بيان إن ارتفاع تكلفة التمويل وقرارا بالحد من الإقراض سيؤثران في أرباحها هذا العام والعام المقبل. ومنذ بداية العام انخفضت أسهم "نورذرن روك" نحو 50 في المائة ثم انخفضت 20 في المائة أخرى في تعاملات أمس الأول.
ووجه وزراء الاقتصاد الأوروبيون نداء إلى مزيد من الشفافية ورقابة أكبر على الصفقات في الأسواق المالية. كما انتقدوا دور وكالات التصنيف خصوصا لتساهلها. إلى ذلك وجهت الى فرنسا دعوة حازمة لضبط عجزها. وعبر اللمنتدى عن أسفه لافتقار باريس إلى "الطموح" في هذا المجال وطلب منها احترام تعهد أوروبي يهدف إلى بلوغ التوازن في الحسابات العامة في عام 2010.
من جهة أخرى، دعا وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دور الدول النامية والأقل دخلا في صندوق النقد الدولي.
وقال وزير المالية البرتغالي تيكسيرا دو سانتوس "إننا أكدنا في بياننا بأنه ينبغي أن يتم تعزيز تمثيل الدول الأقل دخلا واتفقنا على أنه ينبغي أن يكون هناك مشاركة أكبر للدول الناشئة في الصندوق بما يتماشى مع مسؤوليتها المتزايدة في الاقتصاد العالمي".
وأضاف الوزير الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي قائلا "إننا أكدنا على أن الاتحاد الأوروبي سوف يكون على استعداد بشكل أفضل لمناقشة الإجراءات والمعايير لمثل عملية الترشيح هذه كجزء من إصلاح المؤسسات النقدية الأخرى" وذلك في إشارة إلى مسألة ترشيح شخصية أوروبية إلى منصب رئاسة صندوق النقد الدولي.
وعلى الرغم من ذلك فإن وزراء مالية الدول الـ 27 في الاتحاد الأوروبي أكدوا خلال اجتماعهم غير الرسمي في مدينة بورتو شمالي البرتغال أمس، مساندتهم دومينيك شتراوس كان للمرشح الفرنسي كي يكون الرئيس المقبل لصندوق النقد الدولي إذ إنه من المقرر أن يتقاعد الرئيس الحالي رودريجو راتو من منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل .
وتلقى شتراوس بالفعل مساندة كبيرة لشغل هذا المنصب لكن عملية الترشيح تعقدت في الشهر الماضي عندما اختارت روسيا محافظ بنك التشيك المركزي جوزيف توزوفسكي لتولي هذا المنصب في خطوة قوبلت بالرفض من جانب التشيك.
ويرأس صندوق النقد الدولي بشكل تقليدي شخصية أوروبية في حين يتولى أمريكي رئاسة البنك الدولي، لكن هذا التقليد قوبل بانتقادات من جانب الدول النامية خلال السنوات القليلة الماضية بدعوى أنه نموذج غير ديمقراطي.

الأكثر قراءة